صدمة قارية وجنسيات مزدوجة.. مشاهد رياضية "لا تُنسى" بين مصر وأمريكا

دونالد ترامب والرئيس السيسي
شهدت مصر حدثًا بارزًا باستقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أول زيارة رسمية له، بعد تلبية دعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وسط أجواء سياسية وإقليمية حساسة.
وجاءت الزيارة لتؤكد دور مصر المحوري في المنطقة، خاصة بعد توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والمشاركة في القمة المصرية بمدينة شرم الشيخ، التي جمعته بعدد من القادة العرب والأوروبيين.
وعلى مدى أكثر من قرن، لعبت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة دورًا مهمًا على الصعيدين السياسي والرياضي، إذ بدأت الروابط الرياضية بين البلدين منذ أواخر القرن التاسع عشر، بعد أول مباراة بيسبول أمام أهرامات الجيزة عام 1889، لتصبح الرياضة وسيلة للتقارب الثقافي والدبلوماسي بين البلدين إلى جانب التعاون السياسي.
ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقة بين البلدين مسارًا متصاعدًا، شمل مشاركة المصريين في البطولات الأولمبية، وانتقال بعضهم إلى الأندية والجامعات الأمريكية.
وبدأت أولى الحكايات الرياضية بين البلدين في 9 فبراير 1889، عندما أقيمت أول مباراة بيسبول أمام أهرامات مصر.
وواجه منتخب مصر أبرز نجوم البيسبول الأمريكيين في نادي "وايت ستوكينجز"، وانتهت المباراة بفوز الأمريكيين 10-6، ووصف الإعلام الأمريكي هذا اللقاء بالأجمل والأعظم في تاريخ البيسبول.
وفي عام 1924، بات توفيق عبد الله أول مصري يشارك في منافسات رياضية على الأراضي الأمريكية، بعد أن مثل المنتخب في دورة أنتويرب الأولمبية 1920، ثم احترف في الدوري الإنجليزي قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة ويحرز لقب هداف الدوري الأمريكي عام 1925.

وأتاحت مشاركة اللاعبين المصريين في البطولات الدولية مثل الألعاب الأولمبية وألعاب البحر الأبيض المتوسط، فرصة التواصل مع الرياضيين الأمريكيين وأساليب التدريب المتقدمة، خاصة في الملاكمة ورفع الأثقال وألعاب القوى، التي تفوقت فيها مصر آنذاك.
دبلوماسية الرياضة
كما أصبحت الرياضة أداة دبلوماسية مهمة، مع ازدياد أعداد الطلاب المصريين في برامج التبادل الثقافي مثل منح فولبرايت الأمريكية، إذ انضم بعضهم إلى فرق رياضية أمريكية.
وشهدت دورة لوس أنجلوس الأولمبية عام 1984 أول لقاء رسمي بين فرق مصرية وأمريكية، إذ شاركت فرق كرة القدم وكرة السلة وكرة الطائرة.
رغم خسارة منتخب السلة في جميع مبارياته والمنتخب الطائرة أيضًا، تمكن منتخب كرة القدم من الفوز على كوستاريكا، والتعادل مع المنتخب الأمريكي قبل أن يخرج أمام فرنسا في دور الثمانية.
وفي نفس الدورة، سجل محمد رشوان أكبر إنجاز مصري في أمريكا حين حصل على الميدالية الفضية للجودو.
مع ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، أنتجت الجالية المصرية في الولايات المتحدة، جيلًا جديدًا من الرياضيين المصريين الأمريكيين في كرة القدم وكرة السلة.
بدأت الجامعات الأمريكية في استقطاب السباحين ولاعبي الاسكواش المصريين، مع بروز أسماء مثل علاء عبدالنبي الذي أصبح أول مصري يصل إلى دوري NBA، وأماندا صبحي التي برزت عالميًا في الاسكواش.
كما انضم لاعبو كرة القدم المصريون إلى الأندية الأمريكية، حيث لعب العديد من المصريين بينهم فاروق جعفر، أسامة خليل، عمر جابر، محمد فهيم وعمرو طارق، إلى جانب لاعبي الإسكواش والسباحة وكرة اليد والطائرة وكرة السلة.
وفي عام 1999، أصبح لاعب كرة السلة المصري المولد علاء عبدالنبي، الذي تألق في جامعة ديوك ولعب لاحقًا في دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA)، أول مصري يصل إلى دوري كرة السلة الأمريكي الممتاز.
مزدوجي الجنسية
وبرزت العلاقة الرياضية بين مصر والولايات المتحدة من خلال عدد من اللاعبين مزدوجي الجنسية، من أبرز هؤلاء عمرو علي، الذي وُلد في القاهرة ونشأ في بروكلين، وتألق في جامعة كولومبيا وفاز بجائزة Hermann Trophy عام 1984 ولعب 8 مباريات دولية مع المنتخب الأمريكي.
ونشأ شادي عمر، مهاجم أمريكي من أصول مصرية، في ميشيجان، ولعب في الدوري المصري الممتاز والجامعات الأمريكية، قبل أن يعود مجددًا للعب في مصر والدوري الأمريكي.
كما يمثل عبد اللطيف أبو قورة (2004) الجيل الجديد من اللاعبين مزدوجي الجنسية، حيث يلعب حاليًا مع Loudoun United FC وشارك مع منتخب مصر تحت 20 عامًا.
أما عمرو طارق، فقد ولد في لوس أنجلوس ولعب للمنتخب المصري، وخاض مواسم في الدوري الأمريكي للمحترفين (MLS) مع أندية كولومبوس كرو وأورلاندو سيتي ونيويورك ريد بولز قبل أن يعود للدوري المصري ليلعب لعدة أندية أبرزها الجونة وطلائع الجيش.

