الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025

11:56 م

حسن الأسمر، صدفة جعلته أيقونة الحزن الشعبي وأغاني خالدة في "كتاب حياته"

حسن الأسمر

حسن الأسمر

يُعد الفنان حسن الأسمر، واحدًا من أبرز نجوم الغناء الشعبي الذين تركوا بصمة خالدة في وجدان الجمهور المصري، بصوته المميز وأسلوبه الفريد الذي جمع بين الشجن والإحساس الشعبي الأصيل، وتميز بقدرته على التعبير عن مشاعر البسطاء، لتصبح أغانيه مرآة حقيقية لنبض الشارع المصري وأحلامه.

ذكرى ميلاد الفنان حسن الأسمر 

ويوافق اليوم 21 أكتوبر، ذكرى ميلاد الفنان حسن الأسمر عام 1959، الذي يُعد من رموز الأغنية الشعبية في مصر، وصاحب الصوت العذب والأداء الصادق الذي لا يزال حاضرًا في ذاكرة الجمهور المصري والعربي، فقد غنّى للبسطاء ومن أجلهم، ليحجز لنفسه مكانة استثنائية في قلوب محبيه، مستحقًا عن جدارة لقب "أمير الأغنية الشعبية".

حسن الأسمر 

البدايات.. من التمثيل إلى الغناء “صدفةً”

لم يكن الغناء يومًا هدفًا في حياة حسن الأسمر، فقد بدأ طريقه الفني من قصور الثقافة كممثل يحلم بالوقوف أمام الكاميرا، معتبرًا التمثيل بوابته إلى الشهرة، لكن القدر كان له رأي آخر؛ فخلال إحدى البروفات استمع أحد الحاضرين إلى صوته وهو يغني صدفة، فأُعجب بإحساسه وشجّعه على الاتجاه إلى الغناء.

استجاب الأسمر للنصيحة، وتقدّم إلى إحدى شركات الإنتاج التي كانت تبحث عن أصوات جديدة، وهناك أدّى مجموعة من المواويل التي كشفت عن طاقة صوتية فريدة، فتم التعاقد معه لتبدأ رحلته الفنية الحقيقية.

من العباسية إلى قمة الشهرة

وُلد الفنان حسن الأسمر في حي العباسية بالقاهرة، وينحدر من أصول صعيدية تعود إلى محافظة قنا، ورغم نشأته في العاصمة، حمل صوته نكهة الجنوب ودفء التراث الشعبي.

بدأ مشواره الفني في ثمانينيات القرن الماضي، واستطاع أن يفرض نفسه سريعًا كأحد أبرز نجوم الأغنية الشعبية، بفضل قدرته على المزج بين الألحان الموروثة وروح العصر الحديث، ليصبح صوتًا نابضًا يعبر عن هموم وأحلام الشارع المصري.

بداية مسيرة حسن الأسمر الفنية

انطلقت مسيرته من شارع محمد علي، معقل الفن الشعبي، حيث ذاع صيته كمطرب يمتلك قدرة نادرة على أداء المواويل المؤثرة، وكانت بدايته القوية مع أغنية “عليل أنا يا تمر حنة“ التي حققت نجاحًا واسعًا، ليتبعها بعد ذلك ألبوم “عيون ست البنات” عام 1984، ثم تتوالى النجاحات بأغنيات خالدة، أبرزها “كتاب حياتي يا عين” التي أصبحت علامة في تاريخ الأغنية الشعبية لما تحمله من مشاعر حزينة صادقة جعلت الجمهور يرددها جيلاً بعد جيل.

ورغم شهرته الكبيرة في عالم الغناء، ظل الأسمر متمسكًا بحلمه الأول في التمثيل، فشارك في عدد من المسرحيات والأعمال الدرامية التي أثبتت موهبته التمثيلية، وقال في أحد لقاءاته: "كنت خايف أشتغل في المسرح، لأنه مكان كبير وفيه عمالقة، لكن كان لازم أكون قد المكان".

وأشار إلى أن بعض أغنياته الشهيرة، مثل “كتاب حياتي”، تم تعديل كلماتها لتناسب العروض المسرحية، مع الاحتفاظ بألحانها الأصلية التي وضعها بنفسه تحت اسم مستعار هو حسن عبد العزيز.

“كتاب حياتي يا عين”.. أيقونة الحزن الشعبي

في عام 1991، قدّم حسن الأسمر أغنيته الأشهر “كتاب حياتي يا عين”، التي تحولت سريعًا إلى نشيد شعبي يردده المصريون في الأفراح والمآتم على حد سواء.

