الخميس، 05 يونيو 2025

11:39 م

فيلم "فاشل" عن الألتراس.. حب وزواج من أول إسكريبت بين سعاد حسني وماهر عواد

سعاد حسني

سعاد حسني

الكاتب الصحفي محمود مطر

A .A

فيلم "الدرجة الثالثة" يمكن وصفه بالفيلم الغريب، ورغم أن سعاد حسني كانت قد بدأت تدخل دوامة المرض حين عرض عليها سيناريو فيلم "الدرجة الثالثة"  إلا أنها قبلته على الفور لأسباب عدة.
أولها  هو وجود أحمد زكي كبطل معها في الفيلم وقد كانت ثقتها فيه وفي موهبته الفنية بلا حدود، وثانيها هو اقتناعها الكامل  بقصة وسيناريو الفيلم وكاتبه ماهر عواد الذي ستحبّه سعاد بعد ذلك ويتعلق قلبها به في كواليس تصوير الفيلم، وثالثها هو المخرج  شريف عرفة الذي لم تكن عين سعاد السينمائية الفاحصة تخطئ موهبته الطاغية ورؤيته السينمائية المختلفة.

ورغم فشل فيلم "الدرجة الثالثة"  على المستوى الجماهيري والتجاري إلا أنه كان فيلما رائعا وتقدميا، ومتجاوزا بكل المقاييس. إنه فيلم سياسي من الطراز الأول، ويمكننا القول إن هذا الفيلم تنبأ على نحو من الأنحاء بظاهرة الألتراس في ملاعب الكرة مبكرا في الدرجة الثالثة.
نحن أمام مقابلة ومواجهة تاريخية بين مشجعي الدرجة الثالثة التعبانين الشقيانين المكافحين، تمثلهم نعناعة بائعة الكرشة والسمين التي تقيم في كوخ من الطوب،  سعاد حسني وسرور (أحمد زكي) بائع المثلجات، هما ومن يمثلانهم يعشقون النادي ويضحون من أجله، ويجلسون في المدرجات تحت وهج الشمس الحارقة كي  يؤازروا ناديهم، وبين أهل المقصورة أو أعضاء مجلس الإدارة الذين يستغلون النادي ويحققون الغنى والثراء على حسابه دون أن يقدموا له شيئا، يركبون السيارات الفارهة ويجلسون في المقصورة، ويستغلون موارد النادي في صنع حواجز زجاجية تحميهم من الطوب ومن الرصاص.
وكانت الأموال التي أنشئت بها هذه الحواجز الزجاجية مخصصة لإنشاء مظلات تحمي مشجعي الدرجة الثالثة من الشمس الحارقة، وقد مات أحدهم بسبب ضربة شمس وهو يشجع النادي، ويخدعون في ذات الوقت (سرور) بائع المثلجات ومشجع الدرجة الثالثة الساذج، بعد أن يستقطبوه إليهم باعتباره المشجع المنتخب تحت مسمى "حبايب النادي" من قبل الجمهور لمراقبة مجلس الإدارة، فإذا هو يتورّط مع أعضاء المجلس في فسادهم، ويفيق سرور ونعناعة وباقى المشجعين على كارثة استغلالهم من أهل المقصورة في نهب النادي.
ويبدأ الصدام والمواجهة بين عشاق النادي الحقيقيين من مشجعي الدرجة الثالثة وبين أهل المقصورة. وقد قال لي ماهر عواد في معرض حديثه الطويل معي إنه قد تم تصوير كل مشاهد الفيلم في  مدرجات نادي الزمالك باستثناء مشهد البداية الذي يستولي فيه كبير المشجعين (سرور) على الكأس الذي حصل عليه الفريق، فقد صُوّر هذا المشهد في مقر النادي الأهلي بالجزيرة.
