
في الليل فقط… تنطق الوجوه بما لا تستطيع الأقوال أن تبوح به.!
يبدو أن الليل وُجد ليفضح ما نجيد نحن إخفاءه نهارًا.
النهار مسرح… إضاءة كاملة، جمهور ينتظر، أدوار محفوظة.
تضحك حين يُفترض أن تضحك، تهزّ رأسك في الوقت المناسب، وتؤدي دورك بإتقان.
لكن في الليل… ينطفئ المسرح، وتبقى وحدك مع نفسك.
لا كاميرات. لا جمهور. لا مفرّ.
في الليل، تصمت الأقوال، لكن الوجوه تتكلم.
وجهك الذي ظل طوال اليوم مشدودًا، هادئًا، يبدو فجأة مرهقًا كجندي قديم عاد من حرب لم يفهمها أحد.
تسأل نفسك: كيف صمدت؟
وتضحك… لأنك لا تعرف.
كل إنسان يملك وجهين.
واحد نهديه للناس، وآخر لا نراه إلا نحن، في المرايا المتأخرة، عند الثالثة فجرًا.
ذلك الوجه لا يُجيد الكذب.
تتأمله فتدرك أن كل شيء فيك صرخ خلال اليوم، لكنك كنت مشغولًا جدًا بالصمت.
الليل يجعل العالم أكثر بطئًا…
وكأن الزمن ذاته يشعر بالحزن ويقرر أن يتمهّل.
تتذكر مَن نسيتهم، ومَن نسوك.
تتذكر الخيبات الصغيرة التي كنت تتظاهر أنها “عدّت”، لكنها لم تمرّ يومًا… كانت فقط تنتظر المساء لتقفز على قلبك.
تكتشف أنك ما زلت تُجري الحوارات القديمة في رأسك…
تردّ على من جرحك بعد فوات الأوان، وتعتذر لمن خذلته دون أن تقصد، وتُعيد صياغة المشاهد كما تمنّيت أن تكون… لا كما كانت.
كل الأشياء العالقة تجد طريقها إليك ليلًا: رسائل لم تُكتب، كلمات تمنّيت قولها، أبواب أغلقتها دون وداع.
تبدأ المواجهة.
لا لأنك شجاع، بل لأنك لا تملك مفرًّا.
أخطر الحروب تلك التي تبدأ بعد منتصف الليل، داخل رأسك.
أنت الجندي والعدو، وأنت المصاب والمُسعف.
وأحيانًا، لا تنتصر… فقط تخرج حيًّا بالكاد.
لهذا، لا تسخر من وجوه الناس المتعبة في الصباح، ربما قضى أحدهم الليل وهو يترجّى نفسه أن تصمد، فقط، حتى تشرق الشمس.
في الليل، نكفّ عن الكذب على أنفسنا… فكل ما خبّأناه خلف الضحك والصمت، يعود ليتكلم بصوتٍ لا يُسمع، لكنه يُؤلم. وحين نواجه وجوهنا الحقيقية في المرآة، نُدرك أننا لم ننجُ بعد… بل كنا فقط نؤجل الانهيار إلى ما بعد منتصف الليل.”
فقل لي.. حين تنطفئ كل الأصوات، هل تعرف حقًا من يكون وجهك الآخر؟

الأكثر قراءة
-
حبس عامل متهم بإنهاء حياة نجله بوسائل غير آدمية في سفاجا
-
يقود سيارة معاقين.. فحص أمني بكفر الشيخ يُرشد لضبط رجب هلال حميدة
-
ننشر أسماء 18 مصابا ومتوفيين في حادث طريق مطروح
-
بلاغات بالجملة ضد بدر عياد.. اتهامات بخدش الحياء العام والسب
-
لماذا اشترى البنك المركزي 54.98 ألف أونصة ذهب في 7 أشهر؟
-
ما دلالات رفع القيود على استخدام بطاقات الائتمان بالخارج؟.. خبير يوضح
-
أحمد الباز: الاستثمار العقاري يحتاج رؤية مختلفة.. والالتزام والجودة سر نجاحنا
-
غرفة الجيزة: يجب توفيق أوضاع المصانع المتضررة من تعريفة الحدود الكربونية

مقالات ذات صلة
مطاردة في طريق الواحات.. حين تصبح القيادة للمرأة معركة بقاء
15 أغسطس 2025 03:44 م
علاقات باردة تحت شمس الظهيرة.. حين تبدو الحياة مستقرة لكنها تخلو من السعادة
09 أغسطس 2025 06:22 م
حين يصبح الحب معركة إثبات لا مساحة أمان
02 أغسطس 2025 05:39 م
حين تتحول العلاقة إلى عبء ثقيل
26 يوليو 2025 02:09 م
حين تتحول العلاقة إلى ساحة حرب نفسية.. كيف تحمي عقلك؟
22 يوليو 2025 03:02 م
فضل شاكر يعود إلى أسئلته القديمة الجارحة
14 يوليو 2025 04:57 م
لحظة إعلامية مرتبكة.. هل أجادت مها الصغير فن الاعتذار؟
08 يوليو 2025 02:53 م
"مليش بديل" عمرو دياب.. نشيد عاطفي لي ولك
05 يوليو 2025 04:15 م
أكثر الكلمات انتشاراً