391 جزيرة مهددة بالغرق.. كيف تنجو مصر من تدفقات سد النهضة؟

طرح النهر
شهد نهر النيل، خلال الأيام الماضية، ارتفاعًا مفاجئًا في منسوب مياهه، عقب قيام إثيوبيا بإجراء غير متوقع بتفريغ جزء من مخزون سد النهضة ما أدى إلى غمر أراضي طرح النهر بمحافظتي المنوفية والبحيرة، في وقت رفعت فيه المحافظات الواقعة على ضفاف نهر النيل حالة الطوارئ، تحسبًا لزيادة منسوب المياه وغرق الأراضي.
مصير جزر طرح النيل بعد الفيضانات
الواقعة فتحت الباب أمام تساؤلات واسعة، حول مصير جزر طرح النهر المنتشرة على امتداد مجرى النيل، والتي يعيش عليها آلاف المواطنين.
التدفق الكبير من المياه القادمة من الهضبة الإثيوبية والسودان أدى إلى غمر عدد من أراضي طرح النهر، لا سيما في محافظتي المنوفية والبحيرة، ما تسبب في أضرار جسيمة لمئات الأسر التي اضطرت إلى مغادرة منازلها والعيش مؤقتًا في خيام بعيدة عن مناطق الخطر.

وزارة الموارد المائية والري أكدت في بيان رسمي، أن المناطق المتضررة تقع ضمن نطاق أراضي طرح النهر، وهي بطبيعتها أراضٍ معرضة للغرق في أي وقت، نتيجة تغير المناسيب الموسمية للمياه، ولا يُسمح بالبناء أو الزراعة الدائمة عليها.
وشددت الوزارة، على أن ما حدث يُعد ظاهرة طبيعية تتكرر سنويًا مع زيادة التدفقات المائية، لافتة إلى أن الأجهزة المعنية تتابع الموقف لحظة بلحظة لضمان عدم امتداد الغمر إلى مناطق مأهولة أو أراضٍ زراعية نظامية.
مستقبل جزر طرح النيل
ووفقًا لبيانات المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد، تبلغ عدد الجزر النيلية في مصر، نحو 391 جزيرة، من بينها 144 جزيرة مصنفة كمحميات طبيعية نظرًا لأهميتها البيئية ودورها في استضافة الطيور المهاجرة.
وتتوزع الجزر على طول النهر البالغ طوله أكثر من 6800 كيلومتر، وتشكل مساحة إجمالية تُقدّر بـ160 كيلومترًا مربعًا، وتتميز بخصوبة عالية جعلت النشاط الزراعي المصدر الرئيسي لدخل سكانها بنسبة تصل إلى 70%.