وأبرزت الجامعات الأمريكية أيضًا مواهب نسائية مثل ليلى البهيري ونادية رمضان ورنا حسين، الذين جمعوا بين التدريب في NCAA والمشاركة مع المنتخبات المصرية.
صدمة كأس القارات
وعلى صعيد المواجهات، لعب منتخب مصر لكرة القدم أمام نظيره الأمريكي للمرة الأولى في عام 1987 وديًا، ليفوز الفراعنة بنتيجة 3-1.
في 21 يونيو 2009، التقى منتخب مصر بأمريكا مجددًا على ملعب رويال بافوكينج بروستنبرج ضمن بطولة كأس القارات.
وقدم الفراعنة أداءً رائعا في البطولة حين فاز المنتخب المصري بهدف أمام إيطاليا بطل العالم وخسر بصعوبة بالغة أمام البرازيل 3-4.
وقبل المباراة توقع الجميع، فوز المنتخب المصري على نظيره الأمريكي بسهولة، لكنه تلقى صدمة قوية بالخسارة بثلاثية ليخرج من دور المجموعات، وجاءت الأهداف عن طريق ديفيز ومايكل برادلي وكلينت ديمبسي.

الفرعون الأمريكي الذي أحب مصر
في 14 سبتمبر 2011، تم تعيين الأمريكي بوب برادلي مدربًا للمنتخب المصري لكرة القدم، وكانت أول مباراة له ودية ضد البرازيل في 14 نوفمبر، وانتهت بخسارة المنتخب 2-0.
قاد المنتخب بنجاح في مبارياته الست الأولى ضمن تصفيات كأس العالم 2014، لكنه خسر بشكل حاسم أمام غانا في الدور الثالث، ولم يتم تجديد عقده بعد ذلك.
وسلط الفيلم الوثائقي "الفرعون الأمريكي"، من إخراج حسام أبو المجد وعُرض على قناة PBS في 16 يونيو 2014، الضوء على فترة برادلي مع المنتخب المصري.
وذُكر في الفيلم الوثائقي: “حين جاء المدرب الأمريكي بوب برادلي إلى القاهرة في خريف 2011، كانت مصر تخرج من رحم الثورة، مثقلة بالأحلام، والدموع لم يكن مجرد مدرب أجنبي يبحث عن عقد جديد، بل بدا كمن يدخل قلب العاصفة باختياره، لا صدفةً”.

