الجمعة، 09 مايو 2025

12:59 ص

عمرو حسين

عمرو حسين   -  

A A

تاريخ الصراع بين الهند وباكستان أسباب للأزمة الحالية

يشكل الصراع بين الهند وباكستان أحد أطول النزاعات السياسية والعسكرية في العالم، وقد بدأ منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947. 

ورغم مرور عقود على الاستقلال، لا يزال النزاع قائماً بسبب عدة عوامل تاريخية وجيوسياسية، ما جعل جنوب آسيا ساحة دائمة للتوترات.

أولاً: الجذور التاريخية للصراع

1. التقسيم البريطاني لشبه القارة الهندية (1947):

قررت بريطانيا تقسيم الهند إلى دولتين مستقلتين بناءً على الأسس الدينية. أسفر ذلك عن قيام الهند كدولة ذات أغلبية هندوسية وباكستان كدولة إسلامية. 

وقد أدّى هذا التقسيم إلى موجة نزوح ضخمة تسببت في اندلاع أعمال عنف طائفية أسفرت عن مقتل نحو مليون شخص ونزوح نحو 15 مليوناً آخرين، ما جعل هذا الحدث من أكبر موجات النزوح في القرن العشرين.

2. الصراع على جامو و كشمير 

كانت كشمير ولاية أميرية يحكمها مهراجا هندوسي، رغم أن غالبية سكانها كانوا من المسلمين. 

وبموجب خطة التقسيم، كان على الولايات الأميرية اختيار الانضمام إلى الهند أو باكستان. اختار المهراجا الانضمام إلى الهند، مما أثار احتجاجات السكان المسلمين الذين كانوا يفضلون الانضمام إلى باكستان. 

أدى هذا القرار إلى اندلاع الحرب الأولى بين البلدين عام 1947.

انتهت الحرب بتقسيم كشمير إلى قسمين: القسم الذي تسيطر عليه الهند ويُعرف بجامو وكشمير، والقسم الذي تسيطر عليه باكستان ويُعرف بآزاد كشمير وجيلجيت-بالتستان.

تاريخ طويل من الحروب بين البلدين 

حرب 1947-1948: أول حرب حول كشمير، انتهت بقرار وقف إطلاق النار وتدخل الأمم المتحدة لترسيم خط الهدنة.

حرب 1965: اندلعت نتيجة توترات مستمرة حول كشمير، وانتهت دون تغيير جغرافي يُذكر.

حرب 1971: اندلعت نتيجة التدخل الهندي في الأزمة البنغلاديشية، وأسفرت عن استقلال بنغلاديش وانفصالها عن باكستان.

حرب كارجيل 1999: اندلعت بعد تسلل قوات باكستانية إلى منطقة كارجيل في جامو وكشمير، وانتهت بضغط دولي وانسحاب القوات الباكستانية
ثانياً: أسباب الصراع الراهنة

1. قضية كشمير المستمرة:

بعد إلغاء الهند الوضع الخاص لجامو وكشمير عام 2019 بموجب المادة 370 من الدستور، تصاعدت التوترات بشكل كبير. 

اعتبرت باكستان هذا القرار انتهاكاً للاتفاقيات الدولية، وزادت من دعمها للجماعات المسلحة المعارضة.

تتهم الهند باكستان بدعم جماعات مسلحة تعمل على زعزعة الاستقرار في كشمير، بما في ذلك جيش محمد ولشكر طيبة، اللتين تم تصنيفهما كمنظمات إرهابية. في المقابل، تنفي باكستان هذه المزاعم وتتهم الهند بممارسة انتهاكات حقوق الإنسان في كشمير.

وفي التسعينيات، أجرت الدولتان تجارب نووية، مما أدى إلى سباق تسلح نووي بينهما. اليوم، تُعدّ الهند وباكستان قوتين نوويتين مما يعقد أي مواجهة عسكرية ويزيد من مخاطر التصعيد النووي

ثالثاً: الأبعاد الإقليمية والدولية

الدور الأمريكي والبريطاني:

خلال الحرب الباردة، دعمت الولايات المتحدة باكستان لتقويض النفوذ السوفيتي في المنطقة، فيما دعمت روسيا الهند. استمر هذا النمط حتى بعد انتهاء الحرب الباردة، حيث استمرت واشنطن في دعم إسلام أباد بشكل غير مباشر لتحقيق أهدافها الجيوسياسية.

دور الصين كلاعب إقليمي 

دخلت الصين على خط الصراع كحليف رئيسي لباكستان، ودعمتها عسكرياً واقتصادياً، خاصة في مشاريع البنية التحتية ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، ما عزز من قدرات باكستان في مواجهة

أسباب ضرب الهند لباكستان أمس

في ظل التوترات المستمرة بين الهند وباكستان، قامت القوات الهندية أمس بشن ضربات عسكرية على مواقع داخل الأراضي الباكستانية. وتأتي هذه الهجمات على خلفية:

الرد على هجوم إرهابي:

أعلنت الهند أن الضربات جاءت كردٍّ على هجوم إرهابي وقع في ولاية جامو وكشمير، وأودى بحياة عدد من الجنود والمدنيين. واتهمت الهند جماعات مسلحة تتخذ من باكستان مقراً لها بتنفيذ الهجوم.
وتأتى هذه الضربات في ظل التصعيد الإعلامي والسياسي حيث شهدت الأيام الماضية تصعيداً إعلامياً من الطرفين، حيث اتهمت الهند باكستان بتوفير ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية، فيما ردت باكستان بنفي هذه الاتهامات واعتبارها محاولة هندية لتبرير التصعيد العسكري.

كما أن هذه الضربات تأتي في سياق استعراض الهند لقدراتها العسكرية وتوجيه رسالة ردع إلى باكستان، خاصة في ظل تزايد التوترات الإقليمية.

دعت الولايات المتحدة والأمم المتحدة إلى ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد، في ظل مخاوف من انزلاق الوضع نحو مواجهة أوسع نطاقاً بين الدولتين النوويتين.

رغم مرور أكثر من سبعة عقود على استقلال الهند وباكستان، فإن الصراع بينهما لم يهدأ، بل أخذ أبعاداً أكثر تعقيداً مع مرور الوقت. وبينما تظل قضية كشمير بؤرة الصراع الأساسية، تساهم التدخلات الإقليمية والدولية في تصعيد الأوضاع، ما يجعل جنوب آسيا واحدة من أكثر المناطق عرضة للتوترات والانفجارات المحتملة. ورغم محاولات التهدئة، فإن الحل النهائي للصراع لا يزال بعيد.

search