الأحد، 17 أغسطس 2025

08:17 ص

الذخائر غير المنفجرة تحوّل أحياء الخرطوم إلى حقول موت

عائلات سودانية أثناء الحرب

عائلات سودانية أثناء الحرب

لم يمض سوى يومين على عودة أسرة محمود إلى منزلها في شرق النيل بالخرطوم، حتى تحولت فرحة الاستقرار إلى مأساة، بعدما فقدت العائلة طفلها نتيجة انفجار جسم غريب بينما كان يلهو في أحد ميادين الحي، وفقًا لشبكة “سكاي نيوز”. 

هذه الحادثة تجسد المخاطر اليومية التي يخلفها انتشار الألغام وبقايا الذخائر، والتي باتت تشكل هاجسًا أمنيًا وبيئيًا كبيرًا، خصوصًا مع بداية موسم الأمطار.

ذخائر كامنة في قلب الأحياء

أكدت الأمم المتحدة أن أكثر من عُشر المقذوفات التي استُخدمت منذ اندلاع الحرب لم تنفجر بعد، ووصفت المنظمة الدولية هذا الواقع بأنه "تحدٍ صامت لكنه فتاك"، يهدد أرواح المدنيين العائدين إلى منازلهم.

منطقة وسط الخرطوم تُعد الأكثر تضرراً، إذ تضم ستة أحياء إلى جانب مقرات حكومية ودولية، وفي يوليو الماضي، صرّح لوكا ريندا، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان، بأن عملية إزالة الألغام أصبحت عائقاً حقيقياً أمام السكان وجهود إعادة الإعمار، مشيراً إلى وجود "مئات الآلاف وربما أكثر من الذخائر غير المنفجرة في المدينة".

وكشفت تقديرات أممية أن الألغام ومخلفات القتال تنتشر في نحو 80% من أرجاء الخرطوم، وهو ما يفسر إحجام ملايين النازحين عن العودة إلى منازلهم منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.

لم تتمكن بعثة أممية برئاسة إديم ووسورنو، مديرة العمليات والمناصرة في مكتب "أوتشا"، الأسبوع الماضي من دخول بعض مباني الأمم المتحدة بالعاصمة بسبب الذخائر المنتشرة والمخاطر الناجمة عن الحرب.

تهديد لإعادة الإعمار

حذرت التقارير من أن أي خطة لإعادة البناء لن تُكتب لها الاستدامة ما لم تُدمج جهود إزالة الألغام ضمنها، وتوقعت استمرار خطر الذخائر غير المنفجرة لسنوات مقبلة، خاصة بعد الدمار الواسع الذي طال أحياء سكنية وخدمية وأدى إلى تراكم مواد بناء محطمة، بينها الأسبستوس، يُرجح أنها امتزجت بمواد سامة من بقايا الأسلحة والمتفجرات التي استُخدمت بكثافة.

أمراض وتلوث

وأوضح تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الألغام أن الخرطوم باتت ملوثة بمساحات شاسعة من المتفجرات القاتلة، بعضها موجود داخل المنازل والساحات العامة، وجاء في التقرير أن الألغام "ستواصل حصد الأرواح حتى بعد توقف إطلاق النار".

كما أدى التلوث الناتج عن مخلفات الحرب إلى ارتفاع واضح في معدلات الإصابة بالأمراض، حيث سجلت العاصمة خلال الأشهر الماضية زيادة في حالات الإسهال وأمراض الجهاز التنفسي، إضافة إلى التهابات جلدية وحالات حادة في العيون.

حجم دمار كارثي

ووفقاً للمرصد الدولي للصراعات والبيئة، فإن الخرطوم تحتوي على نحو 100 ألف طن من الحطام في مساحة تُقدّر بـ57 كيلومتراً مربعاً فقط، وبالنظر إلى أن مساحة العاصمة تبلغ حوالي 22 ألف كيلومتر مربع، يُتوقع أن يتجاوز حجم الحطام الكلي الناجم عن الحرب 38 مليون طن، في مؤشر على حجم الكارثة التي تعيشها المدينة.

search