الثلاثاء، 12 أغسطس 2025

09:12 م

سناء شافع في ذكرى رحيله.. "فيلسوف الفن" عاش حياة "الحاج متولي"

سناء شافع

سناء شافع

محمود حجاب

A .A

يُعد الفنان والمخرج المسرحي الكبير سناء شافع، واحدًا من أبرز رموز المسرح المصري، حيث قدّم طوال مسيرته أعمالًا تركت بصمة واضحة سواء كممثل متمكن أو كمخرج صاحب رؤية ووعي، وأسهم بشكل كبير في إثراء الساحة الفنية بعشرات الأعمال التي ظلت محفورة في ذاكرة الجمهور.

ذكري رحيل سناء شافع 

وتحل الذكرى الـ 5 لرحيل سناء شافع، اليوم 12 أغسطس، الذي ودعنا في مثل هذا اليوم عام 2020. ترك خلفه إرثًا فنيًا غنيًا ومكانة استثنائية في قلوب محبيه وطلابه وجمهوره، الذين لا يزالون يتذكرون إبداعه وتأثيره العميق في المسرح والدراما المصرية.

من أسيوط إلى عماد الدين.. نشأة ومسيرة فنية ملهمة

ولد سناء شافع عام 1943 في قرية "موشا" بأسيوط، لأسرة دينية، وانتقل في طفولته إلى القاهرة حيث نشأ في أحياء تراثية مثل الجمالية والحسين. 

وبدأ سناء، شغفه بالفن مبكرًا، وانضم إلى فرقة هواة المسرح بشارع عماد الدين، ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج فيه، ليعود لاحقًا أستاذًا ومعيدًا. جمع بين التمثيل والإخراج الأكاديمي، وأسهم في تخريج أجيال من نجوم المسرح والدراما، ليُصبح أحد أعمدة الفن المسرحي في مصر والعالم العربي.

No photo description available.

سناء شافع.. فنان جمع بين تسعة قلوب ولم تغِب عنه الأضواء

رغم مسيرته الفنية الصلبة وأدواره الراسخة في المسرح والدراما، كانت الحياة العاطفية للفنان الراحل سناء شافع ملفتة بقدر حضوره على خشبة المسرح، فقد تزوج أكثر من 9 مرات، من بين زوجاته اثنتان من الوسط الفني؛ الفنانة ناهد جبر، والفنانة ندى بسيوني، لكن زيجاته ورغم تعددها، لم تطغَ يومًا على احترام جمهوره أو حضوره الإبداعي.

حكاية 9 زيجات فى حياة الفنان سناء شافع بينهن فنانتان ..تعرف عليهم

الزيجة الأولى: حب في الخفاء

بدأت رحلة زواجه مبكرًا، وهو في سن الـ19 أثناء دراسته في المعهد العالي للسينما، حيث تزوج سرًا من فتاة تُدعى ليلى كامل، ابنة تاجر مجوهرات، دون علم أسرته.

زوجة ألمانية وابن في أوروبا

الزوجة الثانية كانت ألمانية الجنسية، واستمر زواجه بها لمدة سبع سنوات، أنجب خلالها ابنه عبدالله نديم، الذي يعيش ويدرس القانون الدولي في ألمانيا. لم يرفض والده الشيخ الأزهري هذه الزيجة، بل نصحه بتحمل مسؤولياتها، لكن الانفصال وقع لاحقًا بسبب رغبة شافع في العودة لمصر، بينما لم تستطع الزوجة التأقلم مع الحياة فيها.

 ناهد جبر: حب وخيانة وانفصال

في زيجته الثالثة، ارتبط بـ الفنانة ناهد جبر، لكن الزواج لم يستمر طويلًا، بعدما اعترف سناء شافع بخيانته لها أكثر من مرة، وهو ما دفعها للانفصال، رغم وصفه لها بأنها "زوجة مثالية وكل ما فيها كان جميلًا".

جمع ثلاث زوجات دون علمهن

كشف سناء شافع خلال استضافته في برنامج "الستات ميعرفوش يكدبوا" عام 2019، أنه جمع في وقتٍ ما بين ثلاث زوجات في آن واحد، من بينهن ناهد جبر، مؤكدًا أنهن لم يكنّ يعلمن بزواجه من الأخريات، واستمر هذا الوضع لفترة حتى انفصل عنهن.

الأخيرة الأقرب إلى قلبه.. 9 زيجات في حياة الفنان الراحل سناء شافع (فيديو)

ندى بسيوني.. آخر الزيجات

لاحقًا، تزوج من سيدة كويتية، ثم من سيدة مصرية من عائلة عريقة، قبل أن يختتم زيجاته بزواجه من الفنانة ندى بسيوني، والتي أنجب منها ابنته الوحيدة مايا.

ورغم كثرة علاقاته، ظل سناء شافع، محتفظًا بمكانته كفنان مثقف وأكاديمي صارم، لم تشغله أضواء الحياة الشخصية عن فنه، ولا أفقدته أدواره العاطفية احترام الجمهور لالتزامه وعمق عطائه الفني.