الخبير في الأمن المائي، الدكتور إبراهيم الفيومي، حذر من خطورة الوضع الراهن، مؤكدًا أن ما حدث "ليس مجرد ارتفاع في المنسوب بل جرس إنذار مبكر لتداعيات إدارة إثيوبيا الخاطئة لسد النهضة".
وقال الفيومي لـ"تليجراف مصر": "يجب على مصر توثيق كافة الأضرار باستخدام خرائط الأقمار الصناعية والتوجه بدعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد إثيوبيا، بسبب أخطائها التصميمية وسوء إدارتها للسد".
وأضاف: "جميع الجزر النيلية معرضة لخطر الغمر الكامل"، مطالبًا وزارة الري بسرعة تعديل مناسيب أراضي الجزر المنخفضة واستخدام المياه الزائدة بشكل إيجابي في زراعة الأرز والمحاصيل الشرهة للمياه.
كما دعا إلى تنسيق فني عاجل بين وزارة الري وكليات الهندسة والجيولوجيا لتنفيذ مشروعات لتصريف المياه الفائضة نحو مناطق منخفضة في الصحراء الشرقية، بما يتيح إنشاء بحيرات وخزانات طبيعية تسهم في دعم الأمن المائي المصري.
"الحمل الحي".. خطر هندسي صامت
الفيومي أوضح أن حجم المياه داخل سد النهضة، والبالغ نحو 74 مليار متر مكعب، يمثل ما يُعرف هندسيًا بـ"الحمل الحي"، مشيرًا إلى أن المتر المكعب الواحد من المياه يعادل طنًا من الوزن، ما يجعل كتلة السد أشبه بقنبلة مائية موقوتة.
ولفت إلى أن السد العالي في مصر، والمبني من كتل صخرية صلبة، قادر على مقاومة هذه القوة بشرط الإدارة الدقيقة لتصريف المياه في توقيتات الذروة، من خلال توجيهها إلى المفيضات أو بحيرة ناصر لتخزينها بأمان.
لا خطر على المدن من تدفق المياه الأثيوبية
من جانبه، أكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، الدكتور عباس شراقي، أن الوضع تحت السيطرة، مشيرًا إلى أن وزارة الري تتابع بدقة منسوب المياه لضمان عدم تجاوزه جوانب النهر.
وقال شراقي: "لا يمكن القول إن هناك فيضانًا بالمعنى الكارثي، فما غُمر ليس قرى نظامية بل جزر غير صالحة للبناء، وأصحابها على علم بذلك.. الخطر الحقيقي يبدأ فقط إذا ارتفع المنسوب وهدد المدن النظامية".
وأوضح أن السد العالي يؤدي دوره بكفاءة عالية في امتصاص التدفقات القادمة من إثيوبيا، مؤكدًا أن مصر تتحكم بالكامل في إيرادات النيل، وأن فتح بوابات السد يتم بشكل منظم لتحقيق أهداف تشغيلية محددة.
كيف تستفيد مصر من أزمة غمر الأراضي
الخبير الجيولوجي دعا لضرورة تحويل الأزمة إلى فرصة من خلال نقل العمالة المتضررة إلى المشروعات الزراعية الجديدة مثل مشروع توشكى، مؤكدًا أن مصر تمتلك أكثر من خمسة ملايين فدان تحتاج إلى أيدٍ عاملة.
موقف الحكومة المصرية
وفي مؤتمره الصحفي الأسبوعي، أكد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن الحكومة تتوقع استمرار ارتفاع منسوب النيل حتى نهاية أكتوبر، بسبب استمرار تدفقات المياه من السودان وإثيوبيا.
وقال مدبولي: "نتابع الموقف أولًا بأول، ونتوقع تصريف كميات أكبر من المياه خلال هذه الفترة عن المعدلات الطبيعية، ما سيؤدي إلى غمر بعض المناطق خاصة في المنوفية والبحيرة".

قانون "طرح النهر" يحدد المسؤوليات
ووفقًا لقانون رقم 73 لسنة 1953 الخاص بـ"طرح النهر وأكله"، فإن تلك الأراضي تُعد من الأملاك الخاصة للدولة، ويجري توزيعها على أصحاب الأراضي المتضررة من النهر بقرارات وزارية، ما يعني أن الملكية لا تكتمل إلا بقرار رسمي من وزير المالية والاقتصاد.
وبذلك، فإن إقامة مبانٍ أو أنشطة غير مرخصة على هذه الأراضي تُعد مخالفة صريحة للقانون، وتتحمل مسؤوليتها الكاملة الجهات والأفراد القاطنون عليها دون سند رسمي.

الأكثر قراءة
-
إحالة محمد رمضان للمحاكمة بسبب أغنية "رقم واحد يا أنصاص"
-
في ظل الزيادة المرتقبة.. مفاجأة بشأن مستقبل سعر البنزين والسولار
-
جامعة بني سويف تحقق إنجازًا طبيًا جديدًا
-
من صحراء سيناء لنصر أكتوبر.. كيف نجا السيد سليمان من فخ طائرات إسرائيل؟
-
"براءة بعد اتهام".. مفاجأة في واقعة سب النائب نشأت فؤاد على "فيسبوك"
-
حسابات بنكية وتحويلات مالية.. حزمة خدمات جديدة للمصريين بالخارج
-
كشكول الجمسي.. أسرار حرب أكتوبر وحكايات الدموع في "الكيلو 101"
-
بيزنس الإكليل.. ليلة العمر بأسعار خيالية والبعض يستنجد بـ"السيد البدوي"

أخبار ذات صلة
بيزنس الإكليل.. ليلة العمر بأسعار خيالية والبعض يستنجد بـ"السيد البدوي"
07 أكتوبر 2025 02:22 م
من شيرر إلى صلاح.. رحلة العظماء في قائمة الأكثر مساهمة تهديفية
07 أكتوبر 2025 09:36 ص
لماذا اختار السادات حلمي البلك لإذاعة بيان نصر أكتوبر؟
06 أكتوبر 2025 05:43 م
بيبو والمعلم.. نموذج استثنائي للروح الرياضية تخطى حدود الملاعب
06 أكتوبر 2025 05:13 م
أكثر الكلمات انتشاراً