لم تكن مجرد أغنية، بل حالة وجدانية كاملة عبّر فيها عن فلسفة الحياة ببساطة وصدق، لا سيما في مقطعها الشهير: “الفرح فيه سطرين.. والباقي كله عذاب”، وهذا المقطع أصبح أيقونة للحزن الشعبي ومثالًا على القدرة على تحويل الألم إلى فن خالد برؤية إنسانية وصوت صادق، رسم حسن الأسمر بهذه الأغنية ملامحه الفنية، وأثبت أنه ليس مجرد مطرب شعبي، بل صوت معبّر عن وجدان الناس.

كتاب حياتي يا عين.. في ذكرى رحيل حسن الأسمر ملامح من مشواره في الغناء  والتمثيل

أغاني خالدة ومسيرة لا تُنسى

سطع نجم حسن الأسمر في سماء الغناء الشعبي من خلال مجموعة من الأغاني التي أصبحت علامات خالدة في تاريخ الفن المصري، أبرزها: “كتاب حياتي يا عين”، "لا يا حبيبي"، “أنا أهو وإنت أهو”، “توهان”، و"سمارة"، التي جسدت مشاعر الشارع المصري بصدق وعفوية.

موهبة لم تقتصر على الغناء

لم يتوقف عطاؤه عند حدود الطرب، بل امتد إلى الدراما والمسرح، حيث قدّم أدوارًا بارزة أبرزها مشاركته في مسلسل "أرابيسك" الذي ترك فيه بصمة مميزة، إلى جانب مشاركته في مسرحية "باللو"، ما أظهر موهبته المتكاملة كممثل يمتلك حضورًا قويًا على الشاشة والمسرح.

في ذكري وفاته.. حسن الأسمر صوت الطرب الشعبي الأصيل | بوابة أخبار اليوم  الإلكترونية

عودة مفاجئة في إعلان رمضان 2011

بعد سنوات من الغياب عن الساحة الفنية، فاجأ حسن الأسمر جمهوره بظهور قصير في إعلان تجاري خلال شهر رمضان 2011، أعاد فيه تقديم أغنيته الشهيرة "كتاب حياتي"، في لحظة أثارت الحنين والدهشة في آنٍ واحد.

أغنية “أغلى من عينيا”

ورغم رحيله، فإن صوته لم يغِب، إذ أعاد نجله هاني الأسمر إحياء ذكراه مؤخرًا من خلال أغنية “أغلى من عينيا”، التي جمعت بينهما عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، لتعيد إلى الأذهان دفء صوته وصدق إحساسه.

وقد حققت الأغنية رواجًا واسعًا على المنصات المختلفة، لتتصدر قوائم الترند وتؤكد أن إرث حسن الأسمر الفني ما زال حيًا في ذاكرة الجمهور.

حسن الأسمر ونجله
الفنان الراحل حسن الأسمر ونجله المطرب هاني الأسمر بالذكاء الاصطناعي

وفاة حسن الأسمر.. صوت رحل وبقي في القلوب

رحل الفنان حسن الأسمر في 7 أغسطس عام 2011، الموافق 7 رمضان، إثر أزمة قلبية مفاجئة نُقل على إثرها إلى مستشفى كليوباترا بمصر الجديدة، عن عمر ناهز 51 عامًا.

وقد شُيعت جنازته في اليوم نفسه من مسجد النور بالعباسية، وسط حالة من الحزن العميق على فراق صوته الدافئ الذي غنّى للحزن والفرح معًا، وبصوته الذي شكّل وجدان جيلٍ كامل من عشاق الأغنية الشعبية.

إرث فني لا يزال حيًا في وجدان المصريين

رغم مرور 14 عامًا على رحيله، لا تزال أغاني حسن الأسمر تُصدح في الأفراح والمقاهي الشعبية، شاهدة على موهبة استثنائية جمعت بين الأصالة والحداثة، وخلّدت اسمه كأحد أعمدة الطرب الشعبي المصري، الذي عبّر بصدق عن هموم ومشاعر الناس، ليبقى “أمير الأغنية الشعبية” في قلوب جمهوره إلى الأبد.

 

اقرأ أيضا:

في ذكرى رحيله.. حسن الأسمر "كتاب حياة" امتلأت صفحاته بأغاني البسطاء

"كايروكي" يُحيي أغنيات أيقونية لـ حسن الأسمر وسيد مكاوي

"أغلى من عينيا".. حسن الأسمر يعود للغناء بمساعدة ابنه والـAI

search