من "أنتيجونا" إلى "دون كيشوت".. بداية مسرحية لامعة

انطلقت المسيرة الفنية للفنان الراحل سناء شافع من قلب المسرح، حين انضم إلى فرقة مسرح التلفزيون عام 1962، ومنها إلى فرقة المسرح العالمي عام 1963، حيث قدّم عددًا من العروض المسرحية المهمة كممثل، أبرزها: "المتحذلقات"، "الحيوانات الزجاجية"، و"أنتيجونا"، كاشفًا منذ بدايته عن موهبة مسرحية ناضجة ووعي فني استثنائي.

الرحلة إلى ألمانيا.. دراسة وإلهام

رغم بداياته المبكرة في مصر، قاد الطموح سناء شافع إلى أوروبا، حيث سافر إلى ألمانيا الشرقية عام 1959 بعد تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية. هناك، حصل على منحة من وزارة الثقافة الألمانية لدراسة الإخراج المسرحي والدراماتورج في فرقة برلين إنسامبل المعروفة بمسرح بريخت، كما درس الدراما الموسيقية في أوبرا برلين عام 1972.

إخراج مسرحي برؤية أوروبية

بعد عودته إلى مصر، بدأ شافع أولى تجاربه كمخرج بمسرحية "اللي رقصوا على السلم" عام 1972 ضمن فرقة المسرح الكوميدي، والتي مثّلت تحولًا في مسيرته المسرحية. وقدّم بعدها عددًا من العروض اللافتة في مسارح الدولة، من أبرزها مسرحية "دون كيشوت" عام 1975، التي تُعد من علامات المسرح المصري، حيث عكست بصمته الإخراجية المتأثرة برحلاته الأكاديمية والثقافية في أوروبا.

مناصب أكاديمية ومسؤوليات قيادية

لم يقتصر دور سناء شافع، على الأداء والإخراج، بل كان أكاديميًا مرموقًا، حيث عمل مدرسًا في أكاديمية الفنون عام 1977، ثم أستاذًا في المعهد العالي للفنون المسرحية، قبل أن يُعيّن عميدًا للمعهد لاحقًا. وخلال تلك الفترة، كان له دور كبير في تخريج أجيال جديدة من الفنانين الذين أصبحوا من رموز الساحة الفنية المصرية.

كما شغل شافع، منصب مدير مسرح الطليعة عام 1974، أحد أهم المسارح التجريبية في مصر، حيث قدّم عروضًا ذات طابع فكري ورؤية حداثية، أبرزها "دون كيشوت" التي جمعت بين الكلاسيكية والمعاصرة.

No photo description available.

أعمال سينمائية وتلفزيونية بارزة

في السينما، ترك سناء شافع، بصمة فنية خاصة من خلال أدوار متنوعة، منها ما جسّد الشخصيات المعقدة بمهارة مثل دوره في فيلم "حتى لا يطير الدخان"، و"فوزية البرجوازية"، حيث أظهر قدرة كبيرة على تقمص الأدوار ذات الأبعاد النفسية والاجتماعية.

أما في الدراما التلفزيونية، فقدّم عددًا من الأدوار المتميزة، ما جعله حضورًا ثابتًا على الشاشة الصغيرة، يتمتع بقبول فني وإنساني واسع، ويمتلك القدرة على التأثير في الجمهور عبر كل شخصية أداها، سواء كانت بطولة أو دورًا مساعدًا.

"فيلسوف الفن".. لغة رفيعة وأداء خالد

لقّبه زملاؤه وجمهوره بـ "فيلسوف الفن"، لما امتلكه من تمكن لغوي وثقافة موسوعية انعكست بوضوح على أدائه، خاصة في الأعمال التاريخية والدينية التي تميز فيها بصوته الرخيم، وأدائه العميق، وإحساسه المتفرد.

كان سناء شافع مثالًا للفنان المثقف، الذي لا يكتفي بالحضور الفني، بل يغوص في أبعاد الشخصية ومعاني النص، ليخرج أداءً صادقًا يصل مباشرة إلى قلب المشاهد.

حبٌّ لمصر لا ينتهي

رغم أصوله الصعيدية المتجذّرة، كان سناء شافع يحمل حبًا عميقًا لمصر، وارتبط بها إنسانيًا وفنيًا حتى اللحظة الأخيرة من حياته. ظل يعمل ويُدرّس ويخرج ويُبدع، واضعًا الفن في مقام الرسالة التي لا تنتهي حتى برحيل الجسد.

الوداع الأخير

في 12 أغسطس 2020، غيّب الموت، الفنان الكبير سناء شافع، عن عمر ناهز 77 عامًا، بعد صراع مع أزمة صحية ألمّت به منتصف يوليو من العام نفسه.

 ومع رحيله، فقدت الساحة الفنية قامة مسرحية وفكرية كبيرة، لكن إبداعه لا يزال حاضرًا في قلوب محبيه وأعماله الخالدة.

سناء شافع تميّز بأدواره المركبة وتزوّج من ممثلتين من بين زيجاته التسع..  وتوفي بهذا المرض
search