هل حدث شلل عالمي؟، الأسباب الحقيقية لاضطرابات حركة الطيران

أشخاص في المطار (أرشيفية)

A . .A

ترددت أنباء خلال الأيام الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، تزعم وقوع شلل عالمي شامل في حركة الملاحة الجوية مع نهاية عام 2025، متحدثة عن توقف واسع للطيران في معظم مطارات العالم.

بمراجعة مصادر الأخبار الرسمية، يُظهر بوضوح أن هذه المزاعم لا تستند إلى أي أساس حقيقي، وأن ما جرى اقتصر على اضطرابات محدودة ومحلية ذات أسباب معلنة ومعروفة.

ولم تصدر أي جهة رسمية أو منظمة طيران دولية أو وكالة متخصصة تأكيدًا بوقوع شلل عالمي في الملاحة الجوية كما زعمت بعض التقارير غير الدقيقة.

وعلى العكس، تؤكد البيانات الصادرة عن الهيئات المعنية أن حركة الطيران العالمية لم تتوقف بشكل شامل، ولم تُعلن أي حالة طوارئ دولية أو حادث غامض أدى إلى تعطيل منسق لحركة الطيران حول العالم.

حالات فردية لا أزمة عالمية

تشير التقارير الموثوقة إلى أن ما حدث في بعض المطارات خلال تلك الفترة كان عبارة عن حالات منفصلة، ارتبطت إما بأحوال جوية قاسية أو بظروف تشغيلية محلية، ولم تتجاوز نطاق التأثير الإقليمي أو المؤقت.

الضباب يعطل الحركة في دلهي

أفادت وكالة PTI، نقلاً عن مسؤولين، بأن الضباب الكثيف تسبب في تعطيل حركة الطيران بمطار إنديرا جاندي الدولي في دلهي يوم الجمعة، ما أدى إلى إلغاء ما لا يقل عن 177 رحلة جوية، إضافة إلى تأخير أكثر من 500 رحلة أخرى.

وأعلنت وزارة الطيران المدني الهندية أنها تعمل بتنسيق وثيق مع إدارة الأرصاد الجوية، مؤكدة أن القرارات التشغيلية تُتخذ بناءً على توقعات الطقس الفعلية، بحسب ما نقلته صحيفة "times of india".

كما أوضحت الوزارة عبر منشور على منصة "إكس"، أن بعض الرحلات أُلغيت مسبقًا، مع إبلاغ المسافرين بتجنب السفر غير الضروري، وتقديم استرداد كامل للمبالغ المدفوعة وإتاحة إعادة جدولة مجانية، مع توجيه إدارات المطارات بضمان توفير الدعم اللازم للمسافرين.

من جهتها، أعلنت شركة مطار دلهي الدولي المحدودة (DIAL) في منشور أن عمليات المطار تسير بشكل طبيعي دون انقطاع، رغم استمرار العمل وفق أنظمة CAT III بسبب الضباب الكثيف.

عاصفة ممطرة في الإمارات

شهدت دولة الإمارات عاصفة ممطرة غير معتادة يوم 19 ديسمبر 2025، أدت إلى سيول وفيضانات في دبي والشارقة، وأسفرت هذه الظروف عن إلغاء وتأخير عشرات الرحلات الجوية، حيث ألغت طيران الإمارات 13 رحلة مغادرة من دبي، فيما سجل مطار الشارقة اضطرابات واضحة في الحركة الجوية، بحسب موقع "العربي الجديد".

وأكد متحدث باسم مطار دبي، عبر الموقع الرسمي، أن عددًا من الرحلات تأخر أو أُلغي بسبب سوء الأحوال الجوية.

مطارات دولية أخرى

ذكرت صحيفة عكاظ السعودية أن مطارات باريس، وهيثرو في لندن، وإسطنبول، والدوحة، والرياض، ودبي، شهدت خلال يومي 18 و19 ديسمبر 2025 اضطرابات جوية مؤقتة، عزيت إلى أسباب تقنية وتشغيلية.

تأثير الإغلاق الحكومي في أمريكا

في الفترة نفسها، كانت الولايات المتحدة تواجه تداعيات الإغلاق الحكومي الأمريكي، حيث اضطرت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) إلى خفض جدول الرحلات بنسبة 4% في 40 مطارًا رئيسيًا، نتيجة نقص مراقبي الحركة الجوية خلال إغلاق استمر 43 يومًا، بحسب وكالة "رويترز".

وأدى ذلك إلى إلغاء نحو 7.100 رحلة جوية، وتأثر ما يقارب 2.3 مليون مسافر، إلا أن هذه الإجراءات جاءت في إطار أزمة داخلية معلنة، وليست نتيجة ظرف مفاجئ أو غامض.

الأسباب المحتملة للاضطرابات الجوية

في الولايات المتحدة، ارتبطت القيود المفروضة على الرحلات باستمرار الإغلاق الحكومي، مع تهديد مراقبي الحركة الجوية بالتغيب أو الإضراب، ما دفع إدارة الطيران الفيدرالية إلى تقليص الرحلات بدوافع تتعلق بالسلامة.

تزامنت الاضطرابات في عدة مناطق مع ظروف جوية صعبة، أبرزها الضباب الكثيف في شمال الهند، والعواصف الممطرة الشديدة في الإمارات خلال 18 و19 ديسمبر، والتي أدت إلى فيضانات وإلغاء عشرات الرحلات.

هل لعبت الهجمات السيبرانية دورًا؟

رغم تسجيل تأخيرات سابقة في أوروبا خلال سبتمبر 2025 بسبب هجمات برمجيات الفدية، لم ترد أي تقارير رسمية خلال ديسمبر تشير إلى وقوع هجوم إلكتروني جديد أو عطل موحد عالمي.

ويؤكد ذلك أن أسباب الاضطرابات المسجلة كانت محلية ومعلنة، ولا علاقة لها بتعطل شامل أو مفاجئ في أنظمة الطيران العالمية.

ردود الجهات الرسمية

أوضح مطار الملك خالد الدولي بالرياض أن التأخيرات المسجلة كانت نتيجة عوامل تشغيلية، مثل تحويل بعض الرحلات لأعمال صيانة، مؤكدًا استمرار فرق التشغيل في العمل على مدار الساعة، وداعيًا المسافرين للتواصل مع شركات الطيران للحصول على آخر التحديثات.

وفي الهند، أصدر المجلس المركزي للطيران المدني توجيهات بتكثيف التنسيق مع هيئة الأرصاد الجوية، وإلزام شركات الطيران بإبلاغ الركاب مسبقًا وإتاحة إعادة جدولة مجانية مع استرداد كامل، كما أكد مطار دلهي الدولي عبر حسابه على "إكس" استمرار العمليات بشكل طبيعي رغم ضعف الرؤية.

تشير البيانات إلى أن أعداد المتضررين كانت مرتبطة بالمناطق المتأثرة فقط، حيث ألغيت عشرات الرحلات في دبي بسبب الفيضانات، و177 رحلة في دلهي نتيجة الضباب، وتأثر آلاف المسافرين في الولايات المتحدة بسبب الإغلاق الحكومي، ولم تُسجل أي حالة توقف جماعي عالمي أثرت على ملايين الركاب في وقت واحد.