الأربعاء، 05 نوفمبر 2025

06:14 م

ترامب يلوح بحرب جديدة في قلب أفريقيا، ما السبب الحقيقي لتهديد نيجيريا؟

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب

تتصاعد حدة التوترات السياسية بين واشنطن وأبوجا، بعد أن أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليمات رسمية لحكومة بلاده بوضع نيجيريا ضمن فئة "الدول المثيرة للقلق بشكل خاص"، مع التلويح بالتدخل العسكري بقوة إذا استمر ما وصفه بـ"اضطهاد المسيحيين" هناك.

ترامب يوقف المساعدات الأمريكية لنيجيريا

وأعلن ترامب في منشور على حسابه بمنصة "تروث سوشيال"، أنه سيوقف جميع المساعدات الأمريكية لنيجيريا إذا واصلت حكومتها السماح بقتل المسيحيين، مضيفًا أنه أمر وزارة الحرب بالاستعداد لأي عمل محتمل ضد "الإرهابيين الذين يرتكبون فظائع مروعة"، على حد قوله.

وتابع: "إذا هاجمنا، فسيكون سريعًا ووحشيًا، ولطيفًا، تحذير، على الحكومة النيجيرية أن تتحرك سريعًا".

السبب الظاهري لتصريحات ترامب عن غزو نيجيريا

جاءت تصريحات ترامب في ظل اتهامات للحكومة النيجيرية بالتهاون في حماية المسيحيين وسط تصاعد أعمال العنف في البلاد، لكن مراقبين يرون أن خطاب ترامب يستند إلى قراءة سطحية للمشهد النيجيري، إذ لا يقتصر العنف على المسيحيين وحدهم، بل يمتد أيضًا إلى المسلمين وأتباع الديانات الأخرى، وفقًا لصحيفة "فورين بوليسي".

نيجيريا، التي تعد أكبر ديمقراطية في أفريقيا، تتألف من جماعات دينية وعرقية معقدة، إذ تسكن الأغلبية المسلمة في الشمال، بينما يوجد أغلب المسيحيين في الجنوب، في حين يضم الحزام الأوسط مزيجًا من المجموعات الدينية.

جذور الانقسام الداخلي في نيجيريا

ترجع جذور الانقسام الداخلي في نيجيريا إلى عقود من الصراع السياسي بعد الاستقلال، حين سيطر العسكريون من الشمال المسلم على الحكم، ما أثار حفيظة مناطق الجنوب، وبمرور الوقت تدهورت الأوضاع بسبب سوء الإدارة، بحسب الصحيفة.

كما أسهمت عوامل أخرى في تغذية التوترات، أبرزها تغير المناخ الذي أدى إلى فقدان المراعي في الشمال، ودفع الرعاة المسلحين إلى التوغل في الأراضي الزراعية، ما تسبب في اشتباكات دامية مع المزارعين.

الصراعات على النفط في دلتا النيجر، التي تمثل مصدر الدخل الرئيسي للبلاد، وما رافقها من احتجاجات اجتماعية أبرزها حركة "أوقفوا سارس" عام 2020 ضد وحشية الشرطة، والتي انتهت بمجزرة بحق المتظاهرين العزل.

رئيس نيجيريا يواجه تحديات

في الداخل، يواجه الرئيس النيجيري بولا تينوبو تحديات متزايدة بعد انتخابه عام 2023، ورغم الوعود بإصلاحات اقتصادية وتحسين مستوى المعيشة، فإن التوترات السياسية ما زالت قائمة.

وقبل أيام فقط، أقال تينوبو قادة الجيش إثر الاشتباه في محاولة انقلاب فاشلة، ورغم إطلاق مشروعات اقتصادية ضخمة مثل تشغيل مصفاة نفط جديدة وفرض رسوم لحماية الإنتاج المحلي، فإن المواطنين لم يلمسوا بعد تحسنًا ملموسًا في حياتهم اليومية.

مصالح واشنطن 

يرى محللون أن تهديدات ترامب لا تنفصل عن مصالح واشنطن الاستراتيجية، خاصة مع تصاعد نفوذ الصين في أفريقيا واستثمارها في المعادن النادرة داخل نيجيريا.

كما تتردد الأقاويل بأن الولايات المتحدة تسعى إلى تحويل الأنظار عن الانتقادات المتزايدة لدورها في حرب غزة، عبر التركيز على قضايا دينية في أفريقيا.

ويُعتقد أن الإعلام اليميني الأمريكي، إلى جانب شخصيات إنجيلية متشددة، ساهم في تضخيم قضية اضطهاد المسيحيين النيجيريين لتبرير أي تحرك عسكري محتمل، رغم أن الواقع أكثر تعقيدًا ما يقدم للجمهور الأمريكي.

المخاوف من تدخل عسكري أمريكي

يحذر خبراء نيجيريون من أن أي تدخل عسكري أمريكي لن يحقق الأمن، بل سيؤدي إلى تفاقم الانقسامات الداخلية، وزيادة العداء تجاه الغرب، وإضعاف الثقة بين مكونات المجتمع.

كما أن مثل هذا التدخل قد يذكر بمغامرات واشنطن السابقة في العراق وأفغانستان، التي انتهت بفوضى وإنهاك اقتصادي وإنساني.

إصلاح داخلي بدل التدخل الخارجي

يدعو سياسيون ومفكرون نيجيريون إلى عقد مؤتمر وطني شامل لإعادة تعريف هوية الدولة، وتوزيع السلطة بشكل عادل بين الأقاليم، بعيدًا عن الوصاية العسكرية أو الخارجية.

ويؤكد هؤلاء أن الحل الحقيقي يبدأ من الداخل، عبر مكافحة الفساد، واستعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة، ومعالجة أسباب التهميش والانقسام. وكما يرى المراقبون، إذا كانت إدارة ترامب تسعى فعلًا لحماية النيجيريين، فعليها أن تدعم جهود الإصلاح، لا أن تشعل حربًا جديدة في قلب أفريقيا.

اقرأ أيضًا:

إدارة ترامب توقف تمويل الأمم المتحدة لحين تحقيق شروط معينة

تابعونا على

search