
سر نجمة داوود.. من رمز مسروق إلى أداة للهيمنة
لم تولد نجمة داوود في حضن اليهودية، ولم تكن يومًا شعارًا دينيًا أصيلًا كما يروَّج اليوم، بل هي رمز قديم عابر للحضارات. من المعابد المصرية الفرعونية إلى الزخارف البابلية والآشورية والهندية، ظهر الشكل السداسي – مثلثان متداخلان – كرمز كوني مرتبط بقوى الطبيعة، والتوازن بين الذكر والأنثى، والنور والظلام.
في الهندوسية كان يُستخدم للدلالة على اتحاد الروح بالمادة. في مصر القديمة ارتبط بفكرة حماية الملوك والآلهة. وفي بابل كان رمزًا سحريًا يُعتقد أنه يحمي من الأرواح الشريرة. أي أنه رمز أسطوري سحري الطابع، لم يكن له علاقة باليهودية أصلًا.
اليهود في بداياتهم لم يعرفوا “نجمة داوود” كشعار ديني. على العكس، رمزهم الأبرز كان الشمعدان السباعي (المينوراه)، الذي ورد في التوراة وارتبط بهيكل سليمان. أما النجمة السداسية، فلم تظهر في التاريخ اليهودي إلا متأخرًا جدًا في القرون الوسطى، خاصة في أوروبا الشرقية، حيث استخدمت كعلامة على بعض المعابد، لكن بلا قداسة حقيقية.
التحول الكبير حدث مع الحركة الصهيونية في القرن التاسع عشر. كانت تبحث عن رمز قوي يجذب اليهود من أنحاء العالم، ويربطهم بهوية “قديمة” ولو كانت مختلقة. فتم اختيار “نجمة داوود” لسبب بسيط: شكلها الهندسي لافت، وأسطورتها غامضة، وسهل تسويقها كرمز موحّد. وهكذا تحولت فجأة من زخرفة غامضة إلى “هوية أمة” مزعومة.
لكن السر الأخطر هو في الدلالة السياسية:
• المثلث المتجه لأعلى يرمز إلى السيطرة الروحية (السماء).
• المثلث المتجه لأسفل يرمز إلى السيطرة المادية (الأرض).
وعند تداخل الاثنين، تصبح الرسالة واضحة: “نحن نملك الأرض والسماء معًا، الماضي والمستقبل، الروح والجسد”.
بهذا، لم تعد نجمة داوود مجرد شعار؛ بل تحولت إلى خريطة هيمنة خفية. تُرفع على العلم الإسرائيلي، على الدبابات والطائرات، وعلى جوازات السفر، لتغرس في اللاوعي أن إسرائيل كيان مقدّس لا يمكن تجاوزه. لكنها في الحقيقة ليست إلا رمزًا مسروقًا، جرى إعادة تدويره لتبرير مشروع استيطاني دموي.
واليوم، بدلًا من أن تبقى النجمة السداسية رمزًا للانسجام الكوني كما كانت في الحضارات القديمة، صارت في الوعي العالمي الحديث مرتبطة بـ الحروب، والاحتلال، والدماء التي تسيل تحت ظلها.
ويبقى السؤال الذي لن يجيب عنه الصهاينة:
إذا كانت نجمة داوود فعلًا رمزًا دينيًا خالصًا، فلماذا لم يعرفها أنبياؤهم وكتبهم المقدسة؟
ولماذا احتاجوا أن يسرقوها من حضارات أخرى ليُقيموا عليها علمًا ومشروعًا مزيفًا؟

الأكثر قراءة
-
قصة عن تطوير الذات الصف السادس الابتدائي
-
من مساعد مدرب إلى بطل دوري وكأس.. تعرف على مدرب الأهلي الجديد
-
موعد مباراة الأهلي والزمالك والقنوات الناقلة في الدوري الممتاز
-
أخذ أموال والدته لشراء المخدرات.. فحص فيديو لشاب يعتدي على والدته
-
في ذكرى رحيله.. حكاية أشهر صورة لجمال عبدالناصر
-
تطاولوا على مدير مدرسة.. إجراء صارم من تعليم الفيوم ضد 5 طلاب
-
"مدرس عربي وفرنساوي لحد مايجيبوا".. مدرسة بلا معلمين وتعليم المنيا تتدخل
-
تحضير دين الصف الثالث الابتدائي الترم الأول 2025-2026

مقالات ذات صلة
أوروبا تكسر الصمت.. صفعة الاعتراف بفلسطين
24 سبتمبر 2025 11:39 ص
لماذا أصبحت العلاقات الإنسانية مجرّدة من الإنسانية؟
20 سبتمبر 2025 10:31 ص
حتى لا ينتهي "دور البطولة" بطلاق رمادي
18 سبتمبر 2025 04:34 م
بعد القمة العربية والاجتياح البري لغزة: كفى عجزًا واستسلامًا!
17 سبتمبر 2025 11:24 ص
أكثر الكلمات انتشاراً