كان الفيلم مرهقا في تنفيذه وتصويره للجميع، وكنا نستعين بما لايقل عن 400  كومبارس للتواجد في مدرجات نادي الزمالك كمشجعين وأحيانا حين لا يكتمل العدد كنا نستعين بعدد من عمال التراحيل المغتربين الذين كانوا ينتظرون رزقهم في أماكن معروفة في ميت عقبة. 
وكان التصوير الذي كان مبدعا بحرفية وموهبة محسن نصر الذي كانت سعاد تؤمن بموهبته وتميزه إيمانا كبيرا  يتم نهارا، كان الفيلم تنويعا على وتر سياسي شديد الوضوح ينتصر للغلابة والبسطاء في مواجهة النخبة الفاسدة التي تسيطر وتستفيد.
وربما تنبّه مسئولون في نظام مبارك وقتها إلى الإسقاطات السياسية الواضحة في الفيلم فتحركوا لإجهاضه والتآمر عليه، إذ لم يكن معقولا على الإطلاق ألا يستمرّ فيلم لسعاد حسني  أكثر من ثلاثة أيام فقط في أسبوع عرضه الأول، وهي صاحبة الرقم القياسي في بقاء فيلم أطول مدة في دور العرض، حيث استمر "خلي بالك من زوزو" أكثر من 52 أسبوعا.
هذا الفيلم كتبه ماهر عواد بعد أن تخرّج في معهد السينما وكان وقتها يعمل صحفيا بوكالة أنباء الشرق الأوسط،  وعرفته سعاد قبل أن تراه  بعد أن تحدث كثيرون في الوسط الفني عن موهبته الكبيرة في فن كتابة السيناريو والحوار، وحين التقيا  لفت نظرها هدوؤه وصدقه ورؤيته الجديدة لفن السينما، بعد أن اتّصل ماهر بسعاد طالبا لقاءها ليعرض عليها سيناريو الدرجة الثالثة وأعجبت سعاد بالفكرة وتحمست للفيلم.
وأثناء التصوير حدث الارتياح والإعجاب والحب، وتزوجت سعاد من ماهر عواد الذي كان يعمل صحفيا بوكالة أنباء الشرق الأوسط،  قبل أن يقدم استقالته ويتفرغ للكتابة السينمائية، وهو عضو  مشتغل بنقابة الصحفيين بتاريخ 24 اكتوبر 1979.
ويبدو أن سعاد في ذلك الوقت كانت تبحث عن  قلب  نبيل  يعيد إليها ثقتها بالناس ورغبتها في الحياة  بعد أن فقدت  صديقها ومعلمها وأباها الروحي صلاح جاهين، وكان  ماهر عواد  هو هذا الإنسان النبيل الطيب الصادق المخلص الذي ملأ الفراغ  الذي شعرت به سعاد بعد رحيل صلاح جاهين.
وقد وجدت السندريلا الحزينة في زوجها الجديد ماهر عواد  سندا قويا يعينها في مواجهة المرض وآلام الظهر التي بدأت تداهمها عقب انتهائها من تصوير مسلسل "هو وهي"، ثم زادت حدتها أثناء تصوير "الدرجة التالتة"  الذي تحاملت فيه سعاد على نفسها كثيرا  وتعطّل التصوير  كثيرا وطالت فترته حتى تم الانتهاء منه بعد أكثر من عام من بدئه، وهو بالطبع وقت طويل جدا.
وخرجت سعاد من الفيلم مرهقة ومتعبة  وعاجزة عن مقاومة آلام الظهر، إلى أن تفاقمت بشكل خطير أثناء تصوير "الراعي والنساء"، ويكفى للتدليل على شدة متاعب سعاد ما قالته للإعلامية سلمى الشماع في برنامج "زووم" على شاشة التليفزيون المصري بعد أن تسلمت جائزتها من مهرجان الإسكندرية السينمائي عن دورها في "الراعي والنساء".
قالت سعاد  "في فيلم (الراعي والنساء)، كنت تعبانة جدا ولذلك استغربت أنه  فيه حاجات طلعت كويسة في الفيلم، أنا نفسي مستغربة لأنني كنت بأموت كل يوم في الفيلم ده من الإرهاق، كان عندي كسر في ضهري وما كنتش أعرف".

search