الجمعة، 04 يوليو 2025

09:28 م

"أطفال مصر بين المطرقة والسندان "

في زوايا الشوارع، وعلى أرصفة الأسواق، وتحت لهيب الشمس الحارقة، يقف آلاف الأطفال في مصر يبيعون المناديل، ينظفون السيارات، أو يعملون في الورش والمصانع، بدلاً من أن يكونوا على مقاعد الدراسة أو في ملاعب الطفولة. ظاهرة عمالة الأطفال في مصر باتت جرحًا نازفًا في ضمير المجتمع، تستدعي وقفة حقيقية أمام ما يحدث لهؤلاء الصغار من انتهاك صريح لطفولتهم وحقوقهم الأساسية.

عمالة الأطفال تُقصد بها تشغيل الأطفال في أعمال تُعرضهم للمخاطر النفسية والجسدية، وتحرمهم من التعليم والحياة الكريمة. وتُعد مخالفةً صريحة لاتفاقيات حقوق الطفل التي وقعت عليها مصر، ومنها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 138 و182.

تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد الأطفال العاملين في مصر يتجاوز 2 مليون طفل، يعمل أغلبهم في الزراعة، والمصانع، والورش، والمقاهي، بل وحتى في أعمال البناء الخطيرة. هؤلاء الأطفال لا يتمتعون بأي تأمين صحي، ولا يملكون القدرة على الدفاع عن أنفسهم، ما يجعلهم عرضة للاستغلال وتعد أهم أسباب هذه المشكلة؛ الفقر: يُعد السبب الأبرز، إذ تلجأ العديد من الأسر لإشراك أطفالها في العمل لمساعدتها على تحمّل أعباء الحياة، وانخفاض وعي الأهل: يجهل الكثير من أولياء الأمور خطورة تشغيل الطفل في سن مبكرة على مستقبله وسلامته، وضعف الرقابة: رغم وجود قوانين، إلا أن الرقابة على تطبيقها ما تزال ضعيفة، لا سيما في الاقتصاد غير الرسمي، والتسرّب من التعليم: ضعف جودة التعليم، وارتفاع التكاليف، يجعل كثيرًا من الأطفال يتركون المدرسة ويتجهون إلى العمل.

يؤدي العمل المبكر إلى مشاكل نفسية كالقلق والاكتئاب، ويعرض الطفل لأمراض مزمنة وإصابات جسدية. والأسوأ، أن الطفل يفقد أجمل ما في عمره: براءته، أحلامه، وفرصة بناء مستقبل كريم.

التعليم والصحة: حقوق لا امتيازات

أنا ضد أن يُجبر الطفل على حمل عبء لا يحتمله جسده الصغير. ضد أن يُسلب منه حقه الطبيعي في اللعب، في التعليم، وفي أن يحلم. فالأطفال لا يُخلقون ليكونوا عمالاً، بل طلابًا ومبدعين وروادًا للمستقبل.

يجب أن نعيد النظر في أولوياتنا كدولة ومجتمع. فكل طفل خارج المدرسة هو مشروع ضياع. وكل طفل يُجبر على العمل المبكر هو شاهد حي على خللنا الاجتماعي والاقتصادي.

الحلول الممكنة

أولاً: تفعيل القوانين التي تجرّم تشغيل الأطفال، ومحاسبة أصحاب العمل المخالفين.

ثانياً: تقديم دعم مادي مباشر للأسر الفقيرة بدلًا من الاعتماد على دخل الطفل.   

ثالثاً: تحسين جودة التعليم وتشجيع الأطفال على الاستمرار فيه.

رابعاً: رفع الوعي المجتمعي عبر الإعلام والمدارس ومنظمات المجتمع المدني.    

خامساً: توفير برامج تأهيل نفسي واجتماعي للأطفال العاملين لإعادة دمجهم في التعليم والمجتمع.

وأخيراً وليس آخراً إن إنقاذ الطفل المصري العامل ليس مهمة حكومية في المقام الأول أين مؤسسات الدولة من ذلك واين حياة كريمة ؟، أين ضمير كل فرد في هذا الوطن. فلنتوقف عن تجاهلهم. ولنكن الصوت الذي يصرخ من أجلهم، لأن الطفولة إذا سُرقت، فإن الأمة كلها تخسر مستقبلها وتخرب خراب منقطع النظير.

title

مقالات ذات صلة

search