الإثنين، 27 أكتوبر 2025

06:34 م

لامين يامال في قلب الجدل، هل تفسد "العلاقة الحميمية" لياقة الرياضيين؟

لامين يامال

لامين يامال

تداولت بعض الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي أحاديث مثيرة للجدل، حول سبب تراجع أداء لامين يامال، موهبة برشلونة الصاعدة، ربطه كثيرون بعلاقته العاطفية مع صديقته المغنية الأرجنتينية نيكي نيكول، معتبرين أن انشغاله بها أثر على تركيزه داخل الملعب، في حين يرى آخرون أن ما يحدث مجرد تراجع طبيعي في المستوى يمرّ به أي لاعب شاب في بداية مسيرته، وأنه لاعب عائد من الإصابة ومن الطبيعي أن يتأثر مستواه.

وخسر برشلونة بهدف مقابل هدفين لريال مدريد، ضمن منافسات الجولة العاشرة من مسابقة الدوري الإسباني على ملعب “سانتياجو برنابيو”، في ليلة شهدت أداء ولا أسوأ لـ لامين يامال نجم برشلونة الصاعد، ما أثار التساؤلات حول أسباب تراجع مستواه، في حين ربط البعض أداء اللاعب بعلاقاته النسائية المتعددة والتي وصلت لارتباطه بـ5 فتيات خلال عام واحد، آخرها علاقته بـ نيكي نيكول، البالغة من العمر 25 عامًا.  

وخلال بث مباشر، ردت المغنية الأرجنتينية على سؤال أحد المتابعين حول حملها من نجم برشلونة لامين يامال: "لا، لست حاملا في الوقت الحالي". وأوضحت أن علاقتهما تسير بشكل طبيعي، ولا تخطط لإنجاب أطفال في هذه المرحلة، مؤكدة رغبتها المستقبلية في الأمومة.

وفي هذا السياق، يكشف عدد من الخبراء والرياضيين، مدى ارتباط مستوى وأداء اللاعب بممارسة العلاقة الحميمية، بناء على تجارب سابقة ودراسات علمية نستعرضها على النحو التالي.

نقص المعرفة العلمية

في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كان يُعتقد أن العلاقة الحميمية تقلل من مستوى الأداء، كما يروي أنطونيو ميجيل، رئيس الخدمات الطبية في نادي يونيفرسيداد ناسيونال بوماس المكسيكي، الذي أكد أن المدربين في تلك الحقبة كانوا يمنحون اللاعبين نترات البوتاسيوم لتقليل الرغبة. 

وأوضح ميجيل في تصريحات لـ سي إن إن، الأمريكية، أن هذا الاعتقاد لم يكن سوى نتاج نقص المعرفة العلمية، وهي نظرة تغيرت كثيرًا في العقود الأخيرة.

من جانبه، يرى المنسق العام لقسم الرياضة في جامعة مونتيري التكنولوجية بالمكسيك، خوان كارلوس ميدينا، أن العلاقة الحميمية قد تكون ذات أثر إيجابي على الأداء، إذ تساعد على الاسترخاء والرضا النفسي والجسدي، مما يقلل من القلق قبل المباريات الكبرى. 

وتشير مديرة قسم الطب الرياضي في الجامعة الوطنية بالمكسيك، ماريا كريستينا رودريجيز جوتيريز، إلى أنه لا يوجد دليل علمي يثبت أن الجنس قبل المباريات يضر بالأداء، موضحة أن الاعتقاد السائد بين بعض المدربين مصدره تجارب قديمة لا تستند إلى بيانات طبية. 

وأوضحت ماريا، أن العلاقة الحميمية لا تستهلك سوى 200 إلى 300 سعرة حرارية، وهو مجهود يعادل صعود طابقين فقط، ويمكن تعويضه بتناول قطعة شوكولاتة أو مشروب غازي.

لكن مديرة قسم الطب الرياضي أشارت إلى أن ما قد يؤثر على الأداء ليس العلاقة نفسها، بل العوامل المصاحبة لها مثل قلة النوم، أو شرب "الكحول"، أو التدخين، مشددة على أن الاعتدال هو الأساس، وأن ممارسة العلاقة الحميمية في ظل ظروف صحية ونفسية متوازنة لا تسبب أي ضرر.

