الجمعة، 06 يونيو 2025

12:54 ص

رسالة إلى الفارس "أحمد السقا"

التوتر الذي يسود علاقة الفنان الكبير أحمد السقا، ومطلقته الإعلامية مها الصغير، بعد إعلان انفصالهما، ربما يكون طبيعيًا في ظل الثقافة السائدة في مجتمعنا التي تجعل الطلاق بمثابة إعلان حرب بين شخصين كان يربطهما الحب والمودة والعشرة.

بكل أسف، يبدو لي أن هناك بركانًا جاهزًا للانفجار تحت قشرة هذه العلاقة، وتأتي لنا نذره في شكل حمم بسيطة تظهر عبر منشورات متبادلة على وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمن كثيرًا من التلميحات السلبية، وشعور كل منهما بأن ظلمًا وقع عليه من الآخر!

على مدار سنوات عمله الطويلة نجمًا سينمائيًا، تألق السقا، في أدوار الفارس ابن البلد الشهم، حتى حين لعب بطولة شريرة في فيلم إبراهيم الأبيض، كان قريبًا من القلوب بما تمتع به من جرأة ووفاء لصديقه الوحيد، فضلًا عن أنه رسخ لدينا هذه الصورة الجميلة من خلال الحوارات الصحفية والتليفزيونية التي أجريت معه.

ما أود قوله لنجمنا المحبوب، إن هذه الصورة تأثرت نسبيًا بسبب ما نشر عبر حساباته على السوشيال ميديا بحق زوجته وأم أولاده، وأنا بالمناسبة لا أحكم إطلاقًا على مسؤولية أيهما عن تدهور العلاقة والانفصال، فهذه أمور شخصية يجب أن تظل داخل جدران المنزل، من باب النخوة والأمانة، سواء من جانبه أو جانبها.

فقط، أناشده بالتوقف كليًا عن الخوض علنًا في هذا الموضوع، أو السماح لأي شخص كائنًا من كان بالتحدث على لسانه، فالوسطاء الذين يرتدون أقنعة الملائكة هما أكثر الناس شرًا، وحرصًا على بقاء النار مشتعلة!

لقد شاهدت فيديو لأحدهم اليوم، يتناول بالتلميح هذا الموضوع، ويحكي تفاصيل غريبة ومريبة، يعف الضمير واللسان عن التطرق إليها، دون أن يبالي هو أو غيره بتبعات الخوض في حياة الناس وفضح أسرارهم على الملأ، حتى لو بصورة ضمنية، لأن هناك أبناء يتضررون بما يقال عن أبيهم أو أمهم!

أنا محامٍ، قضيت عقودًا طويلة في هذه المهنة، وكنت ممثلًا قانونيًا لأطراف في قضايا مشابهة، وأقسم لكم أن هذه أسوأ أنواع النزاعات، لأن البشر يتحولون فيها إلى ضباع بغيضة تنهش أجساد أحباء الأمس دون أن يرف لهم جفن.

كتبت أخيرًا قبل أن يعلن طلاق السقا ومها الصغير، عن رجل أعمال كبير، بالغ الثراء طلب صياغة اتفاقية تسوية تمهيدًا لطلاق زوجته وأم أطفاله.

بكل نبل، فرض على نفسه التزامًا بنفقة شهرية تتجاوز أضعاف ما يمكن أن تقضي بها المحكمة، لو قررت زوجته أن تسلك طريق القضاء، كما تكفل بإيجار المنزل الفخم الذي تسكن فيه، ونفقات رحلة سنوية إلى الوجهة التي تفضلها، وصيانة سيارتها الفارهة، وسائقها والعمالة المساندة لها.

وحين التقيا أثناء التفاوض، قال لها بكل وضوح لا داعي للتنازع قضائيًا، فأنا متكفل بكل احتياجاتك، وأتعهد بالحفاظ على نمط المعيشة الذي كنت تتمتعين به أثناء زواجنا، ولن ينقصك سوى وجودي في حياتك.

وأثناء توثيق الاتفاقية في المحكمة، أبدى الجميع انبهاره بسلوك الرجل، فمن النادر أن يتصرف أحد بهذه الطريقة، وكممثل قانوني له كان من الضروري أن أسأله، هل يمكن أن تشرح لي سبب الطلاق، فربما أساهم في تخفيف الأعباء التي تفرضها على نفسك.

رده كان حاسمًا ووافيًا، هذه السيدة مكرمة لكونها أم أولادي، ولا يمكن أن أقبل بإذلالها أو التعنت معها، حتى لا يلومني أحدهم يومًا، وأفضل أن أحتفظ بسبب الانفصال لنفسي.

لم ألتق شخصًا بمثل هذا الرقي والترفع، وتضاعف احترامي له، حين تأكدت أنه لم يكن السبب في الطلاق، بل كان نعم الزوج والرفيق طيلة فترة الزواج، ولم يتغير عليه شيئًا حين قرر الانسحاب بهدوء.

لقد دخلت أطراف جديدة على الخط في قصة النجم أحمد السقا وزوجته مها الصغير، وهناك من يتحدث عن احتمالات زواجها من فنان آخر، وهذا بلا شك عامل إضافي لتأجيج الخلاف أكثر، وربما غضب الأبناء، ما يستدعي وقفة سريعة من جانب السقا نفسه.

وبكل أمانة قرأت له تصريحًا رائعًا، يقول فيه إنها صارت حرة بعد طلاقها منه، ولها الحق في تحديد مستقبلها، والزواج بمن تريد، وأتمنى أن يكون هذا التصريح دقيقًا، وتكون هذه نيته الحقيقية.

الطلاق ليس نهاية المطاف، والمولى عز وجل يقول في محكم كتابه “فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”، ومهما طال عمر الزواج أو قصر، فهو ليس سجنًا نجبر على البقاء فيه، لكن ما يجب أن نجبر أنفسنا عليه، هو التصرف بنبل والفراق بالمعروف، تكريمًا لسنوات العشرة، وصونًا للعهد وسترًا للأبناء.

search