الإثنين، 22 سبتمبر 2025

11:04 م

كيف تحول الشرع من مجرم مطلوب مقابل 10 ملايين دولار لضيف البيت الأبيض؟

 الرئيس السوري أحمد الشرع

الرئيس السوري أحمد الشرع

فتح طلب الرئيس السوري أحمد الشرع لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجددًا، لاستعادة العلاقات بصورة "مباشرة وجيدة" بين البلدين، الباب للتساؤل حول "كيف تحول "أبو محمد الجولاني" المطلوب للعدالة الدولية إلى أحمد الشرع الذي يُمهد له الطريق لدخول البيت الأبيض؟".

وخلال مقابلة مع شبكة “CBS News”، اعتبر الشرع أن ترامب "قام بخطوة كبيرة جدًا تجاه سوريا برفع العقوبات بقرارات سريعة، وشجاعة، تعكس الاعتراف بأن سوريا يجب أن تكون آمنة، ومستقرة، وموحدة".

ابن عائلة “تقدمية” يتحول لإرهابي مطلوب

وكشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية، “أنه طوال العقدين الماضيين، لم يستخدم الحاكم الفعلي لمعظم سوريا اسمه الحقيقي إطلاقًا. فأحمد الشرع، الذي نشأ في أسرة تقدمية في حي راقٍ بدمشق ودرس الطب، اختفى تمامًا، وحل محله أبو محمد الجولاني، وهو اسم حركي صاغه الباحثون عن هويات جديدة تفوح منها رائحة المجد الإسلامي التاريخي، ويوفر لهم غطاءً من الإخفاء”.

ووفق الصحيفة قتـل الجولاني الجنود الأمريكيين في العراق إلى جانب المتمردين الجهاديين بين عامي 2003 و2006، ثم سُجن هناك لمدة خمس سنوات في معسكرات الاعتقال. وكان أيضًا هو من عاد إلى سوريا عام 2011 ليلعب أدوارًا مهمة في حملات كل من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتنظيم القاعدة لاحقًا، وصنفته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى كإرهابي ورصدت مكافأة 10 ملايين دولار لمن يأتي برأسه.

وبحسب الصحيفة سيطر الجولاني على جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية، وفرض حكمه منذ عام 2017 على مليوني شخص في محافظة إدلب شمال غرب سوريا. وهو من أطلق تحالفًا للمعارضة تهيمن عليه هيئة تحرير الشام في حملته الشرسة التي استمرت 12 يومًا وانتهت في دمشق يوم الأحد.

لماذا اختار الغرب الشرع؟

ونقلت شبكة “إيه بي نيوز” عن توماس واريك، المحامي الدولي ومساعد وزير الأمن الداخلي السابق لمكافحة الإرهاب، أن الشرع “كان فتى هادئًا ومجتهدًا وذكيًا للغاية، وفقًا لجميع التقارير التي تلقيناها عنه عندما كان زعيمًا إرهابيًا".

و"على النقيض من بعض الزعماء الإرهابيين ــ بما في ذلك أبو بكر البغدادي، الزعيم الراحل لتنظيم داعش، وأيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الراحل والمتهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر الإرهابية ــ لم يكن الشرع معروفًا بأنه زعيم كاريزمي"، بحسب واريك.

أحمد الشرع

وقال واريك الذي عمل في ظل إدارات الرؤساء جورج دبليو بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب خلال فترة ولايته الأولى في البيت الأبيض: "إنه لا يجتذب أتباعًا متعصبين بالطريقة نفسها التي فعلها أولئك القادة الإرهابيون، ومن المؤكد أنه ليس معروفًا كعالم ديني مثل أنور العولقي من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

وأوضح واريك أن الشرع بدأ "ما يمكن اعتباره إما فرض ضرائب أو ابتزاز" على الشاحنات التي تعبر من تركيا إلى سوريا، من أجل توليد الإيرادات لمجموعته.

وتابع واريك: "استخدم الضرائب لجمع الأموال من الشركات ومن أي شخص يرغب في العبور أو البقاء. وهذا ما مكّنه من أن يصبح أحد أكثر أمراء الحرب فعالية في ذلك الجزء من شمال غرب سوريا".
 

البديل الأمريكي “المتطرف” للأسد

وأضاف واريك: "ما لم يُدركه أحدٌ حقًا هو هشاشة قوات الأسد، وهكذا بدأ هذا "الجهد المحدود" يتحول إلى انهيار جليدي ينحدر إلى أسفل التل. واكتسب زخمًا، وقاد الشرع في النهاية إلى الاستيلاء على دمشق في غضون أسابيع".

