بين الجهل والخرافات، كيف يشوّه الدجل القرآن بدعوى "العلاج"؟
صورة من الفيديو المتداول
في الساعات الأخيرة تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعًا صادمًا أظهر شخصًا يدعي أنه معالج روحاني بالقرآن، زعم أنه يخرج الجن من جسد إحدى السيدات، ليظهر وهو يمرر يده على جسدها في أماكن غير مناسبة، لتشتعل حالة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي.
المشهد الصادم الذي تضمنه الفيديو، أثار عدة تساؤلات في أذهان الناس، هل يجوز التعدي اللاأخلاقي بحجة الدين والعلاج الروحاني، وهل يعتبر ذلك استغلالًا للدين في أساسه، وما هي حكاية العلاج بالقرآن واختلافه عن الرقية الشرعية؟
العلاج بالقرآن سبب انصراف الناس عن الدين
الدكتور عادل نعمان الكاتب والمفكر، رأى في فكرة العلاج بالقرآن انعكاسًا واضحًا للجهل المجتمعي، حيث اختصّ القرآن بأنه كتاب ديني يبعث السكينة والهدوء في النفوس، لكنه لا يتطرق لمسألة العلاج من الأمراض.
كما وصف، خلال حديثه لـ"تليجراف مصر"، تلك الوسيلة التي تستغل جهل الكثيرين، بأنها وسيلة نصب واحتيال للتكسب من الغير، مشيرًا إلى أن العلاج بالقرآن والمعالجين الروحانيين الذين يدعون قدرتهم على شفاء الناس من أمراضهم هم السبب الرئيسي لانصراف الناس عن الدين، لأنهم يكتشفون بعد فترة أن تلك الممارسات لم تشفهم لا من الأمراض المتوطنة ولا العضالة.
وتابع: "الرسول كان يذهب للطبيب حتى يطببه في منزله، وكان هو أولى أن يقرأ القرآن على الناس ليشفيهم من أمراضهم، لكن لم يثبت تاريخيًا أن الرسول تداوى بالقرآن".

استمرار العلاج بالقرآن رغم إثبات فشله عبر الزمن
وأشار نعمان إلى أن الجهل في المجتمعات سبب ظهور مثل تلك الظواهر واستمرارها رغم فشلها لسنوات، كما أن الشخص الذي يفتقر للتفكير ينجذب لأي أمر يغلف له في رداء الدين، سواء كان من قام بذلك شيطانًا أو من الجان، ليؤخذ الأمر صداه بين الناس فينتشر ويقبلون هم عليه.
واستكمل: "أصبحنا نشهد حالات اعتداء جنسية من رجال الدين والمعالجين بالنساء والأطفال، فالناس يخلطون الدين وهو النقي البريء".
وشدد نعمان على أهمية التصدي لتلك الظاهرة الخطرة، بالتوعية من قبل المثقفين والمتنورين والإعلاميين، ونشر الثقافة وسبل التفكير من خلال وسائل التواصل والاتصال والاعلام.
دجل صريح لا يمت للدين بصلة
دكتور أسامة قابيل أحد علماء الازهر الشريف، أكد أن المقطع المتداول الذي يظهر فيه شخص يدّعي أنه شيخ ومعالج بالقرآن، وهو يقوم بالاعتداء بالضرب على سيدة، ووضع يده على مواضع محرّمة من جسدها بزعم إخراج الجن والتحدث معه، هو مشهد لا يمتّ للدين ولا للرقية الشرعية بأي صلة، ويمثل جريمة شرعية وأخلاقية مكتملة الأركان، وانتهاكًا صريحًا لحرمة الجسد، واستغلالًا فاضحًا لحاجة الناس باسم الدين.
وأوضح قابيل لـ"تليجراف مصر"، أن ما يحدث في مثل هذه المقاطع هو دجل صريح، وتشويه متعمد لمفهوم العلاج بالقرآن، مؤكدًا أن الإسلام بريء تمامًا من أي ممارسات تقوم على الضرب أو الإيذاء أو لمس النساء أو ادعاء التواصل مع الجن، كما أن هذه الأفعال محرّمة شرعًا، ولا يجوز السكوت عنها بدعوى العلاج أو الرقية.
العلاج بالقرآن حق ثابت في الشريعة الإسلامية
وأشار قابيل إلى أن العلاج بالقرآن حق وثابت في الشريعة الإسلامية، مستندًا إلى قول الله تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾، موضحًا أن المقصود بالعلاج بالقرآن هو قراءة كلام الله والأدعية المأثورة بنية الشفاء، مع اليقين التام بأن الشفاء من عند الله وحده، وليس بيد شخص أو معالج أو شيخ.

الرقية الشرعية مثبتة في السنة النبوية
وبيّن الدكتور أسامة قابيل أن الرقية الشرعية ثبتت عن النبي ﷺ، حيث رقى ورُقي وأقرّ الصحابة على الرقية، لكن لم يثبت عنه ﷺ ولا عن أصحابه أي صورة من صور الضرب أو الإهانة أو التعرّي أو لمس العورات، مؤكدًا أن كل ما يُروّج له اليوم من مشاهد عنيفة أو خادشة للحياء لا علاقة له بالهدي النبوي.
