الأحد، 02 نوفمبر 2025

05:12 ص

المتحف المصري الكبير

يوم الأول من نوفمبر عام 2025، ليس مجرد يوم في التقويم، بل هو لحظة تاريخية فارقة إنه اليوم الذي تفتح فيه مصر للعالم أبواب متحفها الأكبر، المتحف المصري الكبير، صرح حضاري عظيم يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، ليكشف أسرار حضارة عمرها آلاف السنين، هذا الافتتاح ليس نهاية رحلة، بل هو بداية فصل جديد في قصة عشق طويلة بين مصر وتراثها.

منذ زمن طويل، كانت فكرة المتحف الكبير حلماً يراود الأجيال، فقد كانت كنوز مصر القديمة تتكدس في المتحف القديم بقلب ميدان التحرير، والذي أصبح غير قادر على استيعاب كل هذا الإرث الحضاري، على الرغم من أهميته التاريخية كونه أقدم متحف أثري في الشرق الأوسط وأول مبنى يتم تصميمه خصيصاً ليكون متحفاً للآثار، إلا أنه لم يعد قادراً على مواكبة العصر.

في عام 1897، تم وضع حجر الأساس للمتحف القديم، الذي صممه المعماري الفرنسي مارسيل دورنيون، وفتح أبوابه للجمهور في عام 1902، كان المتحف وقتها تحفة معمارية، يضم في طابقيه مجموعات هائلة من الآثار التي تعكس عظمة الفراعنة في مختلف العصور، لكن الحاجة الملحة إلى مساحة أكبر وتقنيات عرض أحدث دفعت مصر إلى التفكير في مشروع عملاق يليق بحضارتها.

منذ انطلاق فكرة إنشاء المتحف الجديد، كان الهدف واضحاً، بناء أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة.... يقع المتحف الجديد بالقرب من أهرامات الجيزة، ليطل عليها في مشهد بانورامي يجمع الماضي بالحاضر، بدأ العمل في المشروع منذ أكثر من 20 عاماً، وتم تصميم المتحف بأحدث المعايير العالمية ليكون مركزاً ثقافياً وترفيهياً متكاملاً.

مشروع طموح تطلب جهوداً جبارة، شملت تمويلات دولية ومحلية، وترميم آلاف القطع الأثرية ونقلها بعناية فائقة. وأبرز ما يميز المتحف الجديد هو "الدرج العظيم"، الذي يزين واجهته بالقطع الأثرية الضخمة، ليصحب الزائر في رحلة عبر الزمن، كما يضم المتحف مجموعة الملك الشاب توت عنخ آمون كاملة لأول مرة في مكان واحد، بالإضافة إلى كنوز أخرى لم تُعرض من قبل.

إنه احتفال بعظمة التاريخ المصري القديم الذي يعد من أعظم الحضارات في تاريخ البشرية، هذه الحضارة التي امتدت لآلاف السنين تركت إرثاً مذهلاً في مختلف المجالات، من الهندسة المعمارية التي تجسدت في الأهرامات والمعابد، إلى الطب والفلك والفنون التي أبهرت العالم بأسره.

كانت الحياة في مصر القديمة منظمة، تقوم على العمل الجاد واحترام القيم، لقد ترك لنا المصريون القدماء بصمات خالدة، سواء في الكتابة الهيروغليفية أو في فنون النحت والرسم، وعندما ندخل المتحف لا نرى مجرد قطع أثرية، بل نرى قصصاً وحكايات تحكي عن حياة أناس آمنوا بالخلود وكرسوا حياتهم للإبداع والابتكار.

يكتب المتحف تاريخ آخر بالأرقام في مرحلة الانشاء يضاف إلى تاريخ البناء المصري، المساحة الإجمالية للمتحف تصل إلى حوالي 500,000 متر مربع، أي ما يعادل 70 ملعب كرة قدم، ليصبح بذلك أكبر متحف أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، بتكلفة تجاوزت مليار دولار أمريكي، وتم تمويله جزئيًا بقروض يابانية، إضافة إلى تمويل من الحكومة المصرية وعائدات المعارض المتنقلة.

مقتنيات المتحف

•        إجمالي القطع الأثرية: يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، تغطي فترات مختلفة من التاريخ المصري القديم، من عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.

•        القطع المعروضة لأول مرة: من بين هذه القطع، هناك حوالي 20 ألف قطعة ستُعرض للجمهور لأول مرة على الإطلاق.

•        مجموعة توت عنخ آمون: تُعد المجموعة الكاملة للملك توت عنخ آمون أبرز ما يميز المتحف، حيث تعرض لأول مرة في مكان واحد. تتألف المجموعة من أكثر من 5,000 قطعة.

•        تمثال رمسيس الثاني: يستقبل زوار المتحف في بهوه الرئيسي تمثال ضخم للملك رمسيس الثاني، يزن 83 طنًا. 

ومن المتوقع أن يجذب المتحف ما بين 5 و 8 ملايين زائر سنويًا، وبطاقة استيعابية يومية تصل إلى 15,000 زائر.

إنه جسر يربط الماضي بالحاضر والمستقبل، ويمنح الأجيال الجديدة فرصة للتواصل مع جذورها الحضارية، إنها دعوة للاحتفال بعظمة مصر، وتأكيد على أنها كانت وستظل دائماً منبع الحضارات ومصدر الإلهام، إنه يوم فخر لكل مصري، ونافذة مفتوحة للعالم ليطل على حكاية حضارة لا تموت.

title

مقالات ذات صلة

الكنيست ١٩٧٧ – ٢٠٢٥

18 أكتوبر 2025 08:00 ص

شائعات تشويه السُمعة

11 أكتوبر 2025 09:00 ص

مفهوم الحرية

04 أكتوبر 2025 09:10 ص

search