ترامب ينتهج سياسة “الأخونة” في مركز كينيدي، ماذا نعرف عن مقر انعقاد قرعة المونديال؟
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
تتحول أنظار العالم، اليوم الجمعة، إلى مركز جون إف كينيدي للفنون في العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث تُسحب قرعة كأس العالم 2026 في حدث رياضي ضخم يُقام للمرة الأولى بمشاركة 48 منتخبًا.
وتنطلق مراسم سحب قرعة مونديال 2026 في تمام الساعة السابعة مساءً بتوقيت القاهرة، والثامنة مساءً بتوقيت مكة المكرمة.
ورغم الطابع الفني والتاريخي للمكان، فإن استضافة القرعة هذه المرة لا تمر دون جدل، بعدما تصاعدت تساؤلات سياسية ومالية حول الكواليس التي أحاطت باختيار المركز، لتختلط كرة القدم بالسياسة داخل أحد أبرز رموز الثقافة الأمريكية.

ويقع مركز كينيدي الذي يستضيف قرعة كأس العالم 2026 اليوم الجمعة، على مقربة من البيت الأبيض، ويُعد أحد أبرز المعالم الثقافية في العاصمة الأمريكية واشنطن.
ويحمل المركز، اسمه الرسمي “جون إف كينيدي للفنون الأدائية”، ويُعرف باستضافته للعروض المسرحية والحفلات الموسيقية وعروض الباليه، كما يضم مقر دار الأوبرا في واشنطن.
وافتُتحت قاعة الحفلات الموسيقية بالمركز عام 1971 وتتسع لنحو 2465 شخصًا، بينما تستوعب دار الأوبرا قرابة 2347 متفرجًا.
وعلى الرغم من الطابع الفني الخالص للمكان، فإن المركز يضم أيضًا عشرات الغرف والاستوديوهات والمساحات المتنوعة، ويمتد على مساحة تقترب من 1.5 مليون قدم مربعة على أرض تبلغ مساحتها 17 فدانًا.
إهدار مال عام
ورغم أن فكرة استضافة قرعة كأس العالم 2026 في مركز كينيدي لا تبدو غريبة في ظاهرها باعتبار المكان مؤسسة ثقافية، فإن الكواليس المحيطة بالقرار أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية داخل الولايات المتحدة.
وكشفت تقارير صحفية، أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” حصل على حق استخدام المركز لإقامة القرعة دون مقابل مادي مباشر، وهو ما فتح الباب أمام تحقيق من لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي في مزاعم تتعلق بالفساد وسوء استغلال الموارد داخل المركز، وذلك حسب ما ذكرته صحيفة “ذا أثليتيك”.
ووجه السياسي شيلدون وايتهاوس، رسالة رسمية إلى رئيس مركز كينيدي التنفيذي ريتشارد جرينيل انتقد فيها ما وصفه بالتعامل غير المسبوق مع المال العام، مشيرًا إلى أن المركز يتكبد خسائر بملايين الدولارات نتيجة الاستخدام المجاني للمنشآت، وإلغاء عروض فنية، إلى جانب نفقات مرتفعة مرتبطة بالضيافة والفنادق والمطاعم.
وأكد وايتهاوس، أن نسخة من عقد الاتفاق بين الفيفا والمركز أظهرت بوضوح أن فيفا لم يدفع أي رسوم مقابل استضافة الحدث، وهو ما اعتبره إهدار مال عام.
في المقابل، نفى ريتشارد جرينيل، هذه الاتهامات عبر حسابه على منصة “إكس”، مؤكدًا أن الاتفاق يصب في مصلحة المركز على المدى البعيد.
كما أوضحت المتحدثة باسم المركز، روما دارافي، لوكالة “أسوشيتد برس”، أن الفيفا سيتبرع بمبلغ 2.4 مليون دولار لصالح المركز، بالإضافة إلى الحصول على رعايات تجارية ستُدرّ نحو 5 ملايين دولار إضافية، في محاولة لاحتواء الانتقادات المتصاعدة.