وأتمت: “هناك استثناءات في الرياضات القتالية، إذ يمكن أن تؤدي العلاقة الحميمية إلى تقليل العدوانية المطلوبة لدى الملاكمين والمصارعين، مع تأكيدها أن التأثير يختلف من رياضي إلى آخر”.

أسطورة هولندا 

وضرب المنسق العام لقسم الرياضة في جامعة مونتيري التكنولوجية، خوان كارلوس ميدينا، مثالًا بمنتخب هولندا في كأس العالم 1978 الذي سمح لعدد من لاعبيه بمرافقة زوجاتهم خلال البطولة، فحقق الفريق المركز الثاني، مشيرًا إلى أن الدعم النفسي الذي توفره تلك العلاقات يكون عنصرًا مساعدًا.

كما ذكر حالة اللاعب التشيلي إلياس فيجيروا الذي نصحه مدربه بممارسة العلاقة الحميمية في اليوم السابق للمباريات المهمة باعتبارها وسيلة للراحة الذهنية.

حكايات مونديالية.. سطو مسلح يحرم حامل الكرة الذهبية من كأس العالم

وأكد خوان كارلوس، أن الجنس يُسهم في تشتيت الذهن عن ضغط المنافسة، ويساعد على التخلص من التعب العقلي الذي يُعد أخطر من الإجهاد البدني.

وأضاف: “النجم البرازيلي بيليه نفسه لم يمتنع عن العلاقة الزوجية قبل المباريات"، مؤكدًا أن الاسترخاء الناتج عنها حقيقي وملموس.

ورغم أن بعض الدراسات القليلة تناولت المسألة، فإن نتائجها لم تكن حاسمة. ولم تجد إحدى التجارب على مجموعة من العدّائين، في تسعينيات القرن الماضي، فرقًا في الأداء بعد ممارسة العلاقة قبل 12 ساعة من التمرين. 

كما خلصت مراجعة لـ31 دراسة نُشرت في المجلة السريرية للطب الرياضي إلى أن التأثير ضئيل للغاية، وأنه يختلف من شخص إلى آخر، فالبعض يجد الجنس وسيلة لتخفيف التوتر، بينما قد يشتت تركيز آخرين.

صعود السلالم

وتوضح الأبحاث، أن النشاط الجنسي يحرق في المتوسط من 25 إلى 50 سعرة حرارية فقط، وهو ما يعادل مجهود صعود طابقين من السلالم، ما يعني أن الحديث عن الإرهاق البدني المترتب عليه غير دقيق علميًا. 

وفي المقابل، يرى بعض الخبراء، أن الأثر النفسي للجنس قبل المنافسة قد يكون أهم من الأثر البدني، إذ يعتمد على قناعة اللاعب نفسه. فإذا كان مقتنعًا بأن الامتناع عن الجنس يمنحه تركيزًا أعلى، فقد يحقق ذلك له فائدة نفسية بالفعل. 

وهذه النقطة يربطها الدكتور ميتزل بمفهوم الطقوس الرياضية أو "رموز الحظ" التي يتبعها بعض الرياضيين قبل المباريات، والتي تُظهر الأبحاث أنها قد ترفع من الثقة بالنفس وتُحسن الأداء بشكل غير مباشر.

جوارديولا والجنس

وتباينت مواقف المدربين حول العلاقة الحميمية، فبينما تمنع بعض المنتخبات مثل نيجيريا لاعبيها من ممارسة العلاقة، إلا مع زوجاتهم لتفادي المشتتات، يرى آخرون أن الأمر لا يستحق المنع.

وأثار نجم مانشستر سيتي السابق، سمير نصري، الجدل حين قال إن مدربه بيب جوارديولا منع لاعبيه من ممارسة العلاقة بعد منتصف الليل لضمان نومٍ جيد، إلا أن المدرب الإسباني نفى ذلك تمامًا، مؤكدًا أن العكس هو الصحيح، وأنه "من المستحيل أن تلعب جيدًا دون علاقة حميمية"، في إشارة إلى أن التوازن النفسي والجسدي جزء من الأداء الرياضي. 

جوارديولا وسمير نصري

وذكرت تقارير إعلامية، أن جوارديولا اتخذ إجراءات مختلفة لتعزيز انضباط فريقه مثل حظر "الواي فاي" في مرافق التدريب وتشديد قواعد التغذية، إذ أكد المدافع جايل كليشي، أن المدرب طلب من اللاعبين تجنب البيتزا وبعض العصائر والوجبات الدسمة حفاظًا على اللياقة.

