"هكمل علاج ليه"، طبيبة تكشف معاناتها مع إخبار والدها بحالته الصحية

أثارت طبيبة الأطفال إيثار أحمد، أحد الموضوعات الشائكة عبر صفحتها الشخصية بموقع فيسبوك، بعدما تناولت قصة مؤثرة حول وفاة والدها، وشعورها بالذنب حياله بعد رحيله.

إخفاء تفاصيل حالة المريض الصحية 

وكتبت إيثار :" هبة راشد مؤسسة "مرسال" بتتكلم الفترة اللي فاتت عن إن الدكاترة لازم يبلغوا المريض بحالته مش الأهل، وإن مينفعش نمشي ورا رغبة الأهل إننا مننعرفش المريض حالته عشان مينهارش، طبعًا دي ABC medical ethics اتعلمناها وكنسلناها عشان نبتدع أخلاقيات متناسبة مع المجتمع".

أوضحت أن أهالي المرضى يرفضون إطلاعهم على تفاصيل حالتهم الصحية، بل قد يهددون بعدم التعامل مع الطاقم الطبي، وقد تقع حالات اعتداء كذلك لمنع إجراء طبيعي لا يخص إلا المريض وحده.

تابعت:" الحقيقة بتمنى الدكاترة كانوا عملوا كده معايا، ساعة بابا الله يرحمه، الدكاترة كانوا بيكلموني أنا يوصلولي المعلومة وأنا أوصل اللي عايزاه لوالدي وأهلي، وندخل بقى دوامة إني اختار إيه هيتقال وإيه مش هيتقال".

أشارت إلى أن تلك السلوكيات ساهمت في شعورها بحالة نفسية صعبة، وكانت تواجه أزمة في انتقاء كلماتها لكي تخبر والدها عن حالته الصحية، خاصة مع عملها كطبيبة، ما حملها الكثير من الضغوطات، كذلك انتقل ذلك لوالدها الذي كان يفضل في البداية أن تكون هي نقطة الوصل بينه وبين الأطباء ولكن مع بدء رحلته مع السرطان، شكل ذلك عبئًا كبيرًا على حالته النفسية".

تبسيط الحالة الصحية للمريض

فكرة الوسيط بين الطبيب والمريض شكلت عبئًا على قرارات إيثار، فلا تعرف كيف ستشرح كل تفصيلة من رحلة العلاج، وكيف ستخبر والدها أنه سيخضع للكيماوي أو غيره.

وتابعت:"عبء القرارات علي أنا وأنا أساسا معرفش إيه القرار الصح، فالكيماوي مهلك متعب بيدمر، والسرطان نفسه مميت مؤلم ومشواره آخرته موت مؤلم جدًا، الواقع إن كل مرة كنت بحاول أقنعه بالكيماوي كنا بنشد في الكلام".

وأشارت أن المريض يتضرر بتبسيط المعلومات التي يستقبلها من أهله، فيرفض إجراءات كادت تحمي حياته، لكنه رفضها لأنه رأى أن حالته الصحية لا تحتاجها والحقيقة عكس ذلك.

الشعور بالذنب وإجراءات التشخيص 

تواصلت “تليجراف مصر” مع إيثار أحمد، التي كشفت الآثار السلبية التي طالت صحة والدها بسبب شعوره بالتخبط مما كان يسمعه ممن حوله وما يشعر به، وشعوره الدائم أن هناك شيئًا يجهله عن صحته.

قالت:"كان يشعر بالغضب طوال الوقت، يتهمني أني أخفي عليه شيئًا، لذلك كثيرًا ما كان يرفض استكمال العلاج بدعوى:" مش أنا كويس وفيه تحسن هكمل علاج ليه؟"،  أثر كل ذلك على حالته بشكل كبير فرفض أن يقوم بعمل “منظار” في بداية مرضه، وهو أهم خطوة في التشخيص المبكر لسرطان القولون، بسبب أن الطبيب رفض إخباره أنه اشتباه سرطان، فتأخر في اكتشاف العلاج ووقتها كان المرض اتنشر في جسده". 

تابعت:" بسبب عدم درايته بالتفاصيل الكاملة حول مرضه، كان خياله يصور له مصائب أكبر مما يمر بها، بالتالي تأثرت حالته النفسية.

لماذا يختار الطبيب تخطي المريض والتواصل مع ذويه عن تفاصيل حالته الصحية؟

تعمل إيثار طبيبة أطفال، ومن واقع عملها في المجال الطبي، تكشف أن قرار تحديد الجهة التي ستستقبل التفاصيل الخاصة بالحالة الصحية للمريض، تتوقف على طلب الأهل وليس تصرف الطبيب نفسه، فبعض الأطباء عندما يرفضون الإذعان لأوامرهم يبدأون في تصويره كشخص تسبب لمريضهم بالضرر فساءت حالته.

تتابع:" جميعنا كأطباء درسنا أخلاقيات التعامل مع المرضى، لكن المجتمع يطلب شيئًا مختلفًا، فاضطررنا  لتنفيذه". 
وأشارت إلى أن تلك التجربة غيرت كثيرًا من تصرفاتها أثناء أداء عملها:" أنا طبيبة أطفال بحاول بقدر الإمكان أشرح للأهل حالة أبنائهم، لكن عند تواجدي في الاستقبال، قد يكون هناك حالات لكبار السن، تعاني من أمراض مزمنة فأضطر أشرح للمريض الحالة لكن أحيانا يرفض الأهل ذلك، وهنا أنقل ألقي الأمر على عاتق الأهل وهو ما قد يؤثر على حالته بحسب الطريقة التي يتم إبلاغه بها.

الواجب الطبي 

تواصلت “تليجراف مصر” مع طبيب الأورام هشام الغزالي للحديث عن طبيعة الواجب الطبي في الحالات المشرفة على الموت، قائلًا :"المريض الذي يعاني، من حقه  أن يعرف كل التفاصيل،  لازم كل الناس تكون عارفة كل التفاصيل ولكن الطريقة يكون فيها مراعاة شديدة لحالته النفسية، حتى لو مافيش أمل لابد إننا نبلغه بطريقة لا تؤثر سلبًا على حالته، نوازن بين الحاجتين تبلغيه الحقيقة بدون ما تؤثري على حالته النفسية".

اقرأ أيضًا:

أزمة صامتة بغرف الطوارئ.. كيف يهدد نقص الدم حياة المرضى ويعطل فرص نجاتهم؟

"إحنا آسفين يا كارول"، رسالة من ثلاجة ذكية لمريضة فصام تعيدها للمستشفى