إعادة المجد
ولم يتوقف الجدل عند الجوانب المالية فقط، بل امتد إلى البعد السياسي للحدث، إذ كان مركز كينيدي يُعرف تقليديًا كمؤسسة غير سياسية تُعنى بالفنون فقط، قبل أن تتغير ملامح إدارته في فبراير الماضي، عقب عودة دونالد ترامب إلى منصبه رئيسا للولايات المتحدة.
وعلى مدار عقود، كان الرؤساء الأمريكيون يعيّنون أعضاء مجلس الأمناء دون تدخل مباشر في هوية العروض أو محتواها الفني، وحتى خلال الولاية الأولى لترامب، ورغم غيابه عن بعض فعاليات التكريم السنوية، ظل المركز محافظًا على طابعه غير السياسي.
إلا أن المشهد انقلب تمامًا في فبراير 2025، حين نشر ترامب، بيانًا صادمًا أعلن فيه إقالة، 19 عضوًا من مجلس الأمناء، من بينهم رئيس المجلس ديفيد روبنشتاين، وتعيين نفسه رئيسًا للمركز، ثم إقالة الرئيسة التنفيذية ديبورا روتر وتنصيب حليفه السياسي والدبلوماسي السابق ريتشارد جرينيل مديرًا تنفيذيًا مؤقتًا.
وعلق ترامب وقتها، بأنه يسعى لما وصفه بإعادة “المجد” للمركز والتخلص مما اعتبره عروضًا لا تليق بالهوية الأمريكية.
وخلال الأشهر التالية، استضاف المركز، فعاليات ذات طابع سياسي وديني ووقفات احتجاجية ذات صبغة أيديولوجية، وهو ما عزّز المخاوف من تحول المركز من منصة ثقافية إلى ساحة للفعاليات السياسية.
تسييس الثقافة وكاتدرائية الفن
عقب قرارات ترامب، انطلقت موجة واسعة من الإقالات والاستقالات داخل المؤسسة، وغادر أكثر من 100 موظف من أصل نحو 370 خلال شهور قليلة.
في المقابل، بدأت أسماء فنية كبرى في الانسحاب احتجاجًا على ما وصفته بتسييس الثقافة، حيث ألغت الفنانة إيسا راي، أحد عروضها، بينما أعلنت شركة إنتاج مسرحية هاميلتون الشهيرة إلغاء عروضها المقررة في مارس وأبريل، معتبرة أن حيادية مركز كينيدي التاريخية دمرت، في مشهد يشبه إلى حد كبير ما كان يفعله الإخوان خلال حقبة الرئيس المعزول محمد مرسي، تجاه قصور الثقافة والفنانين، واتهم على إثرها مرسي بـ"أخونة الثقافة"، بما يعني استبدال الموظفين بالأتباع، مما أثار حملة غضب واستقالات وقتئذ.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، يشعر كثير من عشاق الفن في واشنطن، بأن مركز كينيدي فقد هويته التي ظلّت بعيدة عن الصراعات لعقود طويلة.
وعلقت إحدى المتطوعات قائلة، إنها لم ترَ المركز يومًا في هذا الوضع، فيما وصفه أحد الرواد القدامى بأنه كان "كاتدرائية" للفن وأصبح منصة للصراع السياسي.
وهكذا تتحول قرعة كأس العالم من مجرد حدث رياضي إلى لحظة فارقة في تاريخ مركز كينيدي، لحظة تختلط فيها كرة القدم بالسلطة، وتغادر فيها المؤسسة الثقافية الأبرز في العاصمة الأمريكية منطقة الحياد التي ظلت تحميها لأكثر من نصف قرن.
ومع هذه الاحتجاجات، تراجع الإقبال الجماهيري، بشكل ملحوظ، إذ كشفت مديرة قسم الرقص المقالة جين رايلي، أن نسب تجديد الاشتراكات انخفضت بنحو 50 في المئة مقارنة بالسنوات السابقة.
