الخميس، 08 مايو 2025

10:18 ص

خربشة على الجدران.. أسرار جديدة عن روان ناصر من داخل كلية علوم الزقازيق (خاص)

كلية علوم جامعة الزقازيق

كلية علوم جامعة الزقازيق

48 ساعة مرت على وفاة “روان ناصر” طالبة كلية العلوم بجامعة الزقازيق بعد أن سقطت من الطابع الرابع من مبنى الكلية، وبينما لا تزال جهات التحقيقات تتابع إجراءاتها لكشف تفاصيل الواقعة تصدّرت الحادثة الرأي العام، لا سيما أنها وقعت داخل الحرم الجامعي وفي حضور مسؤولي الكلية.

دماء روان تفوح من مبنى رياضة علوم

“والله مهما هيمسحوا هيفضل المكان دا علامة للموت.. رائحة دم روان مالية المكان كأن روحها هنا”.. همهم عدد من طلاب كلية العلوم بهذه الكلمات على سلم المبنى بعد أن استرقنا السمع إليهم خلال جولة "تليجراف مصر" داخل كلية العلوم، المكان الذي شهد حادثة روان ناصر طالبة جامعة الزقازيق صاحبة الـ 22 عامًا.   

الطالبة روان ناصر

أمام بوابة جامعة الزقازيق (المعروفة ببوابة علوم الزقازيق لقربها من كلية العلوم)، يتكدّس الطلاب للدخول إلى الحرم الجامعي وسط إجراءات أمنية مشددة. وبعيدًا عن الحادث فإن تلك هي الإجراءات المتبعة في الأيام العادية، حيث يطلع أحد رجال أمن الجامعة على كارنيه الجامعة أو ما يثبت أحقية الطالب في الدخول إلى الحرم الجامعي. 

محررة "تليجراف مصر"، كانت طالبة في الجامعة قبل تخرجها، فتمكنت من التسلل عبر البوابة الحديدية التي يصل عرضها إلى نحو 6 أمتار، وهي ذات "درفتين" لونهما أخضر تُفتح إحداهما للسماح بعبور الطلاب، وبدأت جولتها داخل الجامعة أمس 6 مايو الجاري.

كلية علوم جامعة الزقازيق

هل هناك شبهة جنائية؟

50 خطوة تقريبًا تفصل بين البوابة الرئيسية للجامعة ومبني كلية العلوم "مبني الرياضيات" الذي شهد الواقعة، وهو مبني عرضه حوالي 15 مترًا ومكوّن من خمسة طوابق.

على الرصيف الخاص بالمبنى يجلس عدد من الطلاب جميعهم يدرسون في كلية العلوم، جاؤوا لأداء امتحان الفيزياء.. اقتربت منهم محررة “تليجراف مصر”، فوجدت بعضهم يتجاذب أطراف الحديث عن روان ناصر ضحية السقوط من المبنى.

وهنا بدأت “تليجراف مصر” حديثها مع أربعة طالبات لاحظت أنهن ثبتن صورة روان ناصر على هواتفهن، ويرتدين ملابس سوداء حزنًا على فراق زميلتهن.

سألناهن عمّا يحدث داخل الكلية فقالت إحداهن وتدعى شهد: “المبني اتفتح من ثاني يوم الواقعة وكأن شيئًا لم يحدث”، ورجحت وجود شبهة جنائية وراء الواقعة، لافتة إلى أن تلك هي وجهة نظر الكثير من طلاب الكلية.

قاطعتها زميلتها قائلة: “ممكن نقفل الموضوع دا وبلاش نتكلم فيه، عاوزين نخلّص دراستنا وامتحاناتنا".

مبنى علوم رياضيات 

تفاصيل مصرع روان في علوم الزقازيق

داخل مبنى كلية العلوم يوجد ممر في جانبه الأيمن، والإضاءة خافته، وصدى الصوت يتردد في المكان، اصطحبتنا شهد ودار حديث حول الواقعة، حيث قالت: “كنا في قاعة الامتحانات وسمعنا صوت خبطة جامدة، جرينا كلنا ناحية سلم المبنى.. ولما وصلنا لقينا تحت بير السلم روان ناصر على الأرض وسط بركة دم، والأساتذة في الكلية دخلونا تاني للجنة لاستكمال الامتحان ومنعوا خروجنا”. 

على أول سلم مبنى الرياضات كان يقف ثلاثة طلاب من الدفعة الرابعة، تحدثنا إليهم عن الواقعة، حيث قال أحدهم: كنت واقف أمام جثمان روان، لكن عدد من المسؤولين بالكلية بينهم العميد واتحاد الطلاب منعونا من الاقتراب من الجثمان"، مؤكدًا: “في الوقت دا كان لسه فيها الروح”.

وحين سمع زميله هذه العبارة، قاطعه وهو ينظر إلى الأرض الممسوحة والنظيفة تمامًا من أي أثر للحادث وقال: "مهما يمسحوا.. رائحة الدم منتشرة في الدور".

في منتصف سلم الطابق الرابع العلوي، وجدنا فتاة تقف مرتدية ملابس سوداء وتحمل في يدها مجموعة من الكتب والأوراق، وكانت عينها شاردة وهي تنظر إلى مقاعد الامتحانات الموجودة في الطرقة، وهو المكان الذي سقطت منه روان ناصر.

