الإثنين، 06 أكتوبر 2025

10:34 م

في أولى قضايا دارفور.. إدانة تاريخية لـ علي كوشيب بـ28 تهمة

محمد علي عبد الرحمن المعروف باسم "علي كوشيب"

محمد علي عبد الرحمن المعروف باسم "علي كوشيب"

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، يوم الاثنين، حكمًا بإدانة علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسم "علي كوشيب"، في 28 تهمة من أصل 31 وُجّهت إليه، ليكون بذلك أول حكم نهائي تصدره المحكمة بشأن الجرائم المرتكبة في إقليم دارفور غربي السودان بين عامي 2003 و2004.

ويغلق الحكم فصلًا دامياً من تاريخ السودان، بينما يعيد إلى الواجهة الجدل حول مصير الرئيس المعزول عمر البشير وعدد من مساعديه المطلوبين للعدالة الدولية، وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز".

إدانة بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب

أكدت المحكمة أن كوشيب أُدين في 27 تهمة تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، من بينها القتل، الاغتصاب، الاضطهاد، والنهب، مشيرة إلى أن العقوبة النهائية ستُحدد في جلسات لاحقة.

وقال القاضي في حيثيات الحكم إن كوشيب "نسّق عملياته مع أحمد هارون"، أحد أبرز مساعدي البشير والمطلوب كذلك لدى المحكمة، بالإضافة إلى ضباط ومسؤولين آخرين في الحكومة السودانية آنذاك.

مسيرة طويلة من الملاحقة

بدأت المحكمة الجنائية الدولية ملاحقة كوشيب في عام 2007، ضمن قائمة المتهمين بجرائم دارفور، والتي تشمل البشير وعدداً من قيادات نظامه.

وفي أبريل 2020، فاجأ كوشيب العالم بتسليم نفسه طوعًا للمحكمة في جمهورية أفريقيا الوسطى، بعد سنوات من الاختباء، بينما لا تزال المحكمة تواجه تحديات في القبض على البشير، الذي تشير تقارير حقوقية إلى أنه يعيش تحت حماية الجيش السوداني.

"امسح.. اكسح.. وما تجيبه حي"

وخلال جلسات المحاكمة التي بدأت في مايو 2021، وُجهت إلى كوشيب 31 تهمة، استند الحكم فيها إلى أدلة على قتل أكثر من 260 شخصًا، واغتصاب عشرات النساء، إضافة إلى أعمال نهب وحرق وترويع المدنيين في مناطق متفرقة من غرب دارفور.

وأكدت المحكمة أن كوشيب قاد بنفسه بعض الهجمات، وشارك في أخرى إلى جانب القوات الحكومية في بلدات كودوم وبنديسي ومكجر وأروالا، مشيرة إلى وجود تنسيق مباشر مع مسؤولين في حكومة الخرطوم.

واستند القضاة في أحد بنود الإدانة إلى توجيهات صادرة من أحمد هارون، الذي اشتهر بعبارته: "امسح، اكسح، وما تجيبه حي"، والتي اعتُبرت دليلاً على وجود سياسة قتل ممنهجة ضد المدنيين في دارفور.

من زعيم قبلي إلى قائد ميليشيا

وُلد كوشيب عام 1949، وكان أحد القادة القبليين البارزين في منطقة وادي صالح بولاية وسط دارفور، وعضوًا في قوات الدفاع الشعبي. 

ومع اندلاع النزاع في 2003، شكّل ميليشيا محلية ضمت أكثر من 10 آلاف مقاتل، أغلبهم من أصحاب السوابق في النهب وحرق القرى، ولعب دورًا كبيرًا في تجنيد الميليشيات ضمن استراتيجية نظام البشير لمواجهة التمرد المسلح.

دارفور.. جرح لم يلتئم

اندلعت الحرب في دارفور عام 2003، وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف وتشريد قرابة 3 ملايين شخص، وسط اتهامات واسعة للحكومة السودانية وميليشياتها بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي.

ويُتوقع أن يشكل هذا الحكم ضد كوشيب سابقة قانونية وتاريخية في مسار العدالة الدولية، بينما يبقى مصير البشير ومعاونيه معلقًا بين مطالب المحكمة الجنائية وضمانات الجيش السوداني.

search