حين اجتمع قلبان من وجع واحد
كنت أعبر أيامي كمن يمر فوق جرحه بصمت لا يسمعه أحد. كل لحظة كانت تمر كأنها تسحب مني شيئًا وتترك في داخلي فراغًا لا أستطيع تجاهله. كنت أحاول ان ابتسم، أحاول أن أبدو قوية، أحاول أن أُقنع نفسي أن كل شيء على ما يرام لكن قلبي كان يصرخ دائما في صمت. ثم جاء هو لم يكن مجرد لقاء كان انفجارًا هادئًا، لحظة توقف فيها الزمن.
جلست أمامه، ولم أستطع أن ابتعد عن عينيه، فقد وجدت فيه كل ما فقدته وكل ما كنت أبحث عنه بصمت. في عينيه رأيت الحزن نفسه الذي حملته وحدي، وفي حضنه شعرت بالأمان الذي طال انتظاره. لم نحتاج لكلمات كثيرة، فصمتنا كان يكفي.، صمت يتحدث بالحنين ، بالشوق ، بالحب الذي لم يُسمع صوته من قبل.
بدأنا نتحدث عن الأيام التي ضاعت، عن الجراح التي تركت ندوبًا في الروح لا تراها العين، عن الحلم الذي تكسّر وطالما تمنينا أن نلتقي فيه.
كانت ضحكاتنا خفية، مليئة بالحنين، ودموعنا كانت اعترافًا صامتًا بأننا احتجنا لبعضنا طوال الوقت. الوجع وحده جمعنا، والحب أعادنا، وكأن الحياة أرادت أن نجد بعضنا قبل أن نفقد كل شيء.
كل كلمة منه كانت تداعب قلبي برقة، كل نظرة كانت تلمس روحي، كل لمسة كانت تذكرني أن الحب الحقيقي موجود حتى بعد كل الفقد. كنت أستمع له وأشعر أن روحي تعرفه قبل أن يعرفني، وكأن قلبي كان ينتظر حضوره منذ البداية.
في حضوره تعلمت أن الحب ليس مجرد شعور، بل هو ملاذ للوجع، ملجأ للحنين، فضاء نلجأ إليه حين تنهار كل الحواجز. حتى بعد الفراق المؤقت، ظل الحنين حاضرًا، يلم شظايا قلوبنا معًا، ويعيد ترتيب الروح.
كان الحب بيننا صامتًا وقويًا، لا يحتاج إلى كلمات ليثبت نفسه. كان يعرف متى نقترب، ومتى نصمت، ومتى نترك الشوق يختبئ في مكان آمن داخلنا، لنعود إليه لاحقًا. لم نعد نختبر الحب كما كنا قبل ذلك. كل لحظة، كل ضحكة، كل دمعة أصبحت أثمن.
تعلمنا أن الحب الحقيقي لا يذوب، ولا يضيع، بل يبقى حتى حين يغيب الحاضر. أن نحب دون أن نفقد أنفسنا، أن نشتاق دون أن ننكسر، أن نحتفظ بالدفء رغم برد الحياة.
وفي النهاية، كان الحب هو من أعادنا من ضياعنا ومن وجعنا ومن وحدتنا. كان هو الدفء الذي يملأ الصمت، والنبض الذي يحيي القلب بعد كل غياب، والضوء الذي يجعلنا نعرف أن بعض اللقاءات، مهما صغر وقتها، تصنع الحياة كاملة.
وفي ليلةٍ هادئة، كان القمر يشبه اعترافًا مؤجلًا، كتب لي :
“لم أحبك يومًا بطريقة صاخبة أحببتك بصوت خافت يسكنني. أحببتك لأن وجعك يشبه وجعي، ولأن قلبك حين يقترب يردّ الروح إلى قلبي. وحين أعود سأحتضنك بهدوء، سأحبك دائماً كما أنت لأن الحب الذي وُلد من الألم لا يموت بل يتحوّل إلى نورٍ يسكن الروح.”
وغفوت تلك الليلة وقلبي مطمئن .، ليس لأن اللقاء صار ممكنًا، بل لأن الحب صار أوسع من المسافة وأعمق من الغياب وأصدق من كل الكلمات.
فقل لي:
هل شعرت يومًا بحميمية تجمع قلبين من وجع واحد، فيصنعان من الألم حبًا ودفء لا يُنسى؟
اقرأ أيضا:
الأكثر قراءة
-
وداعاً داود عبد السيد.. فيلسوف السينما المصرية
-
توقعات الأبراج اليوم الإثنين 29 ديسمبر 2025، هناك فرص كثيرة متاحة
-
بعد إعلان اغتياله رسميًا، "حماس" تكشف عن صورة واسم أبو عبيدة الحقيقي
-
بعد إعلان "القسّام" اغتياله رسميا، من هو أبو عبيدة؟
-
تدافع وتحرش، خناقات بالكراسي فى زفاف كروان مشاكل وحفيدة شعبان عبدالرحيم
-
موعد مباراة المغرب وزامبيا في كأس الأمم الأفريقية والقنوات الناقلة
-
نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025 في جولة الإعادة بسوهاج
-
"اتجوزت 4 مرات ومعايا إعدادية".. نص التحقيقات مع البلوجر نورهان حفظي (خاص)
مقالات ذات صلة
حين ننجو لا نُصفّق لأنفسنا
17 ديسمبر 2025 07:10 م
اشتياق لا لقاء له، وبقاء رغم الرحيل
06 ديسمبر 2025 03:19 م
ويأخذني الحنين إليك كلَّ ليلة، فأعرف أنه لا مفر منك إلا إليك
20 نوفمبر 2025 02:50 م
في القلب مكان لم يصل إليه أحد
10 نوفمبر 2025 05:08 م
أكثر الكلمات انتشاراً