وعن شفاء القرآن الكريم للمس، أوضح أن القرآن شفاء بإذن الله، وقد يكون سببًا في زوال كثير من الآلام النفسية أو الروحية، لكن الشفاء ليس آليًا ولا مضمونًا على يد بشر، بل هو مرتبط بمشيئة الله وحده، محذرًا من ربط الشفاء بادعاءات كاذبة يقولها الدجالين مثل “أنا أكلم الجن” أو “أنا أعرف مكان العارض”، واصفًا ذلك بأنه من أبواب الكذب والافتراء.
انعكاس للمخاطر والفتن ومآخاة مع الجن
الداعية الإسلامي عطية لاشين، رأي أن العلاج بالقرآن وما يروج له المعالجون الروحيون، يسبب مخاطر وفتنًا وبلاءً تصيب المجتمع كله، لأن غالبية هؤلاء الناس يتآخون مع الجن، والجن لا يُسخر لهم إلا إذا تلقى المقابل، ومقابله هنا يأتي على حساب ومبادئ ودين وتعاليم شريعة المعالج، ما قد يؤدي به للمخالفة الكفرية والعقدية لكي يكون تحت يديه وقت أن يطلب.
العلاج الطبي للأمراض أولى من العلاج بالقرآن
وأوضح لاشين لـ"تليجراف مصر" أن الأمراض أولى بها العلاج الطبي المتخصص الذي درس فيه الطبيب الطب دراسة أكاديمية ومنهجية علمية، وليس دراسة بالقوة أو بالذراع أو بالغلبة.
ووجه حديثه لمن يصدقون بمفعول المعالجة بالقرآن: "فليحذر الذين يمشون وراء هذه المسميات، بحجة إنقاذ مريضهم، دون نظر إلى المخاطر التي تصدر من المعالجين، من ارتكاب ما يغضب الله، وهذا فيه من الإثم ما فيه وفيه من الضلال ما فيه، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة.
وشرح الفرق بين الرقية الشرعية والعلاج بالقرآن بقوله: "الرقية الشرعية رقية مشروعة وممنهجة وبها جاءت السنة النبوية، ورقى بها رسول الله الحسن والحسين وعودهما بها، ولها ضوابط ألا تكون بخلوة بين الراقي والمرقي، وألا يجتمعا في مكان منفردين ويجب وجود شخص ثالث، في حالة إن كانت سيدة".
اقرأ أيضًا:
الأمن يفحص فيديو متداول لدجال يدعي العلاج بالمنصورة
"جلب الحبيب ورد المطلقة"، ضبط دجال كرموز بعد النصب على المواطنين
الأكثر قراءة
-
مصور خدش خصوصيتها، القصة الكاملة لفيديو ريهام عبدالغفور "العفوي"
-
"صباح الخير جوازتنا خلصت", القصة الكاملة لأشهر طلاق في الوسط الإعلامي
-
7 دوائر على صفيح ساخن، منافسة شرسة بين الأحزاب والمستقلين في جولة الإعادة بسوهاج
-
عزيمة وإصرار، غزاوية كفيفة تنال الماجيستير رغم وفاة 100 من عائلتها بالحرب
-
لميس الحديدي تروي قصة زواجها من عمرو أديب
-
قبل اجتماع المركزي، أعلى عائد شهادات في البنوك المصرية
-
"دخلت على رجليها وخرجت بكرسي"، مأساة مريضة دفعت 185 ألف جنيه لمستشفى خاص بالتجمع
-
"راية القابضة" تتخلى عن "راية فودز" بصفقة بيع، ما علاقة إسرائيل؟
أخبار ذات صلة
مقبرة أمير الشعراء أحمد شوقي تفتح أبواب الجدل، إهدار للتراث أم مصلحة عامة؟
25 ديسمبر 2025 01:56 م
عزيمة وإصرار، غزاوية كفيفة تنال الماجيستير رغم وفاة 100 من عائلتها بالحرب
25 ديسمبر 2025 11:55 ص
الدواجن النافقة، كيف تدفن وهل تعود خلسة إلى الأسواق؟
25 ديسمبر 2025 07:45 ص
"دخول الحمام بإذن"، صرخات عمال "مفكو حلوان" تحت وطأة التعسف والأجور المتدنية
24 ديسمبر 2025 03:57 م
مزايدة إيمانية أم شعائر روحانية؟ مشادة كلامية تفجر خلافات فقهية حول إذاعة قرآن الفجر
24 ديسمبر 2025 04:52 م
الإيجار القديم والـ 7 سنوات.. صراع متجدد بين حقوق الملاك ومخاوف المستأجرين
24 ديسمبر 2025 10:36 ص
أقنع الناس بالتبرع، معلمة مكة تكشف تأثير "لا ترد ولا تستبدل" (خاص)
23 ديسمبر 2025 11:21 م
طرح رينو أوسترال الفيس ليفت 2026 يجبر الموزعين على تخفيض الشكل القديم
24 ديسمبر 2025 02:09 م
أكثر الكلمات انتشاراً