الأربعاء، 01 أكتوبر 2025

09:24 م

تأمل علاجها خارج غزة.. مريم ضحية شظية شوهت رأسها وأكملوا عليها بالتنمر

الطفلة مريم ابراهيم

الطفلة مريم ابراهيم

الحرب قادرة على تغيير أي شيئ حتى الاطفال لم يسلموا منها، فهذه الطفلة الجميلة لم تعد كما كانت من قبل، تلهو كأي طفلة في عمرها، بشعرها الأسود الطويل وضحكتها الطفولية، إلى أن اخترقت شظية رأسها الصغير فكسرت جمجمتها، وسلبت طفولتها، ومنذ ذلك اليوم، وهي تعيش رحلة صعبة بين الألم والخوف، في انتظار عملية عاجلة قد تنقذ حياتها أو تحكم عليها بالموت.

مريم قبل الإصابة

مأساة الطفلة

في غرفة صغيرة يملؤها الصمت والأنين، تجلس الطفلة مريم إبراهيم (12 عامًا) على حافة سريرها، تمسك بطاقية سوداء وتشدها بقوة على رأسها، تخفي بها فراغًا تركته الحرب في جمجمتها الصغيرة، وتستعيد فيديو انتشر لها مؤخرًا تفاصيل يومها الأسود: “كان يوم جمعة، روحت أتحمم، وفجأة ضرب الصاروخ في الدار”.

 لم تكن تدرك أن هذا اليوم سيكون البداية لحياة جديدة مملوءة بالألم، إذ سقط صاروخ على المنزل وشظية اخترقت رأسها، وانفجر معها عالمها الذي لم تعرف فيه سوى اللعب والضحك.

جمجمة محتجزة وحياة معلقة

حين وصلت مريم إلى المستشفى، قرر الأطباء التدخل الفوري لإنقاذ حياتها، وأجروا عملية عاجلة أزالوا فيها جزءًا من عظام جمجمتها ووضعوه في ثلاجة مختبر مجمع ناصر الطبي، على أمل أن يعاد إلى مكانه بعد فترة قصيرة.

لكن الأسابيع مرت، وموعد الجراحة انقضى، فيما بقيت العظام محتجزة بين برودة المختبر وحرارة رأسها المشتعل بالألم، واليوم، بعد أكثر من 12 أسبوعًا على الإصابة، يصف الأطباء حالتها بأنها "في غاية الخطورة".

آلام لا يمكن السيطرة عليها

الدوخة المتكررة، التشنجات العنيفة، ارتفاع الحرارة، والانتفاخات المؤلمة في الرأس، صارت جزءًا من يوميات مريم، فقالت وهي تضغط على وجعها: "بقالي أكثر من شهرين باتوجع من راسي، ما بنامش الليل، كل شي بيحكني ويوجعني من الشعر والإبر والمحاليل".

تعلمت الكراهية ليوم الجمعة

في كلماتها البريئة، يظهر عمق الصدمة التي عاشتها: "أنا ما عملتش أي شي، بس حرموني من طفولتي ومن لعبي، ودايمًا بكرة يوم الجمعة اللي صار فيه إصابتي".

يوم الجمعة الذي ارتبط عند الناس بالراحة والطمأنينة، صار بالنسبة لها جرحًا مفتوحًا، يذكرها بالانفجار الذي شطر رأسها وغيّر مسار حياتها إلى الأبد.

شعر يتساقط وتنمر جماعي

فقدت مريم شعرها كله بعد الإصابة، وتحاول أن تتقبّل الأمر، لكنها لا تخفي ألمها حين يتحدث الآخرون عنها: ""أنا كنت حلوة كتير من قبل، وبعد الإصابة خربت راسي، شالولي العظم، شعري كله وقع، وبقيت صلعاء،  بس رجع يكبر شوي، بتمنى أعمل عملية ناجحة وشعري يطلع زي الأول، الكل دايمًا بيتنمروا عليّ".

طاقية تخفي العار

تبتسم بحياء وهي ترفع يدها فوق الطاقية: "بلبس الطاقية عشان محدش يتعاير عليا، بس من قلبي ما بديش ألبسها، وفي الدار بشلحها".

تحلم فقط أن يعود شعرها كما كان، أن تجري في الشارع بلا قبعة تخفي رأسها المشوّه، أن تنظر في المرآة وتجد طفلة تشبه نفسها من قبل.

نداء أخير إلى العالم

انتهت مهلة العملية داخل غزة، لم يعد أمام مريم سوى خيار واحد: العلاج العاجل في الخارج، فالأطباء أكدوا أن حياتها في خطر شديد، ولا يمكن إنقاذها إلا بعملية عاجلة في أحد المراكز الطبية المتخصصة خارج القطاع، لكن الحصار والإجراءات المعقدة يغلقان أبواب الأمل.

مناشدة لكل الناس

ترسل مريم رسالتها الأخيرة إلى العالم كله: "أنا نفسي أتعالج، ما بديش حد يتنمر عليا تاني، عالجوني برة، في أي دولة، عشان شعري يكبر".

search