السبت، 01 نوفمبر 2025

06:46 م

من جنازة إلى موكب، القصة الكاملة لنقل رمسيس الثاني "واقفًا"

لحظات نقل تمثال رمسيس الثاني للمتحف المصري الكبير

لحظات نقل تمثال رمسيس الثاني للمتحف المصري الكبير

شهد عام 2006 واحدة من أبرز اللحظات في تاريخ نقل الآثار المصرية، حين تم نقل تمثال الملك رمسيس الثاني في موكب مهيب من ميدان رمسيس إلى المتحف المصري الكبير، في عملية وُصفت وقتها بأنها "معجزة هندسية".

وكان ذلك النقل هو الثاني في تاريخ التمثال، بعد أن نُقل لأول مرة من موقع اكتشافه بقرية ميت رهينة بمحافظة الجيزة. 

لحظات نقل تمثال رمسيس الثاني للمتحف المصري الكبير 

لكن المفاجأة الكبرى كانت في الطريقة غير المسبوقة التي نُقل بها التمثال واقفًا، بعدما كان يُعتقد أن نقله بهذا الشكل مستحيل التنفيذ.

صاحب فكرة النقل "الواقف"

في عام 2004، استعانت شركة المقاولون العرب – المسؤولة عن عملية النقل – بالمهندس أحمد حسين، أستاذ كلية الهندسة بجامعة عين شمس حينها، لتحليل المخاطر المحتملة خلال عملية النقل.

كانت الخطط الأولية تقتصر على تقطيع التمثال إلى 6 أو 8 أجزاء أو نقله وهو نائم لتقليل المخاطر، لكن المهندس أحمد حسين فاجأ الجميع باقتراحه الجريء: "هنقل تمثال رمسيس وهو واقف.. وبدل ما تبقى جنازة تبقى موكب".

ورغم دهشة فريق العمل واعتبار الفكرة شبه مستحيلة، تمسك حسين برؤيته، مؤكدًا أن نسبة الخطورة “صفر بالمئة”.

المهندس أحمد حسين صاحب فكرة نقل تمثال رمسيس الثاني واقفًا

جدل واسع وخطة معقدة

رئاسة شركة المقاولون العرب وقتها، برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رأت أن النقل في الوضع القائم عملية غاية في التعقيد والخطورة.

وأوضح المهندس أحمد حسين في تصريحات تلفزيونية سابقة، أن عالم المصريات الدكتور زاهي حواس استعان بشركة ألمانية لدراسة الفكرة، والتي أكدت أن نقل التمثال واقفًا “أمر مستحيل”.

لكن بعد نقاشات مطولة بين وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني وخبراء الترميم، تقرر تنفيذ الفكرة بعد أربعة أشهر فقط، مستخدمين ونشًا ضخمًا بسعة 475 طنًا، في حين أن وزن التمثال يبلغ 83 طنًا.

مرممي التمثال

اختبار الحركة واللحظات الحرجة

قبل بدء عملية النقل الفعلية، طلب المهندس حسين تجربة حركة التمثال على الشاحنة التي ستقله.
تحركت الشاحنة لمسافة قصيرة ثم توقفت فجأة، فمال التمثال قليلًا إلى الخلف، مما أثار فزع المواطنين الذين ظنوا أنه سيسقط، بينما كانت التجربة مجرد اختبار لمرونة التمثال وتوازنه أثناء المنعطفات.

لحظات نقل تمثال رمسيس الثاني للمتحف المصري الكبير 

التقنية المستخدمة في النقل

كشفت شركة المقاولون العرب أن عملية النقل اعتمدت على نظام روافع هيدروليكية تعمل في الاتجاهين وبشكل متزامن، لضمان التوازن التام.

وتم تصميم نظام تحكم يمنع أي خطأ في التوازن، لتصل نسبة الأمان إلى 300%.

خريطة النقل 

كما استخدمت الشركة سيارة نقل مزودة بـ128 عجلة موزعة على 16 محورًا (أكس) لتوزيع الأحمال بالتساوي على الطريق، بينما بلغ الوزن الكلي للتمثال وقاعدته 123 طنًا، وتم نقله لمسافة 400 متر إلى موقعه الجديد داخل المتحف المصري الكبير.

لحظات نقل تمثال رمسيس الثاني للمتحف المصري الكبير 

لحظة الفخر والرسالة الأخيرة

عقب نجاح عملية النقل التاريخية، وجه أحد المراسلين سؤالًا للمهندس أحمد حسين: "تهدي هذا العمل لمَن؟"

صورة المهندس أحمد حسين عند اتمام عملية النقل

فأجاب قائلاً: "إزاي أهديله؟ دا شغلي.. بس بهديه للمهندسين المصريين والعرب، وبقولهم محدش مديكم فرصة".

اقرأ أيضًا: 

المتحف المصري الكبير يكتسح "اللوفر" ومصر على أعتاب موسوعة "جينيس"

الشطرنج والماء والثعبان، 3 ألعاب فرعونية تخطف الأنظار في افتتاح المتحف المصري الكبير

"صور فرعونية وبوستات"، شخصيات عربية وعالمية تحتفي بـ المتحف المصري الكبير

search