كيف تتعامل بوعي مع الشخصية النرجسية؟
الشخصية النرجسية ليست مجرد شخص يحب ذاته، بل هي نمط نفسي معقد يتمحور حول تضخيم الأنا، وحاجة دائمة للإعجاب، مع عجز شبه كامل عن رؤية الآخرين ككيانات مستقلة ذات مشاعر وحقوق. التعامل مع هذا النوع من الأشخاص ـ سواء كان شريكًا، صديقًا، أو حتى أحد أفراد الأسرةـ يحتاج إلى وعي عميق وحدود حازمة، لأن العلاقة معه يمكن أن تستنزفك نفسيًا إن لم تكن متيقظًا.
أولاً: افهم اللعبة جيدًا
النرجسي يعيش في عالم من “التمركز حول الذات”. كل ما حوله يُقاس بمدى خدمته لصورة مثالية يراها عن نفسه. لذا، حين تشعر أنه يقلل من شأنك أو يتجاهلك أو يُلقي اللوم عليك دائمًا، لا تأخذ الأمر على محمل شخصي، فهو لا يراك فعليًا، بل يرى انعكاس ذاته فيك.
الفهم هنا ليس تبريرًا لسلوكه، بل وسيلة لتفادي فخ الاستنزاف العاطفي.
ثانيًا: لا تدخل في حرب إثبات
أسوأ ما يمكنك فعله هو محاولة إقناع النرجسي بخطئه أو تعليمه معنى التعاطف. سيقلب الطاولة عليك ببراعة، ليجعلك في النهاية موضع الاتهام.
النرجسي بارع في “التحكم العاطفي” (Gaslighting)، يجعلك تشك في نفسك لتفقد ثقتك بذاتك تدريجيًا.
لذا، بدل أن تشرح وتبرر، اكتفِ بالثبات والوضوح: “أنا لا أقبل هذا الأسلوب”، “رأيي واضح ولن أغيره”، “لن أستمر في هذا الحوار بهذه الطريقة”..
الثبات هنا هو اللغة التي يفهمها النرجسي، حتى لو بدا أنه يتجاهلك، فهو يدرك تمامًا أنك خرجت من دائرة سيطرته.
ثالثًا: ضع حدودًا واضحة وصارمة
الشخص النرجسي يختبر حدودك باستمرار، وكل مرة تتراجع فيها خطوة، يقترب أكثر. ضع حدودك بوضوح، ولا تبررها. الحدود ليست عقابًا، بل حماية لك. سواء كانت حدودًا في الحوار، أو الخصوصية، أو طريقة التعامل، فإن حزمك هو ما يضمن سلامتك النفسية.
رابعًا: لا تبحث عن العدالة معه
النرجسي لا يرى الحقيقة كما تراها، لذا لا تنتظر منه اعترافًا أو اعتذارًا. ابحث عن العدالة داخلك، في قرارك بالسلام والانسحاب من الصراعات العقيمة. أحيانًا، الانسحاب ليس هزيمة، بل شفاء.
خامسًا: اعتنِ بنفسك ولا تسمح له بتعريفك
العلاقة مع النرجسي قد تجعلك تفقد إحساسك بذاتك شيئًا فشيئًا. تبدأ تشك في نفسك، في قيمتك، في أحلامك. لكن تذكّر: رأيه ليس مرآتك. استعد ذاتك من خلال الدعم النفسي، والكتابة، والاهتمام بنفسك جسديًا وروحيًا. إنقاذ نفسك ليس أنانية، بل واجب بقاء.
ختامًا
التعامل مع الشخصية النرجسية يحتاج إلى وعي أكثر من الحب، وإلى عقل أكثر من القلب.
وحين تدرك أنك لا تستطيع تغييره، فافعل أعظم ما يمكن فعله في مثل هذه الحالات: غيّر المسافة بينك وبينه.
فالسلام النفسي لا يُمنح لك، بل تُقاتل لتحافظ عليه
الأكثر قراءة
-
"كنت فاكر إني مغطيها"، البلوجر محمد عبدالعاطي يكشف مفاجآت أمام جهات التحقيق (خاص)
-
حميدتي يهدد مصر، ماذا حدث في "الفاشر" وكيف سقطت في يد "الدعم السريع"؟
-
"بملابس الدراسة والشنطة"، وفاة طفل داخل مصعد في السلام
-
في اليوم العالمي للرسوم المتحركة، اعرف أنت مين من شخصيات الكارتون
-
منح تأشيرات مجانية للمصريين في المغرب لحضور مباريات كأس أمم أفريقيا
-
مشاهدة مباراة النصر والاتحاد في بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين 2025
-
بتهم نشر الفسق والفجور وغسل الأموال، أمر إحالة البلوجر محمد عبدالعاطي للمحاكمة
-
تباين سعر سبائك الذهب 1 جرام btc اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025
مقالات ذات صلة
حين يَسُمّك بكلمة ويتلذذ بإيذائك
22 أكتوبر 2025 11:14 ص
توفيق عكاشة.. بائع الوهم وباثّ السم في العسل
20 أكتوبر 2025 04:04 م
عقدة أطلس.. حين يتحول الصبر إلى عبءٍ وجودي
18 أكتوبر 2025 03:32 ص
غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار: سلام هشّ على حافة الانفجار
10 أكتوبر 2025 09:17 ص
أكثر الكلمات انتشاراً