ونقلت الشبكة عن جون كوهين، وكيل وزارة الأمن الداخلي السابق لشؤون الاستخبارات: "كانت هناك دائما إمكانية أنه بمجرد حدوث فراغ في السلطة، فإن ذلك قد يملأه شخص مرتبط بإحدى الجماعات الأكثر تطرفًا أو ارتباطًا بالإرهاب".

وأوضح كوهين، إن الولايات المتحدة ليس لديها خيار سوى التعامل مع الشرع، مبينًَا أن استقرار سوريا أمر حيوي لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها.

بينما أضاف شيراز ماهر، الخبير في الإسلام السياسي في كلية كينجز كوليدج بلندن، أن "الشرع شخص متغير تمامًا. لقد خاض رحلة، وفي إدلب طوّر لاهوتًا براجماتيًا".

وتابع: “هذا ليس تحولًا مفاجئًا؛ فالشرع، حتى في صورته السابقة، انقلب على كل من القاعدة وداعش، فقاتل مسلحيهما، وطهّر جماعته بوحشية من أي شخص يُشتبه في ازدواجية ولائه، ورغم أنه صرّح مؤخرًا بأنه لم يندم على الاحتفال بهجوم القاعدة على الولايات المتحدة عام 2001، إلا أن قلة من الناس يشكون في أن الزعيم السوري الجديد قد رفض بصدق رؤية المتشددين لحملة عالمية، لا حدود لها لا في الزمان ولا في المكان، ضد القوى الغربية أو غيرها من أعضاء ما يُسمى بالتحالف الصليبي الصهيوني”.

علاقاته مع المخابرات الأمريكية والبريطانية

من جانبه أوضح السفير الأمريكي الأسبق في سوريا روبرت فورد، خلال محاضرة أن المنظمة الدولية البريطانية "جوناثان بأول انترمدت" دعته عام 2023 للمساعدة بعملية إعادة تأهيل الشرع، وهذه مؤسسة أسسها جوناثان بأول وهو خبير دولي تحدث مع الإرهابيين لإعادة تأهيلهم وإعادة اندماجهم في المجتمع، لأنه وفقًا للغرب أقل تكلفة من الحروب.

وكان بأول من الشخصيات التي التقت الشرع عام 2021، وهو مقرب من المخابرات الأمريكية، وصديق رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، ولعب دورًا أساسيًا، إضافة إلى روبرت فورد مع الأجهزة الأمريكية والبريطانية التي حركت الجولاني ووضعت الخطة التي أوصلته إلى سدة الحكم في دمشق.

القناة الـ24 العبرية، بدورها قالت إن أجهزة الأمن البريطانية والأمريكية كانت على تواصل مع الشرع وهي التي اختارته منذ عدة سنوات وكانت شريكًا أساسيًا معه، حتى أنه تلقى دعمًا ماليًا، فهناك تقرير عسكري أمريكي تحدث عن تقديم 100 مليون دولار في إدلب لدعم الجولاني اقتصاديًا في المناطق التي يسيطر عليها، وحتى تبقى الأمور مستقرة هناك.

أحمد الشرع ـ محمد بن سلمان ـ دونالد ترامب

اللقاء الأول مع ترامب

وكان قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقاءه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو قبلة الحياة لنظام الشرع الوليد، لرفع العقوبات الأمريكية على سوريا.

وتشمل الشروط التي وضعها ترامب من أجل تطبيع العلاقات مع الشرع؛ ترحيل الفلسطينيين، وإصدار أوامر لجميع الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا، ومساعدة الولايات المتحدة في منع عودة داعش، وتوقيع اتفاقيات إبراهيم؛ وهي سلسلة من الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في عام 2020 لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.

ضيف في الأمم المتحدة

وصل الشرع إلى نيويورك يوم الأحد للمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو أول رئيس سوري يفعل ذلك منذ ما يقرب من ستة عقود، حيث شهد العام 1967 آخر مرة حضر فيها رئيس دولة سوري الجمعية العامة، وكان ذلك قبل حكم عائلة الأسد الذي دام خمسين عامًا، وانتهى في ديسمبر بعزل الرئيس بشار الأسد في هجوم مباغت للمتمردين بقيادة الشرع. 

search