الإثنين، 24 نوفمبر 2025

01:16 م

تمرد في حزب ترامب، هل يشكل الأسبوع الماضي نقطة تحول في ولايته الثانية؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

برزت إشارات توحي بوجود حالة تمرد في صفوف الحزب الجمهوري بالولايات المتحدة الأمريكية، في وقت يواجه فيه الرئيس دونالد ترامب، تراجعًا ملحوظًا في استطلاعات الرأي.

وجاءت استقالة النائبة مارجوري تايلور جرين، إحدى أبرز الشخصيات اليمينية المتشددة والمؤيدة بقوة لحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا"، كأحد أبرز المؤشرات التي أثارت تساؤلات حول مدى تماسك الحزب خلف رئيسه، وفقًا لـ"واشنطن بوست" الأمريكية.

جرين تعلن استقالتها من مجلس النواب

وأعلنت جرين، نائبة ولاية جورجيا، مساء الجمعة، أنها ستتخلى عن مقعدها في مجلس النواب، مؤكدة أنها لن تقبل بأن يعاملها ترامب كـ"الزوجة المعنفة التي تنتظر تحسن الأمور".

ويأتي قرارها رغم أنها كانت لسنوات أحد أشد المناصرين للرئيس، إذ دعمت مواقفه في القضايا المتعلقة بالرعاية الصحية والإغلاق الحكومي، بالإضافة إلى الضغط من أجل الكشف عن ملفات وزارة العدل المتعلقة بجيفري إبستين، المدان سابقًا بالاعتداء الجنسي.

لكن مسارها تبدل مؤخرًا، إذ تحولت إلى هدف مباشر لهجمات ترامب، الذي وصفها بـ"الخائنة والمجنونة المتبجحة واليسارية المتطرفة".

مارجوري تايلور جرين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

وفي تعليق على استقالتها، اعتبر ترامب صباح السبت أن أسباب انسحابها تعود إلى هبوط حاد في شعبيتها ورفضها مواجهة منافس يحظى بدعمه في الانتخابات التمهيدية.

ورغم مغادرتها الكونجرس، شددت جرين في بيانها المكون من أربع صفحات، أنها لا تعتزم الابتعاد عن الساحة السياسية، مؤكدة أن: "الشعب الأمريكي يمتلك السلطة الحقيقية"، ومتعهدة بأن تقف إلى جانبه عندما يحين وقت إعادة بناء البلاد، في لهجة تشبه الأسلوب الخطابي للرئيس.

ملفات إبستين: مؤشر آخر على الانقسام

تزامنت استقالة جرين مع واحدة من أكثر التحركات الجماعية الدراماتيكية داخل الحزب الجمهوري، حيث صوت المجلسان، اللذان يسيطر عليهما الحزب، بأغلبية شبه إجماعية، لإجبار وزارة العدل على نشر ملفات إبستين، وقد عارض ترامب هذه الخطوة لأسابيع، واعتبرها خدعة ديمقراطية، بينما اتخذ حلفاؤه في الكونجرس مواقف مماثلة، بما في ذلك رئيس مجلس النواب مايك جونسون الذي عطل جلسات المجلس خلال الإغلاق الحكومي لتجنب التصويت.

غير أن ضغط القاعدة المؤيدة لترامب، التي طالبت بكشف الملفات، أجبر العديد من النواب الجمهوريين على الاختيار بين الرئيس وناخبيهم، ومع اقتراب حسم الأمر، تراجع ترامب فجأة وأعلن دعمه لنشر الوثائق.

وقد لعب النائب الجمهوري توماس ماسي، بالتحالف مع الديمقراطي رو خانا، دورًا محوريًا في تقديم مشروع القانون خلال يوليو، ثم قيادة حملة جمع التوقيعات، واعتبر ماسي أن قيادة حزبه تنازلت كثيرًا لترامب، مشيرًا إلى أن الجمهوريين استعادوا مفاتيح مجلس النواب بعد فترة من الخضوع لإرادة الرئيس.

خلافات مرتبطة بالرئيس وإبستين

تشير هذه التطورات إلى تركيبة سياسية معقدة، خصوصًا أن ترامب نفسه كان قد أثار سابقًا أسئلة حول إبستين بوصفه مثالًا على فساد النخب، لكنه واجه اتهامات مشابهة لاحقًا، فقد ارتبط بعلاقة صداقة مع إبستين، الذي اعترف عام 2008 بتهمة تتعلق بقاصر وحُكم عليه بالسجن 13 شهرًا، ورغم نفي ترامب علمه بهذه الأنشطة، إلا أن حادثة اعتقال إبستين عام 2019 بتهمة الاتجار الجنسي وانتحاره المزعوم لاحقًا أعادت إحياء الجدل.

نكسات للحزب الجمهوري وفوز للحزب الديمقراطي

تأتي هذه الانقسامات على خلفية نكسات سياسية للحزب الجمهوري، بما في ذلك الفوز الواسع للديمقراطيين في انتخابات هذا الشهر، إضافة إلى انخفاض شعبية ترامب في قضايا كانت تمثل نقاط قوة له مثل الجريمة والهجرة، وأيضًا إدراك متزايد بين الناخبين لفشله في تحقيق وعوده المتعلقة بخفض تكاليف المعيشة.

ويرى مراقبون أن استمرار هذا الوضع قد يمهد لهزيمة كبيرة للجمهوريين في انتخابات منتصف العام المقبلة، رغم أن الديمقراطيين يعتقدون أن هيمنة ترامب على الحزب لم تصل بعد إلى مرحلة الانهيار الكامل.

وأشار السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين إلى أن الحديث عن تفكك سيطرة ترامب سابق لأوانه، مستشهدًا بتأثير الانتخابات التمهيدية الجمهورية التي لا يزال دعم ترامب فيها عاملاً حاسمًا.

شخصية مثيرة للجدل

تعد جرين من أبرز الشخصيات المثيرة للجدل داخل الحزب، إذ بنت شعبيتها على تبنيها السابق لنظريات حركة "كيو أنون" التي روجت لمزاعم لا أساس لها حول قوى خفية تتاجر بالأطفال وتعبد الشيطان، كما نشرت ادعاءات أخرى بشأن حرائق كاليفورنيا وعمليات إطلاق النار في المدارس وهجمات 11 سبتمبر.

ورغم أنها أنكرت هذه التصريحات لاحقًا، فإنها فاجأت الكثيرين بظهورها الأخير على قناة "سي إن إن"، حيث عبرت عن أسفها لأن خطاب ترامب يمكن أن يعرض حياتها للخطر، وعندما واجهتها دانا باش بأنها كانت جزءًا من هذا الخطاب، أقرت بأن النقد منصف وقدمت اعتذارًا عن المشاركة فيما وصفته بالسياسة المسمومة.

حزب ترامب.. إلى متى؟

ورغم كل هذه المؤشرات على بوادر تمرد، يبقى الحزب الجمهوري، على الأقل في المرحلة الراهنة، مرتبطًا بشخصية دونالد ترامب ونفوذه العميق داخل قواعده، وحتى إن بدت مارجوري تايلور جرين نموذجًا لحالة انتقالية، فإن المستقبل يُظهر أن تغيير موازين القوة داخل الحزب لن يكون مهمة سهلة أو سريعة.

اقرأ أيضًا:

بعد تسريب الوثائق وطلب ترامب، تحرك قضائي جديد حول شبكة علاقات جيفري إبستين

search