الثلاثاء، 25 نوفمبر 2025

10:08 ص

بيان ميكالي للرد على حسام حسن، اللعبة الحلوة في عالم الكلمات

كوني ناقدة رياضية فهذا يجعلني أنحاز دائمًا إلى "اللعبة الحلوة"، لكن بصفتي صحفية قبل أن أكون ناقدة فأنا أنحاز أكثر إلى "الكلمة الحلوة" والبيان الذي "يصيب ولا يدوش"، والكلمات المنتقاة بحيث تخلوا من أي اتهام ضد أحد، لكنها في الوقت ذاته لا تذهب إلا لمن تقصده، تلك مهارة لا يكتسبها سوى قليلون.

لست هنا لأحلل التصريحات الأخيرة للكابتن حسام حسن المدير الفني لمنتخب مصر، فقد تولى زملائي المهمة على أفضل ما يكون، لكني أستطيع القول إن مجمل الآراء أثبتت أنها تصريحات "دوشت ولم تصب"، فلا حل قيل ولا معلومة عُرفت ولا خطة طموحة يمكن الاستدلال على ملامحها لتلافي بعض الأخطاء.

على الجانب الآخر كان بيان "ميكالي" المدير الفني الأسبق لمنتخب مصر الأولمبي (2022-2024) من هذا النوع الذي "أصاب دون دوشة" وفسر وحلل الأسباب والنتائج دون إطالة كما رد اعتباره بدون أن ينتقص من قدرة أحد أو يشكك في قدراته، بالطبع بيان "ميكالي" جاء في الأساس ردًا على الكابتن حسام حسن الذي ضرب المثل به كمدرب أجنبي لم يهاجمه أحد، بينما هوجم هو أي "العميد" رغم أنه مدرب وطني.

حلل "ميكالي" الأزمة في بيانه من خلال كلمات قليلة، حين أكد أن الأزمة ليست في جنسية المدير الفني، فالمعيار الوحيد هو الكفاءة سواء كنت وطنيًا أم أجنبيا ضاربًا المثل بكارلو أنشلوتي الإيطالي الذي يتولى تدريب منتخب البرازيل وتوخيل الألماني الذي يقود منتخب إنجلترا، وبالتالي قصة "الأجنبي أم الوطني" هي قصة ليس لها محل من الإعراب في العصر الحالي فكل ما يبحث عنه أي منتخب هو النجاح.. النجاح وفقط.

وانطلاقًا من هذا التحليل، عدّد "ميكالي" مآثره حين ذكر إنه من قاد المنتخب الأولمبي إلى المركز الرابع في أولمبياد باريس 2024 كما وصل إلى نهائي أمم أفريقيا تحت 23 سنة ليحتل بذلك مركز الوصيف، إضافة إلى ذلك فقد كان السبب في صعود 8 لاعبين من المنتخب الأولمبي إلى الأول، وإجمالًا قاد البرازيلي مصر في 17 مباراة فاز فيها بـ9 مباريات وتعادل في 3 وخسر 5 مباريات.


ذكر ميكالي أيضًا أن قصة الراتب تتحدد بناء على الكفاءة والسيرة المهنية، وبالتالي لا يتعلق الأمر بمحاباة للأجنبي أو ظلم للمدرب الوطني، كما أن الراتب ليس هو المقياس في عالم كرة القدم، ففي النهاية من يتوج بالبطولات لن تسأل الجماهير كم يأخذ ومن يخفق لا تكترث الجماهير كثيرًا بأنه يقبض أقل، والتأكيد أن الأمر في النهاية خاضع للعرض والطلب هو في حد ذاته تأكيد لمفهوم الكفاءة.

في مراوغة يمكن وصفها بـ"ماهرة" أشار "ميكالي" إلى أن ذكره من قبل الكابتن حسام حسن سيعتبره بمثابة تقدير على العمل الذي قام به خلال فترة توليه المنتخب الأولمبي، والأسئلة هنا كثيرة والفوائد أكبر، لكن ما جال في خاطري هل لو انقلبت الآية، أو بمعنى آخر ماذا سيكون رد الكابتن حسام حسن لو كان في مكان ميكالي، هل كان سيرد هذا الرد؟ سأترك لكم التخيل ونوعية التصريحات.

أما الفوائد والتي أكتب هذا المقال خصيصًا من أجلها، هي أننا رأينا كيف يمكن الرد بدون تجريح في أحد أو مهاجمة أحد، كيف يمكن تعزيز موقفنا والدفاع عنه "فعل ميكالي ذلك بتعدد مآثره" دون أن يسيء للغير، كيف لا نخجل من هزائمنا كما فعل المدرب البرازيلي، كيف وضّح معيار راتبه بدون أن يقل "أقل من حقي" أو "لقد تنازلت حين فعلت كذا" وهي جمل مكررة عند كثيرين، كما رأينا كيف ذكر الكابتن حسام حسن واعتبر ما قاله "تقدير" في جملة لن يخطأ الجميع في تفسيرها الحقيقي.

بعيدًا عن مدى كفاءة المدرب أو الكرة بالعموم، لكن بيان ميكالي أو "اللعبة الحلوة" في عالم الكلمات، هو نموذج للرد حتى إن ذكر اسمك في سياق الهجوم عليك، وهو نموذج للثبات الانفعالي واحترام الجميع، ونموذج أيضًا لكيفية الدفاع عن نفسك دون أن تجرح في أحد أو تتهمهم باتهام ما، تلك هي الدروس الحقيقية الواجب أن نتعلمها جميعا وفي مقدمتنا المدير الفني لمنتخب لمصر.

search