“العبور إلى التيه”.. التهجير القسري من غزة جريمة تحت عباءة الإنسانية
في زمنٍ صار فيه الصمت الدولي شريكًا في القتل، يُعاد فتح باب الجحيم على الفلسطينيين من جديد. ليست هذه حربًا عادية، بل معركة وجود، تُخاض بوحشية لا تستهدف فقط البشر والحجر، بل تُحاول محو التاريخ والهوية، وجرّ غزة نحو سيناريو أسود اسمه: التهجير القسري.
منذ اندلاع الحرب، تتكشف الملامح التدريجية لخطة غير معلنة، تُنفذ بخبث عبر الحصار، والتجويع، والتدمير الممنهج. ليست الخيام التي تُقام على حدود رفح، ولا المخيمات التي يُخطط لها في سيناء أو الأردن، “استجابة إنسانية” كما يُروَّج، بل هي مقدمة مدروسة لنكبة جديدة، تُراد أن تمر في ظلال صمت العالم وتواطؤ البعض.
الواقع الميداني: بيئة طاردة لا تبقي ولا تذر
غزة لم تعد تُقصف فقط، بل تُفرغ من مقومات الحياة. لا دواء، لا غذاء، لا ماء، لا أمل. تُدفع العائلات إلى مناطق العراء بلا مأوى، يُقصف الجنوب كما الشمال، ولا مكان آمن في الأرض المحاصرة. هذه ليست حربًا على “حماس” كما يُقال، بل تطهير ممنهج لإجبار السكان على الخروج، طوعًا أو قهرًا.
الخطاب السياسي المريب
تحت ستار “الإجلاء الإنساني”، يُهيّأ العالم لتقبّل فكرة خروج مئات الآلاف من الفلسطينيين. تُغلّف التهجير بخطاب عاطفي كاذب، ويُمارس الابتزاز على دول الجوار لاستيعاب هذا النزوح المؤقت، الذي لن يكون مؤقتًا أبدًا.
أنا أرفض التهجير.. وأرفض صمته
كأم، كمواطنة عربية، كإنسانة، أرفض أن يُقتلع شعب بأكمله من جذوره مرة أخرى. أرفض أن تُستخدم مشاعرنا الإنسانية كبوابة لتبرير جريمة تطهير عرقي جديدة. أرفض أن يُقدَّم الفلسطيني كلاجئ لا كمناضل، كعبء لا كصاحب أرض.
تهجير غزة هو استكمال لنكبة 1948، لكنه هذه المرة لا يتم تحت صوت الرصاص فقط، بل تحت راية “الإنقاذ الإنساني”. هي الخدعة التي يجب أن ننتبه لها جميعًا، لأن ما يُفقد اليوم في غزة، سيُنتزع غدًا في القدس، وفي الضفة، وفي الوعي العربي ذاته.
أين نحن من التاريخ؟
هل نريد أن نكون الجيل الذي شاهد نكبة جديدة وباركها بالصمت؟ هل سنسمح أن تُشطب فلسطين من الخريطة رويدًا رويدًا بحجة الإغاثة؟ التهجير القسري ليس حلاً، بل جريمة، ولن يُغفر للساكت عنها.
في الختام، ليس المطلوب فقط إغاثة غزة، بل حمايتها من التهجير والتصفية. المطلوب موقف عربي واضح لا يرضى بأن تكون أرض سيناء بوابة عبور إلى التيه، بل جدارًا أخيرًا يسند حق العودة، لا أداة لدفنه.
غزة تقاوم، فلنقاوم معها..
ولا نكن نحن الجدار الأخير الذي يُدفع فيه الفلسطيني ليغادر أرضه إلى الأبد..
الأكثر قراءة
-
خانت زوجها واتهمته بإلقائها من الشرفة، جريمة غريبة بمنشأة القناطر والعشيق يبرىء الزوج
-
قرض الـ 800 مليون دولار، هل المتحف المصري الكبير بحق انتفاع لليابان؟
-
20 دولارا للتأشيرات أو الخدمات.. "النواب" يوافق على قرار هام يخص المصريين بالخارج والسائحين
-
كانت بتعدل طرحتها، إنقاذ فتاة ابتلعت دبوس داخل مدرسة بالأقصر
-
رابط نتيجة الشهادة الابتدائية ولاية نهر النيل 2025
-
الافتتاح الكبير.. وخطة العمل المنتظرة
-
الفلوس بتاعتي والخمرة هدية، نص التحقيقات الكاملة مع البلوجر نرمين طارق (خاص)
-
عليان: خطة شاملة لعودة البطولات وتطوير البنية التحتية لنادي المعادي
مقالات ذات صلة
كيف تتعامل بوعي مع الشخصية النرجسية؟
28 أكتوبر 2025 02:26 م
حين يَسُمّك بكلمة ويتلذذ بإيذائك
22 أكتوبر 2025 11:14 ص
توفيق عكاشة.. بائع الوهم وباثّ السم في العسل
20 أكتوبر 2025 04:04 م
عقدة أطلس.. حين يتحول الصبر إلى عبءٍ وجودي
18 أكتوبر 2025 03:32 ص
غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار: سلام هشّ على حافة الانفجار
10 أكتوبر 2025 09:17 ص
من قتـل الطبقة المتوسطة في مصر؟
05 أكتوبر 2025 12:03 م
من صفقة القرن إلى غزة الجديدة.. هل يعيد ترامب تدوير الوهم؟
04 أكتوبر 2025 12:00 ص
ذكرى رحيل الزعيم جمال عبد الناصر: بين الحلم والواقع
29 سبتمبر 2025 09:21 ص
أكثر الكلمات انتشاراً