طبطبوا على الحرامي.. وصوروا البنات
استوقني فيديو لص الموبايلات الذي حاول أن يسرق أحد المارة بينما يقود دراجة نارية، وتمكن الضحية من التصدي له ومنعه، بل وضربه وأوقفه، إلى ان تجمع عدد من الموجودين في المكان، فاخرج اللص سلاحًا أبيض "سنجة" ولوح به في وجه صاحب الموبايل، ثم دخل في حوار مع الشباب الذين أحاطوا به.
المشهد تغير كليًا، إذ حدث نوع من الألفة مع اللص الوقح، فتعاملوا معه بكل ود وصداقة، ووصل الأمر إلى درجة "الطبطبة" ثم تركوه يغادر سالماً آمناً، وسط ذهول المجني عليه الذي لم يجد من يسانده.
أدرك جيداً أن التصدي لشخص مسلح ليس بالأمر الهين، ولا يجب أن نعرض أنفسنا للخطر، لكن ما حدث أمر مشين، يعكس تغيرًا سلبيًا مخيفًا في السلوك الجمعي للشعب المصري، ففي الماضي القريب، لم تكن تمر مثل هذه المواقف مرور الكرام، إذ كانت أفضل شيمنا نصرة الضعيف، وإنصاف المقهور، وحماية المرأة.
والآن بكل أسف أصبحنا نلوم الضحية في كثير من المواقف، فحين تتعرض المرأة للتحرش أو الاعتداء نترك الجاني، ونتحدث عن ملابسها، أو مشيتها أو جلستها ونحمّلها المسؤولية.
وحين يعترض راكب في ميكروباص، على سلوك سائق يصر على التدخين مثلاً، أو القيادة بتهور، أو يفرض زيادة في الأجرة، يطأطئ بقية الركاب رؤوسهم ويتركونه فريسة للسائق البلطجي الذي يجبره على النزول أحياناً دون أن يجد من ينصفه أو يدفع الظلم عنه وعن نفسه.
وقس على ذلك مواقف عدة تحدث يومياً في شوارعنا، أذكر منها شخصاً -بدا لي راقياً- نزل من سيارة فارهة لشراء غرض ما، وحين عاد إليها فوجئ بطفل يرسم عليها بمسمار، حتى كاد الرجل يصاب نوبة قلبية، وحين اعترض وعاتب أم الطفل التي كانت قريبة منه، صرخت فيه، وأنصفها الموجودون، ولاموه على المبالغة في رد فعله بل كادوا يضربونه.
لقد تحول معظمنا بكل أسف إلى مجرد متفرجين، وفي أفضل الأحوال نكتفي بتصوير ما يحدث لصناعة ترند أو المشاركة فيه، ولا عزاء لأخلاق "أولاد البلد" تماماً مثلما ورد في مشهد بفيلم الرهيبنة " حين قالت الفنانة ياسمين عبدالعزيز للنجم أحمد عز " فين أخلاق ولاد البلاد" فرد عليها قائلاً "بقالك كتير ما نزلتيش مصر".
لقد علق أحدهم على مشهد فيديو لص الموبايلات قائلاً، " لقد خضع الناس وخنعوا لصاحب القوة والسلاح" وأعتقد – آسفاً- أن هذا توصيف دقيق لما حدث، رغم سهولة تطبيق قاعدة "الكثرة تغلب الشجاعة" في تلك الحالة، لكن لا ضمانة للفوز حين تكون الأكثرية من الجبناء.
وعلى طريقة “ضربني بوشه على إيدي”، قرأت تصريحاً لشقيق أحد الشباب الذي تورطوا في مطاردة الفتيات الثلاث ضحايا حادث الواحات الأخير، يقول " إن البنات غلطانين لأنهم تقبلوا نظرات وكلمات الشباب المتهمين.
وربما الجانب الإيجابي الوحيد في هذه الواقعة المؤسفة، رد فعل أحد الشباب الذي صور المطاردة، وتوقف لإنقاذ الشابات الثلاث، فربما يمثل هذه الشاب نموذجاً نادراً لما كنا نتمتع به من نخوه ورجولة.
حن شعب طيب، تمتد جذوره إلى آلاف السنين، لذا أتمنى أن نحافظ على ما ورثناه في جيناتنا من مروءة وشجاعة ، وندرك أن سلامة غيرنا من سلامتنا، وكرامتهم من كرامتنا، وحرمة نسائهم من حرماتنا، حتى يسود العدل في الشارع وتظل بلادنا آمنة مستقرة.
الأكثر قراءة
-
لامست موطن عفتها، "دادة" مدرسة خاصة بالسلام متهمة بخدش براءة تلميذة في KG1
-
بـ10 لاعبين، المغرب تهزم سوريا وتتأهل لنصف نهائي كأس العرب
-
بـ"القاضية"، السعودية تهزم فلسطين وتتأهل لنصف نهائي كأس العرب
-
"مين هيدخل الجنة؟"، عبدالله رشدي يفند تصريحات إبراهيم عيسى في 8 نقاط
-
بسبب انفجار ماسورة غاز، إصابة 4 أشخاص في انهيار جزئي لعقار بإمبابة
-
مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 في مصر
-
بـ3 مراكز، بدء فرز الأصوات بلجان الدائرة الثالثة بالفيوم
-
بعد إعادة التصويت.. مرشح مستقل يسجل قفزة غير مسبوقة بـ45.9% في انتخابات الأقصر
مقالات ذات صلة
قضية "سيدز".. التجارة بالألم وعدالة "الحقيقة"
08 ديسمبر 2025 05:59 م
برلمان على حافة الفراغ!
30 نوفمبر 2025 07:10 م
رمضان المسكين.. هل يجب أن نتعاطف مع متهم لأنه نجم؟!
28 نوفمبر 2025 03:49 م
انتخابات كاشفة.. ومشاهد مؤلمة.. ووطن يحتاج الجميع
25 نوفمبر 2025 06:04 م
بيان الرئيس.. لحظة حاسمة لضبط النزاهة وحماية إرادة المصريين
17 نوفمبر 2025 01:27 م
ليسوا رجالاً.. وكلنا شركاء في الجريمة!!
14 نوفمبر 2025 04:46 م
من الورقة الدوارة إلى المرشح الفضائي.. هل ينتصر الناس لمن يستحقهم؟
09 نوفمبر 2025 02:11 م
بعث جديد من قلب مصر.. نحن أولاد الأصول
31 أكتوبر 2025 03:28 م
أكثر الكلمات انتشاراً