سلم مبنى علوم رياضيات 

أشجار شاهدة على مأساة روان

الطابق الرابع يتميز بديكورات عبارة عن أشجار مثبتة على الجدران، وتلاحظ أن هذه الأشجار الاصطناعية مخلوعة من مكانها. وحين سألنا الفتاة عن سبب وقوفها في هذا المكان، ردت بصوت متهدج: "الشجر دا لحد قبل موت روان كان متثبت كويس جدًا في الحيطة.. لما طلعنا هنا بعد الوفاة لقيناه مخلوع بالشكل دا.. وفي منه ورق متقطع كأنه متشال بخربشة ضوافر.. روان كانت بتدافع عن نفسها"، ثم استدارت وتركت الطابق عائدة إلى امتحانها.

وفي الطابق الرابع تسود حالة من الهدوء التام، وتنبعث منه رائحة المنظفات، بينما أوراق الشجر الاصطناعي ملقاة على الأرض، وعلى يمين السلم توجد نافذة ارتفاعها منخفض، بحيث إن وقف أمامها شخص ربما لا تتجاوز ركبته، لذا يتردد بين الطلاب أن روان ربما كانت تقف أمامها قبل أن يختل توازنها وتهوي منها إلى أسفل.

أثناء النزول من الطابق الرابع وجدت محررة "تليجراف مصر"، ثلاثة من الموظفين الإداريين (رجلان وسيدة) بالطابق الثالث، كانوا يتبادلون الحديث بصوت منخفض عن الواقعة، فسألتهم المحررة: "هو اليوم الدراسي شغال عادي والامتحانات ماتلغِتش والدكاترة موجودين؟"، لترد عليها الموظفة الإدارية: "أيوه، مفيش حاجة.. كله تمام".

“البنت ماتت.. مش هنوقف الدنيا”!

وسألتها المحررة عن سبب أن الدور الرابع شاغر تمامًا، وقبل أن تكمل سؤالها قاطعها أحد الموظفين الإداريين، قائلًا: "خلاص اللي حصل حصل والبنت ماتت وخلاص، مش هنوقف الدنيا عشانها، ومش مهتمين هي انتحرت ولا حد رماها.. إحنا بس بنخاف نقعد لبعد المغرب عشان ريحة الدم دي، وخايفين ذنب البنت يبقى في رقبتنا".

وبسؤاله حول ما يتردد بشأن احتمال وجود شبهة جنائية وراء حادث وفاة روان، قال: "الحي أبقى من الميت، وربنا يرحم الجميع.. والدنيا ماشية في الكلية كويس".

انتهت جولة محررة "تليجراف مصر" داخل مبنى الرياضيات، لتعود إلى ما كانت عليه وتصل إلى الطابق الأرضي الذي سقطت فيه روان ناصر.

وبعد الخروج من بوابة المبنى، وجدت المحررة حديقة بها مقاعد للطلاب منهم من يتحاورون ومنهم من يستعد للامتحان، ومن بينهم كانت طالبة واحدة ترتدي ملابس سوداء وتجلس بمفردها، وتظهر عليها ملامح الحزن.

سلم علوم رياضيات جامعة الزقازيق

“اتشليت قدام جثة روان”

"انتِ شفتي اللي حصل لروان؟"، بهذا السؤال بدأت محررة "تليجراف مصر" حديثها مع الفتاة التي تدعى "نورة" وهي طالبة تدرس في الفرقة الرابعة بكلية العلوم، وقالت: “عيني شافت كل حاجة”!

وتابعت: “روان اترمت قدامي على الأرض وحسيت ساعتها إني مشلولة”، وبعدها بدأ الصراخ والنواح، وتجمع الطلاب حول الجثة، وصدموا بالمنظر وكانوا يرددون: "حد يجيب الإسعاف بسرعة.. البنت لسة فيها روح".

سيارة إسعاف بدون تمريض

وأطالت الفتاة النظر إلى مبنى الرياضيات قبل أن تواصل حديثها: "ماكناش عارفين إن دي روان.. الدم كان مغطي ملامحها، وفي الوقت اللي كان بيحاول الكل إسعافها، سمعنا صوت بيقول (سيبوها.. ماحدش يجي جنبها)، واتضح إنه عميد الكلية وكان واقف جنبه وكيل الكلية وأعضاء من اتحاد الطلبة، ومنعوا أي محاولة لإسعاف الفتاة ربما خوفًا من تعرضها لمزيد من الأذى".

وأضافت: “للأسف وصلت الإسعاف متأخرة ولم يكن بداخلها أي طاقم تمريض.. كان السائق فقط بالسيارة، وبدأت تتعالى أصوات الطلاب ويتساءلوا (هنعمل إيه البنت بتموت)، خصوصًا مع تدفق الدم من رقبتها، وبسبب عدم وجود طاقم تمريض قام عدد من الطلاب بحمل روان ووضعها في سيارة الإسعاف، التي تحركت إلى المستشفى".

وبعد أن تحركت سيارة الإسعاف، قال عميد الكلية بصوت عالٍ وحاد: "حد يجي يمسح القرف دا بسرعة.. وكل واحد يرجع مكانه".

ماذا حدث في استقبال المستشفى؟

غادرت محررة "تليجراف مصر" مبنى الكلية، لتبدأ جولتها داخل المستشفى الذي انتقلت إليه روان، ويبعد عن الكلية بنحو 5 دقائق فقط. وسألت عمال النظافة هناك عما رأوه وقت وصول روان إلى المستشفى فقالوا: "البنت جت المستشفى متبهدلة.. والاستقبال رفض دخولها علشان ماكنش معاها بطاقة، وكمان شنطتها مش لاقيينها".

استقبال الطوارئ

وقال أحد عمّال النظافة: "قلبي كان بيتقطع عليها وزمايلها شايلينها وراسها منفجرة من الدم ومحدش عارف يعمل لها حاجة".

search