الخميس، 18 ديسمبر 2025

07:42 م

"لا ماء ولا حياة"، نهر دجلة مُعرّض للاختفاء

تدهور حالة نهر دجلة في العراق

تدهور حالة نهر دجلة في العراق

يعاني نهر دجلة في العراق من تلوث شديد، كما يواجه خطر الجفاف وتغيير حياة المجتمعات القديمة التي تعيش على ضفافه، ولم تُتخذ إجراءات عاجلة لإنقاذ النهر.

نهر دجلة 

نهر دجلة هو أحد النهرين الشهيرين اللذين يحتضنان بلاد ما بين النهرين "دجلة والفرات" وكانا يشكلان في الماضي جزءًا من "الهلال الخصيب"، ينبع النهر من جنوب شرق تركيا، ويمتد على طول العراق، مرورًا بأكبر مدينتين فيه، الموصل وبغداد، حتى يلتقي بنهر الفرات؛ ويشكلان معًا شط العرب، ليكملا رحلتهما جنوبًا إلى الخليج العربي.

هنا، على ضفاف هذه الأنهار، تغير تاريخ العالم، هنا، تطورت الزراعة على نطاق واسع، وتُستخدم مياه نهر دجلة للري والنقل والصناعة وتوليد الطاقة والشرب لما يُقدّر بنحو 18 مليون عراقي يعيشون في حوضه.

قوارب صيد في نهر جف في أهوار الحويزة 

أسباب تدهور حالة نهر دجلة 

وفقا لتقرير صحيفة “الجارديان” البريطانية، فإن حالة النهر تتدهور منذ عقود، إذ كان العراق يمتلك بنية تحتية متطورة للمياه حتى استهدفته الولايات المتحدة في عملية عاصفة الصحراء عام 1991. 

ضعف البنية التحتية 

ومع تدمير محطات المعالجة، تدفقت مياه الصرف الصحي إلى المجاري المائية، ومع سنوات من العقوبات والصراع لم تتعاف البنية التحتية تمامًا. 

واليوم، في جنوب ووسط العراق، 30% فقط من الأسر الحضرية مستفيدة من شبكة معالجة مياه الصرف الصحي، وينخفض ​​هذا الرقم إلى 17% في المناطق الريفية، وفقا للتقرير.

التلوث وجودة المياه

وإلى جانب النفايات البلدية، تتسرب الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية الموجودة في مياه الصرف الزراعي والنفايات الصناعية، بما فيها نفايات قطاع النفط، والنفايات الطبية، إلى النهر.

 وقد كشفت دراسة أجريت عام 2022 أن جودة المياه في العديد من المواقع في بغداد صُنفت بأنها "سيئة" أو "سيئة للغاية". 

وفي عام 2018، تلقى ما لا يقل عن 118 ألف شخص في مدينة البصرة الجنوبية العلاج في المستشفيات بعد شربهم مياه ملوثة.

انخفاض منسوب النهر

كما انخفض منسوب النهر بشكل كبير، ففي السنوات الثلاثين الماضية، شيدت تركيا سدودًا ضخمة على نهر دجلة، مما أدى إلى انخفاض كمية المياه الواصلة إلى بغداد بنسبة 33% . 

وقامت إيران أيضًا ببناء سدود وتحويل المياه بعيدًا عن الأنهار المشتركة التي تغذي دجلة، وفي العراق، يُساء استخدام المياه بشكل متكرر، لا سيما في القطاع الزراعي الذي يستهلك ما لا يقل عن 85% من المياه السطحية في البلاد.

التغيرات المناخية وانخفاض الأمطار 

وتُخلّف أزمة المناخ آثارًا وخيمة، فقد سجّل العراق انخفاضًا بنسبة 30% في معدل هطول الأمطار، ويعاني من أسوأ موجة جفاف منذ قرن تقريبًا، ومن المتوقع أن يتجاوز الطلب على المياه العذبة العرض بحلول عام 2035. 

وفي صيف هذا العام، انخفض منسوب نهر دجلة إلى درجةٍ مكّنت الناس من عبوره سيرًا على الأقدام بسهولة.

ويشكو العراقيون من أن السدود المقامة في أعالي النهر وسوء الإدارة هما مصدر القلق الأكبر، لأنه مع انخفاض حجم النهر، يزداد تركيز الملوثات، كما تعتمد جودة المياه على كميتها.

واضطرت الحكومة العراقية مراراً إلى الضغط على جارتها الشمالية لإطلاق المزيد من المياه من سدودها، ويُعدّ الهدر في العراق أحد الشواغل التي يثيرها المسؤولون الأتراك باستمرار في هذه المناقشات.

وفي نوفمبر، وقّعت بغداد وأنقرة اتفاقية لمعالجة بعض مشاكل النهر، تشمل وقف التلوث، وإدخال تقنيات ري حديثة، واستصلاح الأراضي الزراعية، وتحسين إدارة المياه. 

وقد وُصفت الاتفاقية بأنها "اتفاقية نفط مقابل ماء"، حيث ستتولى شركات تركية تنفيذ مشاريع البنية التحتية بتمويل من عائدات النفط، وأشادت وزارة الخارجية العراقية بالاتفاقية ووصفتها بأنها " الأولى من نوعها ".

ولاقت الاتفاقية انتقادات لاذعة من الخبراء والناشطين البيئيين والجمهور، الذين يشعرون بالقلق إزاء نقص التفاصيل التي تم الكشف عنها، والتي يبدو أنها تمنح أنقرة السيطرة على موارد المياه في العراق، وأنها ليست ملزمة رسمياً.

وقال محسن الشمري، وزير الموارد المائية السابق: "لا يوجد اتفاق فعلي في الوقت الراهن، أظن أن هذا الاتفاق كان أقرب إلى دعاية انتخابية"، وقد وُقّع الاتفاق قبل تسعة أيام فقط من الانتخابات العامة العراقية.

أخبار متعلقة

search