وتابع: "منتخب مصر كان المرآة التي تعكس الحال، فريق تائه بين ماضي المجد وحاضر محاولة النهوض مجددا، لا يعرف إلى أين يسير، برادلي عاش في القاهرة، سار في شوارعها، تحدث إلى الناس، وبعد توقف كرة القدم بسبب حادثة بورسعيد، وقتها، توقف الدوري، خيم الصمت على الملاعب".
وواصل: “مع توقف النشاط المحلي، كان على برادلي أن يبني فريقًا من بقايا الحلم، لاعبو الأهلي والزمالك يلعبون بلا دوري ولا جمهور، ومع ذلك، كان المنتخب ينتصر، واحدًا تلو الآخر، في تصفيات كأس العالم 2014، أصبح الحلم قريبًا على نحوٍ مفاجئ، بدا وكأن المصريين سيعودون للمونديال بعد غياب دام أكثر من عقدين، لكن القدر كان يُخبئ صدمة موجعة في المحطة الأخيرة أمام غانا، ليخسر الفراعنة بسداسية”.
ويقول برادلي: “في كل مرة نظرت فيها إلى اللاعبين، رأيت رجالًا يقاتلون من أجل بلدهم، ربما خسرنا المباراة، لكننا لم نخسر أنفسنا".
الأهلي يلمع في سماء أمريكا
في عام 2012، استضافت وزارة الخارجية الأمريكية ونادي دي سي يونايتد مجموعة من المدربين المصريين، حيث أجرى المشاركون ورش عمل ومباريات تدريبية مع لاعبين أمريكيين شباب، وحضروا جلسات تدريبية لكرة القدم الأمريكية.
وفي منتصف عام 2024، أعلن النادي الأهلي عن إطلاق شبكة من أكاديميات الشباب في الولايات المتحدة وكندا، بهدف نقل منهجيته التدريبية إلى لاعبي أمريكا الشمالية وإشراك الجالية المصرية هناك.
وفي فبراير 2023، شهدت مدينة طنجة المغربية أول مباراة رسمية تجمع بين نادٍ مصري وآخر أمريكي ضمن بطولة كأس العالم للأندية 2022، إذ فاز الأهلي على نظيره سياتل ساوندرز الأمريكي بهدف دن رد.

وخاض المارد الأحمر مباراته الثانية أمام نادٍ أمريكي ضمن افتتاح بطولة كأس العالم للأندية أمام إنتر ميامي بقيادة الأسطورة ليونيل ميسي.
وقدم الأحمر أداءً قوياً ومميزًا منذ البداية، حيث سيطر على مجريات اللعب وخلق العديد من الفرص الهجومية، إلا أن هذه الجهود لم تُترجم إلى أهداف، لتنتهي المباراة بالتعادل السلبي.
خيانة أم احتراف؟
في يناير 2024، انضم وسام أبو علي إلى الأهلي بعقد لأربع سنوات ونصف، وفاز مع المارد الأحمر بدوري أبطال أفريقيا والدوري المصري الممتاز، وكان هداف المسابقة برصيد 18 هدفًا.
كما سجل هاتريك في كأس العالم للأندية 2025 ضد بورتو، ليصبح أول لاعب آسيوي وعربي يحقق هذا الإنجاز.
تمرد المهاجم الفلسطيني للرحيل عن الأهلي باتجاه الدوري الأمريكي وتحديدًا نادي كولمبوس كرو قبل بداية الموسم الجاري، لتهاجم جمهور المارد الأحمر اللاعب واعتبرتها "خيانة كروية" خاصة بعد تألقه مع الأهلي.
ورفض الأهلي في البداية احتراف وسام، قبل أن يرضخ لضغوط اللاعب الفلسطيني بعد اعتذاره للنادي وجماهيره.
في يوليو 2025، انتقل أبو علي إلى كولومبوس كرو، وشارك لأول مرة في أغسطس 2025، في الخسارة 1–2 أمام نيو إنجلاند ريفولوشن.
اقرأ أيضا: بمساهمة الأهلي والزمالك.. كيف جسدت الرياضة عمق العلاقة التاريخية بين مصر وفلسطين؟
اقرأ أيضا: الاعتماد على الأجانب بينها.. أسباب أزمة الظهير الأيسر بالكرة المصرية

الأكثر قراءة
-
رفض استكمال الرحلة.. ضبط سائق تجاوز في حق سيدة بالأقصر
-
ولي أمر يتعدى على مسؤولي مدرسة في أسيوط.. كيف تحركت نقابة المعلمين؟
-
مصادر: استشهاد الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي
-
بعد استشهاده.. من هو الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي؟
-
بين إسرائيل وعائلة درموش.. من قتل صالح الجعفراوي؟
-
من حرب لاتفاق سلام.. لماذا غيّر ترامب دوافعه تجاه غزة؟
-
بعد اشتباكها مع حماس.. من هي عائلة دغمش المسلحة في غزة؟
-
حقيقة وقوع انفجار اليوم في مناطق شرق القاهرة

أخبار ذات صلة
3 أدباء كرمتهم مصر بـ"قلادة النيل"
13 أكتوبر 2025 01:39 م
بمساهمة الأهلي والزمالك.. كيف جسدت الرياضة عمق العلاقة التاريخية بين مصر وفلسطين؟
13 أكتوبر 2025 12:16 م
من السادات ومانديلا لمجدي يعقوب.. هؤلاء حصلوا على قلادة النيل قبل ترامب
13 أكتوبر 2025 10:24 ص
من حرب لاتفاق سلام.. لماذا غيّر ترامب دوافعه تجاه غزة؟
12 أكتوبر 2025 09:23 م
أكثر الكلمات انتشاراً