الإثنين، 29 سبتمبر 2025

01:08 ص

أوروبا تكسر الصمت.. صفعة الاعتراف بفلسطين

أخيرًا، كسرت أوروبا دائرة التواطؤ الطويلة، ورفعت صوتها باعتراف رسمي بدولة فلسطين. خطوة تأخرت عقودًا، لكنها جاءت لتكشف أن الاحتلال لم يعد مقبولًا كأمر واقع، وأن العالم بدأ يستعيد بصره بعد سبات عميق.

سقوط ورقة التوت عن إسرائيل

لطالما روّجت إسرائيل أنها “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”، وأن أمنها مهدد، وأن الفلسطيني هو المعتدي. لكن الاعتراف الأوروبي فضح الحقيقة: نحن أمام قوة احتلال ترفض الانسحاب، وتستبيح الأرض، وتبني المستوطنات بلا رادع. أوروبا قالتها بوضوح: فلسطين دولة، والاحتلال جريمة.

ماذا بعد الصفعة؟

إسرائيل ستصرخ، وستهدد، وربما تلوّح بالضم أو بالعقوبات الاقتصادية على السلطة الفلسطينية. لكنها تعلم جيدًا أن اعتراف أوروبا ليس مجرد بيان صحفي، بل بداية مسار جديد يفتح الباب لمساءلات قانونية في المحاكم الدولية، ويمنح الفلسطينيين شرعية أقوى لمطاردة قادة الاحتلال كمجرمي حرب.

واشنطن في مأزق

الولايات المتحدة التي اعتادت على حماية إسرائيل دبلوماسيًا ستجد نفسها اليوم في مأزق: هل تواجه أوروبا وتدافع عن الاحتلال علنًا؟ أم تترك إسرائيل وحيدة في مواجهة عاصفة الاعترافات الدولية المتصاعدة؟

الفرصة الفلسطينية

يبقى الرهان الأكبر على الفلسطيني نفسه. فبدون وحدة داخلية، سيبقى الاعتراف ورقة معلقة في الهواء. أما إذا استثمر الفلسطينيون هذه اللحظة التاريخية لتوحيد الصف، فسيصبح الاعتراف الأوروبي الشرارة التي تشعل نهاية أطول احتلال في العصر الحديث.

هل اعتراف أوروبا بفلسطين فخ سياسي؟

بينما يحتفل الفلسطينيون ومن خلفهم الشعوب العربية بخطوة أوروبا التاريخية بالاعتراف بدولة فلسطين، يطل سؤال أكثر إلحاحًا: هل نحن أمام انتصار حقيقي أم أمام فخ سياسي مُحكم؟

الاعتراف قد يبدو في ظاهره خطوة جريئة، لكنه قد يتحوّل إلى أداة لتفريغ القضية من مضمونها. أوروبا قد تكتفي بهذا الإعلان لتبرئة ذمتها أمام شعوبها الغاضبة، بينما تواصل علاقاتها الاستراتيجية مع إسرائيل بلا أي قيود. الأخطر أن الاعتراف، إذا جاء من دون تحديد واضح للحدود أو ضمان السيادة الكاملة، قد يُشرعن كيانًا فلسطينيًا ناقصًا، أشبه بـ”دولة على الورق”، فيما يبقى الاحتلال سيد الأرض والقدس خارج الحسابات.

الفخ الحقيقي يكمن في أن يتحوّل الاعتراف إلى ورقة ضغط على الفلسطينيين أنفسهم: إما القبول بـ”حل أوروبي” منقوص، أو مواجهة عزلة سياسية وحرمان من الدعم. عندها يصبح ما قُدم على أنه إنجاز دبلوماسي مجرد غطاء جديد لاستمرار الاحتلال بأشكال أكثر خبثًا.

اعتراف أوروبا يمكن أن يكون بداية التحرر، لكنه قد يكون أيضًا قيدًا جديدًا إذا لم يُستثمر بوعي، ويُترجم إلى خطوات عملية تفرض على إسرائيل دفع ثمن احتلالها. الكرة اليوم في ملعب الفلسطينيين: إما تحويل الاعتراف إلى سلاح، أو الوقوع في فخ دولة بلا سيادة


الكلمة الأخيرة

أوروبا لم تُعط فلسطين هدية، بل أعادت جزءًا من الحق المسلوب. أما إسرائيل، فقد تلقت صفعة مدوية لن تنجو منها بسهولة. وما هو قادم لن يكون مجرد ضغط سياسي، بل بداية مرحلة جديدة قد تكتب فيها نهاية أسطورة الاحتلال الذي ظن أنه خالد..

search