الإثنين، 30 يونيو 2025

08:23 م

"30 يونيو".. قسم كرداسة شاهد على بطولات الشرطة في مواجهة أهل الشر

شهداء قسم شرطة كرداسة

شهداء قسم شرطة كرداسة

يحتفل المصريون اليوم بالذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو 2013، التي شكّلت تحولًا جوهريًا في مسار الدولة المصرية، بعدما خرج الملايين من أبناء الشعب ليعبّروا عن رفضهم لحكم جماعة الإخوان الإرهابية، وتبدأ رحلة استعادة الوطن من قبضة تنظيم لم يكن يؤمن بالدولة الوطنية ولا بمؤسساتها.

وفي كل عام بالتزامن مع هذه الذكرى، تستدعي الذاكرة الوطنية مشاهد تلك المرحلة الدقيقة، التي لم تتقبل فيها الجماعة الإرهابية سقوطها، فلجأت ومعها كل "أهل الشر" إلى العنف والعمليات التخريبية، مستهدفة رجال الجيش والشرطة والمنشآت الحيوية في محاولة يائسة لكسر إرادة الدولة.

وكان رجال الشرطة في طليعة من تصدّوا لتلك التهديدات، مدافعين عن أمن المواطنين واستقرار البلاد، وفي محافظتي القاهرة والجيزة تحديدًا، دفع عدد كبير من رجال الشرطة حياتهم ثمنًا لهذه المواجهة، إثر استهداف أقسام الشرطة ونقاط الخدمات الأمنية بسلسلة من التفجيرات والعبوات الناسفة التي نفذتها عناصر إرهابية تابعة للجماعة.

وفي هذه الذكرى، نسلّط الضوء على بعض تلك التضحيات الخالدة، ونسرد وقائع بطولية لشهداء الشرطة الذين ارتقوا دفاعًا عن وطنهم، مؤكدين أن الحفاظ على الدولة لم يكن مجرد قرار سياسي، بل معركة حقيقية دفع فيها الأبطال حياتهم فداءً لمصر.

أبطال قسم شرطة كرداسة 

في صبيحة يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013، وبعد ساعات من فض اعتصامي رابعة والنهضة، تحولت منطقة كرداسة بمحافظة الجيزة إلى مسرح لجريمة إرهابية بشعة خططت لها ونفذتها عناصر تنتمي لجماعة الإخوان.. الهجوم لم يكن عشوائيًا، بل كان عبارة عن عملية مدروسة للانتقام من جهاز الشرطة، بدأت بتطويق قسم كرداسة من قبل عشرات المسلحين بأسلحة ثقيلة وخرطوش و “آر بي جيه”.

وعندما أشارت عارب الساعة إلى التاسعة صباحًا، بدأ الهجوم بإطلاق نار كثيف من عدة محاور، تلاه اقتحام القسم بالقوة، ورغم الفارق الهائل في التسليح، صمد رجال الشرطة داخل القسم ببسالة نادرة، بقيادة البطل الشهيد العميد محمد جبر، مأمور القسم، الذي رفض الاستسلام حتى اللحظة الأخيرة، وقاتل رجال الشرطة البواسل بأسلحة محدودة وبإيمان راسخ، في محاولة لحماية المنشأة وزملائهم والمواطنين المحيطين بها.

لكن الهجوم كان وحشيًا، وبعد اقتحام القسم، احتجزت العناصر الإرهابية عددًا من الضبّاط والأفراد، وبدأت سلسلة من الاعتداءات والتنكيل بهم، وصلت إلى حد إنهاء الحياة والتمثيل بالجـثامين، ومن بين الشهداء العميد محمد جبر الذي ظل في موقعه حتى آخر لحظة، رافضًا التخلي عن رجاله أو مغادرة القسم، وسقط شهيدًا بعدما تصدى للهجوم.

فيما تصدى النقيب هاني شتا الإرهابيين بشجاعة، وواجه وابل الرصاص دفاعًا عن زملائه وموقعه، والمجند محمد فاروق، والشرطي أحمد مصطفى، وآخرون من أبناء الشرطة الذين لم ينسحبوا أو يفروا رغم إدراكهم التام أنهم محاصرون وسط نيران كثيفة وعدوان غير مسبوق.

لم تكن مجرد مذبـحة، بل كانت رسالة سافرة من الجماعة الإرهابية ضد الدولة، لكن دماء الشهداء لم تذهب هدرًا، فبعد أسابيع من المطاردة، نفّذت قوات الأمن عملية ناجحة لتطهير كرداسة، أُلقي خلالها القبض على عدد كبير من الجناة، وتم تقديمهم لمحاكمات عادلة انتهت بأحكام بالإعدام والمؤبد بحق المتورطين.

قسم كرداسة سيظل رمزًا للبطولة، ومجزرة شهدائه ستبقى شاهدًا على وحشية الإرهاب، وصمود الرجال الذين اختاروا الشرف على النجاة، والمواجهة على الاستسلام.

search