وحذّرت منتخبات مثل المكسيك والبرازيل لاعبيها من القيام بـ"الألعاب البهلوانية" في غرف النوم خلال فترة كأس العالم، بينما منعت البوسنة والهرسك وجود زوجات اللاعبين تمامًا، في حين اتبعت الولايات المتحدة، أسلوبًا أكثر مرونة، وسمحت للعائلات بالحضور والمغادرة بحرية.

لطالما كانت حياة اللاعبين الخاصة، خاصة في ما يتعلق بالعلاقات الحميمية خلال البطولات الكبرى، مادةً مثيرةً لوسائل الإعلام. فعلى سبيل المثال، تحوّل معسكر منتخب إنجلترا في مونديال 2006 إلى ما وُصف حينها بـ"السيرك"، بعدما سمح المدرب السويدي سفين غوران إريكسون لزوجات وصديقات اللاعبين المشاهير مثل فيكتوريا بيكهام وشيريل كول بالتواجد في المدينة الألمانية بادن بادن. بعد أربع سنوات، تلقى فابيو كابيلو إشادات كبيرة عندما فرض قيودًا صارمة في معسكر الفريق بجنوب أفريقيا.

الثور الهائج

ويقول العداء البريطاني، لينفورد كريستي، إن العلاقة قبل السباق تجعل ساقيه "كأنهما من رصاص"، بينما تصدّر لاعب التنس الألماني بوريس بيكر، عناوين الصحف حين خالف تعليمات مدربه بعدم ممارسة الجنس قبل المباريات. 

كذلك، امتنع الملاكم كارل فروتش، عن العلاقات لثلاثة أشهر قبل فوزه بالضربة القاضية على جورج جروفز في نهائي بطولة العالم.

ولم تغفل أفلام الملاكمة الشهيرة، هذه الفكرة؛ ففي فيلم "روكي" يقول المدرب ميكي، إن "النساء يُضعفن السيقان"، بينما يظهر روبرت دي نيرو في فيلم "الثور الهائج" وهو يسكب الثلج في سرواله لتهدئة رغباته قبل أحد نزالاته.

فيلم روكي

ويؤكد مدرب الملاكمة، جيم ماكدونيل، أن هذه الخرافة قديمة ومتوارثة: "يعتقد البعض أن الجنس يُضعف الساقين ويقلل من القدرة على تحمل اللكمات، لكن تلميذي جيمس ديجال يرى أن هذا الكلام هراء".

وترجع جذور هذه الفكرة إلى الإغريق القدماء، الذين كانوا يعتقدون أن الاحتفاظ بالسائل المنوي يعزز القوة والعدوانية المطلوبة للفوز في المنافسات.

أما كاتب كرة القدم الشهير هانتر ديفيز فيرى أن الجدل الحديث حول هذه القضية لا يتجاوز كونه مادة للضحك، قائلاً: "جورج بيست كان يمارس العلاقة في أي وقت، بين الشوطين، وحتى أثناء تنفيذ الركلات الركنية، لكن ما دمّره في النهاية لم يكن الجنس بل الكحول".

وأتم: "لا أرى أن الجنس يضر الرياضيين، لكن من الطبيعي أن يصبح مادةً للسخرية والحديث، لأن أغلب اللاعبين شباب في العشرينات، يعيشون حياة فارهة تفوق خيال أقرانهم، ويدور عالمهم حول المال والسيارات والملابس والجنس، ولكن بأضعاف مضاعفة عن أي شاب عادي".

وهكذا، فإن الصورة العامة التي ترسمها الدراسات والآراء الطبية والرياضية مجتمعة هي أن ممارسة العلاقة قبل المنافسات لا تُضعف الأداء الجسدي كما اعتقد السابقون، بل قد تكون عاملًا مساعدًا نفسيًا في بعض الحالات، وأن تأثيرها يظل مرهونًا بطبيعة اللاعب ونظام حياته واستعداده الذهني للمباراة.

اقرأ أيضا:

الفراعنة الأوائل، كيف أصبحت مصر أول بطل في تاريخ أمم أفريقيا؟

صلاح يقترب من إنجاز تاريخي مع ليفربول بعد هز شباك برينتفورد

search