الخميس، 15 مايو 2025

01:19 ص

كيف أصبح الأوروجوياني خوسيه موخيكا أفقر رئيس في العالم؟

أفقر رئيس في العالم الرئيس الأوروجواياني السابق خوسيه موخيكا

أفقر رئيس في العالم الرئيس الأوروجواياني السابق خوسيه موخيكا

سيد مصطفى

A .A

توفي أفقر رئيس في العالم الزعيم الأوروجوياني خوسيه موخيكا، الثلاثاء 13 مايو 2025، عن عمر يناهز 89 عامًا، بعد صراع مع سرطان المريء الذي انتشر إلى أعضاء أخرى، ليلفظ أنفاسه الأخيرة في منزله الواقع خارج مونتيفيديو، حيث كان يعيش مع زوجته، نائبة الرئيس السابقة لوسيا توبولانسكي، بحسب صحيفة “إلتيمبو” اللاتينية.

"أفقر رئيس في العالم" يتبرع براتبه

اشتهر موخيكا، الذي أدرجته بعض وسائل الإعلام الأوروجويانية ضمن قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم، بلقب "أفقر رئيس في العالم" بسبب قراره التبرع بجزء كبير من راتبه خلال فترة ولايته.
لماذا تبرع موخيكا براتبه؟

كشف موخيكا قبيل انتهاء فترة رئاسته في عام 2015، أنه تبرع بمبلغ 550 ألف دولار من راتبه خلال السنوات الخمس التي قضاها في منصبه، أي ما يقرب من 90% مما كسبه كرئيس للبلاد، وذكرت وسائل إعلام محلية آنذاك أن الراتب السنوي للرئيس كان يصل إلى 12 ألف دولار شهريًا.

وأوضح الرئيس والمقاتل السابق في حرب العصابات أن الراتب كان أكبر بكثير مما يحتاجه للعيش، وأن قراره جزء من التزامه تجاه المجتمع، وقال في مقابلة: "نعلم أننا بهذه الأشياء لا نغير العالم، لكننا نشعر ونضاعف التزامنا تجاه المجتمع".

وكشف موخيكا أن جزءًا كبيرًا من المبلغ (حوالي 400 ألف دولار) تم التبرع به لخطة التكامل الاجتماعي والإسكاني "خونطوس"، وهو برنامج حكومي يهدف إلى بناء مساكن للأكثر فقرًا في أوروجواي، أما المبلغ المتبقي، فقد تم تقديمه لحزبه لأنه، كما قال، "كان واجبًا أخلاقيًا".

 

رد موخيكا على لقب “أفقر رئيس في العالم”

بسبب قراره هذا، وإجراءات أخرى مثل عدم الانتقال إلى القصر الرئاسي، وملابسه غير الرسمية، وسيارة "الخنفساء" التقليدية التي كان يستخدمها للتنقل، اكتسب موخيكا لقب "أفقر رئيس في العالم".

ومع ذلك، رفض السياسي الأوروجوياني دائمًا هذا اللقب، مؤكدًا أن الفقراء الحقيقيين هم أولئك الذين يريدون دائمًا المزيد من المال. 

وقال: "يقولون إنني الرئيس الفقير،لا، أنا لست رئيسًا فقيرًا، الفقراء هم أولئك الذين يريدون المزيد، أولئك الذين لا يكفيهم شيء"، وأضاف: "هؤلاء هم الفقراء، لأنهم يدخلون في سباق لا نهاية له، وبالتالي لن يمنحهم وقت الحياة ولا أي شيء".

سيارة تحولت إلى رمز

تعتبر سيارة موخيكا مثالا للزهد، والتي أصبحت أيضًا أحد أبرز رموز حياته العامة، سيارة فولكس فاجن سيدان زرقاء طراز 1987، والمعروفة شعبيًا باسم "الخنفساء"، والتي تحولت إلى رمز سياسي وثقافي لأوروجواي المعاصرة، بحسب صحيفة “مولينو” المكسيكية.

رافقت هذه السيارة القديمة ذات اللون السماوي موخيكا خلال سنوات رئاسته (2010-2015) وبعد فترة طويلة من تركه منصبه، وكان يتنقل بها في مونتيفيديو من مزرعته في منطقة رينكون ديل سيرو الريفية إلى مكتبه. 

وكان يقودها شخصيًا في المناسبات الرسمية والزيارات غير الرسمية، ويوقفها وسط الاستقبالات الدبلوماسية، ولم يسمح لمنصبه الرئاسي بتغيير أسلوب حياته.

تحولت هذه السيارة الفولكس فاجن، التي لم تكن قيمتها السوقية تتجاوز ثلاثة آلاف دولار منذ تصنيعها عام 1987، إلى انعكاس لفكر موخيكا وتماسكه السياسي، الذي رفض الانتقال إلى المقر الرئاسي، وتبرع بـ 90 بالمائة من راتبه، وكان يؤكد أن "السلطة لا تغير الناس، بل تكشف فقط عن حقيقتهم".

أصل “الخنفساء”

بحسب الصحافة الأورو[جوايانية، لم يشتر موخيكا "الخنفساء" مباشرة، بل كانت هدية من مجموعة من الأصدقاء المقربين، الذين جمعوا المال لشرائها له عندما تولى مسؤوليات سياسية أكبر.

لطالما اعتبر موخيكا هذه السيارة هدية عزيزة، ولهذا رفض بيعها حتى عندما تلقى عروضًا بملايين الدولارات.

وهكذا، تحولت "الخنفساء" الزرقاء، التي كانت من الناحية الميكانيكية سيارة عادية، إلى امتداد لخطاب موخيكا السياسي والفلسفي، الذي كان يعارض الاستهلاكية وامتيازات السلطة وأشكال الرفاهية التقليدية.

مزرعة موخيكا
 

خلال فترة حكمه، لم يقيم موخيكا في القصر الرئاسي، الذي حوله إلى ملجأ للمشردين، بل في مزرعته على مشارف مونتيفيديو، حيث كان يجمع بين رئاسة الدولة وزراعة الزهور والخضراوات.

يصف موخيكا نفسه بأنه بائع زهور، ولكن يمكن تعريفه أيضًا بأنه حرفي الكلمة، إن خطاباته التي يلقيها من الذاكرة ومن دون ملاحظات، مثيرة للدهشة، بحسب موقع “ماخيس” المكسيكي. 

وبعيداً عن ظهوره في المنتديات العالمية، يتحدث موخيكا بصراحة في المقابلات التي يجريها في مزرعته المتواضعة، بينما يرتشف مشروبه المفضل، قائلاً: “إن العيش بشكل أفضل لا يعني فقط الحصول على المزيد، بل يعني أيضًا أن تكون أكثر سعادة، وهذا يعني أن تكون حرًا في تخصيص الوقت لما تحب. وما يحبه موخيكا هو أن يكون مزارعًا وأن يكون قريبًا من الأرض”.

search