
الدفاع عن المجرم .. ولوم الضحية في جريمة طريق الواحات!
حالة جدل كبيرة مثارة حاليًا في ظل انطلاق محاكمة الشباب المتهمين بمطاردة ثلاث شابات على طريق الواحات، والتسبب في اصطدام سيارتهن بشاحنة، وتعرضهن لإصابات بليغة!
بعيدًا عن طبيعة الحادث، وما يعكسه من تدني أخلاقي لدى فئة من الشباب، الذين استبدلوا حماية الحرمات والأعراض بالتحرش والتنمر والاستقواء بالجنس، فإن إصرار البعض على تحميل الضحية كامل المسؤولية أصبح أمرًا يستحق الدراسة والتحليل!
استوقفني اشتباك ساخن بين قراء ومتابعي "تليجراف مصر" بوجهات نظر متباينة، فهناك من ألقى اللوم كليًا على المتهمين، وطالب بتوقيع أشد العقوبات عليهم حتى يكونوا عبرة لكل متحرش وضيع مستبيح للمرأة في بلادنا.
وبكل امانة، أتفهم هذا الاتجاه، فلا أحد فينا يتمنى أن تتعرض شقيقته أو أي من قريباته ومعارفه لمثل هذه الجرائم!
وهناك رأي شاذ معتاد في مثل هذه المواقف، يتحامل على الضحية، ويحمل الفتيات مسؤولية ما حدث بسبب سلوكهن أو ملابسهن، وأنا لا اتخيل كيف يبرر إنسان الخطأ، ويتهاون مع فكرة تعريض حياة شخص للخطر لمجرد الاستقواء بذكورته، لكن – بكل أسف- أصبحنا معتادين على تبني مثل هذه الأفكار، وكيف ننسى أن هناك من تعاطف مع قاتل نيرة أشرف في الشارع أمام جامعتها بكل وحشية، لمجرد أن الضحية أنثى!
أما الاتجاه الثالث الذي رصدته في بعض التعليقات، فهو صادم بكل المقاييس، إذ ترك أصحابه الجريمة الأصلية، وأمسكوا في هيئة الفتيات ودرجة جمالهن، فسخروا بكل تنمر وصفاقة عليهن، ولاموا الشباب على ملاحقتهن، وقال أحد هؤلاء "إن المتهمين الثلاث يجب أن يحاكموا على رداءة أذواقهم، وملاحقتهم لبنات "لا شكل ولا منظر" وفق أحد التعليقات!!
بالله عليكم، هناك حوادث ومواقف لا يجب أن نتدنى في تناولها بمثل هذه التعليقات، خصوصًا حين تتعلق بنساء أو أطفال، فبحكم الدين والتقاليد، للمرأة حرمة يجب أن تصان بغض النظر عن شكلها أو بيئتها!
وهناك جانبان آخران، من الضروري تناولهما سويًا، فما أناقشه دائمًا فكرة مطروحة للنقاش من جانب جمهور هذه المنصة الذي نحترمه ونقدره..
الجانب الأول، وهو تحامل فئة من السيدات على غيرهن من النساء ضحايا هذه الجرائم، فعلقن صراحة وضمنًا على الحادث بما مفاده "انه بغض النظر عن الجرم الذي ارتكبه المتهون، إلا أن ملابس الفتيات الثلاث ربما كان لها عامل فيما حدث!
ولا شك أن أكثرية السيدات اللاتي شاركن بالتعليق على الخبر عبر "تليجراف مصر" اتسمن بالموضوعية، ودافعن عن حقوق المرأة في العمل والسير والتنقل بأمان في بلادهن، لكن تظل النساء المبررات لسلوك الجناة نماذج مثيرة للدهشة والتعجب!
أما الجانب الثاني الذي أريد مناقشته معكم، فهو تعمد البعض تشويه صورة الشاب المصري، بسبب سلوكيات قلة جانحة من الذكور الذين لا يستطيعون السيطرة على دوافعهم وغرائزهم، فغابت عنهم التربية والرجولة!
وأعتقد أن السبب في ذلك أن النموذج السيء يطغى دائمًا على غرار الأبطال الشريرون في السينما والدراما، الذين يكونوا أكثر جاذبية للمشاهد، بدليل أن الواقعة ذاتها شهدت تدخلًا إيجابيًا من شاب شجاع ساهم في إنقاذ الشابات الثلاث ورافقهن إلى المستشفى، لكن لم يتوقف عند دوره كثيرون!
والشيء بالشيء، شاهدت مقاطع دعائية من فيلم حديث لنجم ومغني شاب، يصفع فيه البطلة مرات عدة على سبيل الطرافة أحياناً والاستهزاء أحيانًا، فيما كانت تتقبل تصرفاته بطريقة ترسخ الصورة النمطية لإهانة المرأة والتحقير من شأنها، ومن ثم لا يمكن أن نلوم انتقال هذه الثقافة في الشارع طالما يتبناها المؤثرون في المجتمع!
وأود الإشادة أخيرًا، بسرعة استجابة وزارة الداخلية لقضايا الرأي العام، وكفاءة رجالها في القبض على المتهمين، كما أنوه كثيرًا بتطبيق مبدأ العدالة الناجزة من خلال تسريع المحاكمات والفصل فيها بإنصاف دون تغول على حق المتهمين في الدفاع، فهذا كفيل بردع أي مجرم تسول له نفسه المساس بأمن المجتمع واستقراره، ويرسخ قيمة وطننا الآمن.

الأكثر قراءة
-
بحضور وزير الداخلية.. ابنة الشهيد محمد مبروك تحتفل بزفافها
-
حاصروه بالشائعات.. هجوم إخواني على مؤسس تمرد بعد اعتزاله الترشح لـ"النواب"
-
كرموه وجبروا بخاطره.. قصة الصغير عبد الله في ماراثون روتاري الأقصر
-
فأر يفزع مذيعة على الهواء ببريطانيا.. القصة الحقيقية وراء الفيديو المنتشر
-
بعد أسعار عربات "أبو الهول" و"بوفيه".. هل ترتفع تذاكر المترو؟
-
وائل السرنجاوي: الترشح لرئاسة نادي الزهور مسؤولية أدبية وتاريخية
-
تهميش الأعضاء وانفراد بالقرارات.. ثورة بالهيئة العليا ضد رئيس الوفد
-
تحميل كراسة الشروط لشقق الإسكان 2025.. رابط مباشر

مقالات ذات صلة
انتصار أكتوبر المجيد بين كذب أدرعي وحماقة الشرع!
06 أكتوبر 2025 04:38 م
غدر إثيوبيا.. ورد مصر!
03 أكتوبر 2025 03:53 م
متى يشبع هؤلاء!
26 سبتمبر 2025 05:20 م
فليكن شمسك الصبوح، لكن ليس الشيخ زايد!
22 سبتمبر 2025 07:02 م
في صحة المواطن.. والحكومة!
20 سبتمبر 2025 03:25 م
حين نتحدث عن محمود الخطيب
13 سبتمبر 2025 04:56 م
فلاح من المنوفية!
08 سبتمبر 2025 06:13 م
هايدي.. عندما يتحول النبل إلى سخافة!
29 أغسطس 2025 03:05 م
أكثر الكلمات انتشاراً