“سنفرش السجادة الحمراء”
وذكرت صحيفة “ذا أثليتيك”، أن اختيار مركز كينيدي لاستضافة قرعة كأس العالم، جاء بطلب مباشر من ترامب، رغم أن الفيفا كان قد ناقش في وقت سابق إقامة الحدث في مدينة لاس فيجاس داخل مسرح “سفير”، فإن الكفة مالت فجأة نحو واشنطن بناءً على توصية من إدارة ترامب، وهو ما تجاوب معه رئيس الفيفا جياني إنفانتينو.
إلا أن الاستقرار في النهاية كان على العاصمة واشنطن، وهو ما قوبل بترحيب بالغ من ترامب الذي صرّح عقب الاتفاق، قائلًا: “سنفرش السجادة الحمراء”.
ومع اقتراب موعد القرعة، بات في حكم المؤكد، أن الحدث لن يكون رياضيًا خالصًا، إذ سيكون ترامب حاضرًا في الصفوف الأولى إلى جانب رئيس الفيفا وعدد من كبار المسؤولين، كما سيجري تقديم جائزة جديدة تحمل اسم “FIFA Peace Prize” أُنشئت خصيصًا لهذه المناسبة.

ومن المتوقع أن تكون القرعة، أكبر حدث عالمي يُنقل من داخل مركز كينيدي في تاريخه، وهو ما يمنحه بريقًا إعلاميًا غير مسبوق، لكنه في الوقت نفسه يعمّق الجدل حول اختلاط الرياضة بالسياسة داخل أحد أبرز رموز الثقافة الأمريكية.
ورغم الترحيب الرسمي بالحدث العالمي، فإنه في الوقت نفسه، يعمّق الجدل حول اختلاط الرياضة بالسياسة داخل أحد أبرز رموز الثقافة الأمريكية، في واحدة من أكثر كواليس قرعة كأس العالم إثارة في تاريخ البطولة.
اقرأ أيضا:
إعجاز المغرب وحلم غانا الضائع، تاريخ مشاركة منتخبات أفريقيا بالمونديال
أرقام استثنائية وحقائق تاريخية عن المونديال قبل قرعة كأس العالم 2026
الأكثر قراءة
-
جدول امتحانات النقل الثانوي الأزهري 2025-2026
-
مؤشرات نتائج انتخابات النواب في دوائر محافظة سوهاج، خروج برلماني سابق
-
لخريجي حقوق وشريعة وشرطة 2024، مسابقة جديدة لوظيفة معاون نيابة إدارية
-
المجموعة الأولى تشتعل، تعادل إيجابي مثير بين سوريا وقطر بكأس العرب
-
حظك اليوم الجمعة 5 ديسمبر 2025.. كيف سيكون يومك وفق برجك؟
-
بقيادة حسام البدري، أهلي طرابلس بطلًا لكأس ليبيا
-
"اتهموها في شرفها وربنا برأها"، أول تعليق من صاحب مقطع فتاة البشعة (خاص)
-
خبر صادم لإسرائيل، 4 سيناريوهات وراء اغتيال ياسر أبو شباب
أخبار ذات صلة
إعجاز المغرب وحلم غانا الضائع، تاريخ مشاركة منتخبات أفريقيا بالمونديال
05 ديسمبر 2025 10:30 ص
أرقام استثنائية وحقائق تاريخية عن المونديال قبل قرعة كأس العالم 2026
05 ديسمبر 2025 10:03 ص
فتاة "البشعة" تعيد الجدل حول الموروثات بين الحقيقة والدجل
04 ديسمبر 2025 11:51 م
متخابر وناهب للمساعدات، التاريخ الأسود لـ ياسر أبو شباب في قطاع غزة
04 ديسمبر 2025 05:22 م
أكثر الكلمات انتشاراً