من وعد بلفور حتى قرار ستارمر.. بريطانيا تصل متأخرة إلى محطة فلسطين

علم فلسطين وبريطانيا
بعد أكثر من مئة عام على وعد بلفور الذي شكل بداية التحول الجذري في مسار القضية الفلسطينية، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اعتراف دولته الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة وصفت بالتاريخية، لأنها جاءت من الدولة التي ارتبط اسمها بمفاصل كبرى في تاريخ فلسطين منذ وعد بلفور وحتى حرب غزة الجارية اليوم.
الحرب العالمية الأولى
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914 ودخول الدولة العثمانية إلى جانب دول المحور، بدأت تفاهمات سرية مع فرنسا وروسيا حول مستقبل الشرق الأوسط، وأسفرت تلك التفاهمات عن اتفاقية سايكس بيكو (1916) التي رسمت خرائط النفوذ وأبقت فلسطين تحت إدارة دولية مؤقتة.
بالتوازي، كانت المراسلات بين الشريف حسين والمندوب السامي البريطاني مكماهون توحي بدعم قيام دولة عربية مستقلة، قبل أن تنطلق الثورة العربية الكبرى، ويتقدم الجنرال البريطاني إدموند ألنبي لانتزاع فلسطين من العثمانيين عام 1917.
وعد بلفور.. نقطة التحول
في نوفمبر 1917، أصدر وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور، رسالته الشهيرة إلى اللورد روتشيلد، معلنًا تأييد الحكومة البريطانية لإقامة "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، تم إدراج هذا الوعد لاحقًا ضمن الانتداب البريطاني على فلسطين (1922)، ليتحول إلى المرجعية القانونية والسياسية للحركة الصهيونية، رغم ما شكله من إنكار لحقوق الغالبية العربية.

ثورة 1936 وخيارات التقسيم
خلال ثلاثينيات القرن الماضي، اندلعت الثورة الفلسطينية الكبرى، احتجاجًا على السياسات البريطانية، فقوبلت بالقمع العنيف، أوصت "لجنة بيل" عام 1937 بالتقسيم كحل وحيد، ما فتح الباب أمام فكرة التهجير الجماعي، وفي عام 1939، صدر "الكتاب الأبيض" الذي حاول التوازن بين العرب واليهود، لكنه لم يوقف تدفق الهجرة اليهودية ولا التوتر المتصاعد.
انسحاب بريطانيا وولادة إسرائيل
مع نهاية الانتداب، امتنعت بريطانيا، عن التصويت على قرار تقسيم فلسطين في الأمم المتحدة عام 1947، لكنها انسحبت رسميًا في مايو 1948، تاركة فراغًا استغلته الحركة الصهيونية لإعلان قيام إسرائيل، اعترفت لندن بالدولة الجديدة أولًا بحكم الأمر الواقع، ثم بحكم القانون عام 1950، فيما كان الفلسطينيون يواجهون النكبة وتهجير ما يقارب 750 ألفًا من أرضهم.
خفوت الدور البريطاني
منذ خمسينيات القرن الماضي، لم تقدم بريطانيا على خطوات جدية لإعادة اللاجئين الفلسطينيين أو لمساءلة إسرائيل بشأن انتهاكها لقرارات الأمم المتحدة، بل انتهجت خلال تلك المرحلة سياسة تتسم بالحذر وتجنب الانخراط المباشر في الصراع، دعمت أحيانًا إسرائيل في حروبها (1956 و1967) لكنها تبنت تدريجيًا خطاب حل الدولتين، وفي الثمانينات، بدأت بريطانيا تدعو إلى تسوية سلمية شاملة.
عام 1980 اعترفت لندن رسميًا بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني وسمحت بفتح بعثة دبلوماسية فلسطينية، لكنها لم تعترف بالدولة الفلسطينية نفسها، وفي 2012، امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة على قرار منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو"، مشترطة العودة إلى المفاوضات المباشرة.
اعتراف بريطانيا بفلسطين
مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة منذ أكتوبر 2023، وما خلفته من أكثر من 65 ألف قتيل فلسطيني ومئات آلاف الجرحى، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أمس، الاعتراف بدولة فلسطين.
وقال ستارمر في بيان مصور: "اليوم، ولإحياء أمل السلام وحل الدولتين، أعلن بوضوح أن المملكة المتحدة تعترف رسميًا بدولة فلسطين"، مؤكدًا أن "اللحظة قد حانت للحفاظ على إمكانية السلام".
عقب الإعلان، سارعت الحكومة البريطانية، إلى تحديث خرائطها ومواقعها الإلكترونية، حيث استُبدلت عبارة "الأراضي الفلسطينية المحتلة" بلفظ "فلسطين"،على الصفحات التي تقدم نصائح السفر والخرائط الرسمية والبعثات الدبلوماسية.

الأكثر قراءة
-
أسوة بـ "الإجراءات الجنائية".. هل يعود قانون الإيجار القديم للبرلمان؟
-
30 سم في القلب.. حلاق ينهي حياة شاب بـ"مقص" في إمبابة
-
هل تزوجت سهير رمزي من سيد متولي طمعا في الملايين؟.. إجابة عمرها 38 عامًا
-
محمد الشيخ.. سينما الكرة في وادي دجلة
-
شهيد لقمة العيش بأسيوط.. مصرع عامل بناء سقط من الطابق الثامن
-
حين يؤجلنا القدر عن الوصول
-
موعد بدء صرف مرتبات سبتمبر 2025.. والأماكن المتاحة
-
ضبط المتهم بتتبع فتاة وارتكاب أفعال خادشة للحياء بكفر الشيخ

أخبار ذات صلة
الاعتراف بدولة فلسطين.. هل يتحول إلى ورقة ضغط على تل أبيب؟
22 سبتمبر 2025 05:28 م
بعد الاعتراف بفلسطين.. الكرملين: حل الدولتين هو الحل لإنهاء الصراع
22 سبتمبر 2025 04:15 م
"قتلوه كالمسيح".. تلميح أمريكي إلى "تآمر يهودي" خلف اغتيال كيرك
22 سبتمبر 2025 03:34 م
يهودي يعرض التبرع لإعمار سوريا.. ماذا كان رد الشرع؟
22 سبتمبر 2025 03:18 م
أكثر الكلمات انتشاراً