دراسة وعمل ونوم ساعتين.. عبدالرحمن يحمي "حلم والده" من قنا إلى إيطاليا
في الجهة الأخرى من البحر المتوسط، لم تكن الحياة وردية كما رسمها الشاب عبد الرحمن في طفولته، فبمجرد ملامسة قدماه أرض إيطاليا كان مجبرا على التوفيق بين دراسته التي كان إليها شد رحاله وتكاليف معيشته هناك، وأسرته في قنا، بعد أن توفي والده قبل تحقيق حلمه بأربعة أيام فقط.
عبد الرحمن محمد الصعيدي، روى قصته إلى "تليجراف مصر" من قلب إيطاليا، والتي وصل إليها بعد تعرضه للتنمر والتقليل من شأنه في محافظة قنا، وتحمل عبارات مثل "فاشل مش غاوي علام"، لكن والده كان يصدقه ويؤمن أن ابنه يملك قدرات مختلفة تؤله للنجاح، ربما مكانها معهد “الدون بسكو" الإيطالي.
مدرسة الدون بسكو
بعد أن انتهى عبد الرحمن من المرحلة الإعدادية، طلب من والده أن يلتحق بأي معهد بسيط حتى يتخرج منه سريعا ليساعده فورًا في تحمل مسؤولية البيت، لذلك رأى والده أنه يملك فرصة في مدرسة “الدون بسكو” الإيطالية بمحافظة الإسكندرية، والتي ستؤهله إلى السفر للخارج.

تلقى عبد الرحمن أولًا دروسا في اللغة الإيطالية واستطاع أن ينجح بامتحان القدرات والتحق بالمدرسة بالفعل، وبدأ مرحلة جديدة من حياته، وهناك أثبت ما آمن به والده، وكان أول فرقته في العامين الأول والثاني، والثالث كان بمجموع 100%.
كبر عبد الرحمن وبين ضلوعه حلم طفولته وآمال والده بالسفر إلى إيطاليا، وبدأ بالفعل في مراسلة معاهد هناك ليكمل دراسته، إلى أن اختاره أحدها بعدما تأكدوا من تفوقه بالدراسة.

فرحة والد عبد الرحمن بابنه الذي كان يلقبونه بالفاشل ولكنه الآن سيحلّق بعيدًا لتكملة دراسته لم تسع غرفة البيت الصغير بـ قنا، وعلى الفور بدأ في تحضير أوراقه التي استغرقت حوالي 5 أشهر، كان فقط ينتظر التأشيرة كخطوة أخيرة لتلك الرحلة.
انتهى الأب من تحضير أوراق ابنه الذي كان معه لحظة بلحظة، وقبل الوداع الأخير لبدء حياة جديدة في إيطاليا، ودّع الأب نجله وتوفي قبل سفره بأيام.

"وفاة والدي كانت أكبر صدمة في حياتي..كان المفروض انا اللي هودعه عشان مسافر.زفجأة لقيت الناس بتعزيني"..بهذه العبارة شرح عبد الرحمن كيف انقلبت حياته رأسًا على عقب بين يوم وليلة بفقدانه لوالده محمد، لكن قرر أن يكمل طريقه لتنفيذ وصية والده.
كان والد عبد الرحمن دائمًا ما يقول له، "أنت الحاجة الوحيدة الصح اللي عملتها في حياتي.. متخذلنيش ولا توطي راسي".. حمل الشاب تلك العبارة معه خلال السفر كما حمل أمتعته تمامًا، ولم يفكر أبدًا بشيء قدر تفكيره في نجاحه بالدراسة التي قطع لها أميالًا.

إلى جانب الحزن الذي أثقل قلب عبد الرحمن خلال رحلة السفر، لمست قدماه أرض إيطاليا وهو لا يملك سوى 300 يورو، وليس لديه لا مال ولا مكان ليسكن فيه، حتى أن ماله لا يساعده على البقاء 10 أيام في إحدى فنادق إيطاليا، ورغم ذلك قال في نفسه إنه على استعداد للنوم بالشارع ولا أن يعود إلى بلدته دون أن يحقق حلم والده.
يقول عبد الرحمن، "مفيش حاجة في مرة سبتها على الله إلا وربنا وقف جنبي وحلها".. وتوفر السكن من خلال صديق بعيد كان يعرفه والده، ولم يتقاض منه المال، وحتى الأوراق التي كان من المفترض أن ينهيها الشاب كان هو من يقوم بذلك مجانًا بدلًا عنه.

بدأ عبد الرحمن رحلته في البحث عن عمل إلى جانب الدراسة، وكان يستطع الإنفاق على نفسه بجانب دراسته بعد وفاة والده، ووجد وظائف عدة لمن في عمره في المطاعم والحانات، إلا أنها رفضها بوازع ديني، "كل الشغل في توزيع بيرة وكحول وأنا رفضت قولت لو هموت لازم أكل بالحلال زي ما علمني والدي".
يعمل عبد الرحمن حاليًا في متجر ورود من الساعة السادسة مساءًا وحتى السابعة صباحًا، ثم يذهب إلى معهده ويعود للمنزل ليغفو فقط ساعتين حتى يأتي موعد العمل، وهكذا يوميًا حتى يستطيع أن يتكيف مع ظروف المعيشة في إيطاليا حتى يعود إلى قنا مرة أخرى محققًا حلم والديه وأشقائه الخمسة.

الأكثر قراءة
-
الدقائق الأخيرة مع الأم.. سائق "أوبر" يفارق الحياة أثناء عمله
-
7 حالات للطرد الفوري في قانون الإيجار القديم
-
قصة كفاح تنتهي بمأساة.. شاب يرحل صعقا بالكهرباء أثناء عمله في أسيوط
-
بعد دعم تامر حسني.. دينا فؤاد: سرطان الثدي تملكني بعد تشخيص خاطئ
-
فيديو يرصد آخر 30 ثانية قبل "فرم وتسييح" إسورة المتحف المصري
-
يانهار إسود.. زاهي حواس يعلق على بيع إسورة أثرية ملكية بـ 180 ألف جنيه
-
السيسي يوافق على اتفاق بين مصر والإمارات لتجنب الازدواج الضريبي
-
بعد تصريحات نتنياهو عن "إسرائيل والموبايل".. من يضع الآخر في يده؟

أخبار ذات صلة
شاهدة على نهاية الفراعنة.. حكاية إسورة أمنموبي التي ضاعت للأبد
18 سبتمبر 2025 05:48 م
"اخواتي ماتوا وعايزة ألحق ولادي".. أم تصرخ لإنقاذ نجليها من "دوشين"
18 سبتمبر 2025 04:01 م
نيزك يحتوي على كائن فضائي في بنما.. خدعة أم هبط من السماء؟
17 سبتمبر 2025 07:13 م
"باع لي نحاس وهرب".. فلسطيني يتهم "جواهرجي" بالنصب عليه في مصر
17 سبتمبر 2025 09:46 م
"لا يستطيع الكلام ونفسيته سيئة".. زوجة بطل المنيب تروي تطورات حالته الصحية
17 سبتمبر 2025 08:53 م
بعد واقعة المتحف المصري.. سرقة متاحف باريس عرض مستمر
17 سبتمبر 2025 05:17 م
الخيامية.. فن مصري أصيل يواجه تحديات البقاء
17 سبتمبر 2025 02:56 م
"لا أعرف كيف أستخدمها".. لماذا يبعد جورج كلوني أطفاله عن مواقع التواصل؟
17 سبتمبر 2025 02:26 م
أكثر الكلمات انتشاراً