الإثنين، 18 أغسطس 2025

12:49 ص

بعد نجاتها من الحرب والمجاعة.. قصة آخر دجاجة لعائلة غزاوية

الدجاجة الأخيرة لعائلة غزاوية

الدجاجة الأخيرة لعائلة غزاوية

رغم العوز والحاجة التي يعانيها أهالي غزة، تحت طائلة الحرب الممتدة منذ السابع من أكتوبر قبل عامين، والتي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، إلا أن الغزاويين ما زالوا يدهشوننا بمواقفهم كل يوم، كحال إحدى العائلات التي نشرت نعيًا لدجاجتهم الأليفة والتي رافقتهم خلال الأيام الصعبة، باعتبارها جزءًا من العائلة.

عائلة غزاوية تنعى دجاجتها

وكانت إحدى المؤثرات في غزة وتدعى “سماهر الخزاندار”، قد نشرت نعيًا لدجاجتهم على صفحتها الشخصية بمنصة “فيسبوك”، التي رافقتهم منذ بداية الحرب على القطاع، وطوال عامين كاملين صمدت مع الأسرة في رحلتهم مع التهجير والقصف، والاستهدافات العشوائية، وتجرعت مرارة الجوع والعطش واستنزاف الموارد، وأخيرًا افتقار البيوت والمخيمات لوسائل مبردة لحرارة الجو المكتظة، وهو ما أودى بحياتها في النهاية.

الناجية الوحيدة من مجموعة الصيصان

وذكرت “سماهر” أن أولادها اشتروا تلك الدجاجة منذ كانت فرخًا صغيرًا رفقة مجموعة من الصيصان الصغار، والتي نفقت واحدة تلو الأخرى، حتى بقي الفرخ وحيدًا لينشأ مع العائلة التي اعتبرته طائرها الأليف، ورفضت التضحية به رغم الجوع وأكله.

وقالت سماهر في منشورها: "هذه كانت دجاجتنا، الناجية الوحيدة من مجموعة من الصيصان اشتراها أولادي لتربيتها قبل الحرب، فحين كبرت الصيصان وبدأت تغير ريشها، أصابها مرض وماتت واحدة بعد الأخرى وبقيت هذه الدجاجة".

وتتابع: "حين نزحنا كان الوضع شديد الخطورة، وخرجنا من البيت في العتمة ونسينا أمرها، ولم نذكرها إلا بعد أكثر من أسبوع، حين وصلنا إلى دير البلح، ندمنا لأننا لم نفكر بإطلاقها لتستطيع البحث عن طعام تأكله، وأصابني أنا تحديدًا شعور مرير بالذنب لأنني نسيتها".

معجزة تجسدت في دجاجة

وأردفت أن الدجاجة تمتعت بقدرة غريبة على التحمل، ما جعل العائلة تعتبرها معجزة غريبة، وهو ما أوضحته قائلة: "حين لجأ أقاربنا لبيتنا بعد شهر، واستقروا فيه، طلبت من زوجي أن يسألهم عنها، وكانت المفاجأة المدهشة أن الدجاجة بخير! كان الخبر كالمعجزة، ظننا أننا تركناها لتموت، فأنقذها الله بطريقة ما، وأرسل لها أحبابنا ليطعموها ويسقوها، امتلأ بيتنا بجميع طوابقه الأربعة بالنازحين، وأصبحت الدجاجة الحيوان المدلل لجميع الأطفال، الجميع يريد أن يطعم الدجاجة".

رفض التضحية بالدجاجة رغم مرارة الجوع

وذكرت “سماهر” أن المحيطين بالأسرة طلبوا منهم مرارًا التضحية بالدجاجة لسد الجوع، والاستفادة بلحمها، خاصة مع اشتداد المجاعة في القطاع، وافتقار الناس لتناول اللحوم بجميع أشكالها.

وتابعت: "حين اشتدت المجاعة، كان من غير المجدي ذبحها لأنها لم تكن تكفي لإطعام كل هذا العدد، وقد كانت أحيانًا تبيض، فكان الأطفال يأكلون من بيضها في وقت لم يكن عند معظم عائلات المدينة حفنة دقيق، الأغرب أنه قد جاء وقت اضطر أهلنا للنزوح من البيت، فأشفقت أخت زوجي على الدجاجة وأخذتها معها لتطعمها، نزحت الدجاجة معهم، وعادت معهم حين عادوا".

وتزيد: "بعد عودتنا صعدت للسطح لأطمئن عليها، وتحدثت معها ودللتها واعتذرت لها، كانت تنظر لي بتوجس وخوف، وربما سمعني زوجي وضحك علي، لكنني كنت أكلمها بصدق وجدية، فبالنسبة لي كنت أتحدث مع معجزة لا مع دجاجة".

وأضافت عما عانته الدجاجة رفقة الأسرة من ويلات الحرب، والتغيرات التي طرأت عليها: "في المجاعة الحالية انقطع بيضها، يبدو أنها خافت من شدة القصف، وكان الجميع يحثون زوجي على ذبحها لنأكلها، لكننا رفضنا، قلت لزوجي نعتبرها غير موجودة، هذه كانت دجاجتنا، نجت دون ماء أو طعام لأكثر من شهر، ثم عاشت مجاعتين في واحدة من أعنف حروب الإبادة في التاريخ، ونجت من الرصاص الطائش والشظايا التي سقطت على سطح بيتنا، نزحت تحت القصف، وعادت لبيتها، كتب الله لها أن تعيش وتنجو في ظروف مستحيلة، لتموت اليوم".

وفاة الدجاجة بسبب الحر

وتختتم السيدة سماهر منشورها قائلة: "ماتت دجاجتنا اليوم من الحر، الحر وليس الحرب، لم تتحمل الحرارة فانطفأت روحها، وقام ابني بدفنها في ممر رملي بجانب البيت، زوجي الواقعي تمنى لو كنا لحقنا بها وذبحناها قبل أن تموت، لكن أنا شعرت براحة أكبر لأنها ماتت بشكل طبيعي ودُفنت بشكل لائق".

search