الأربعاء، 08 أكتوبر 2025

09:49 ص

مسؤل أممي يدعو لإنشاء سوق عربية موحدة للصلب

محمود محيي الدين

محمود محيي الدين

أكد محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة والمكلف من أمين عام الأمم المتحدة برئاسة فريق الخبراء رفيعي المستوى لتقديم حلول لأزمة الدين العالمية، أن قطاع الحديد والصلب العربي يمر بلحظة تحول عميقة، ويشهد مزيجًا من التحديات التي تستلزم تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي بين الدول العربية.

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة الرئيسية للقمة العربية الثامنة عشرة للحديد والصلب، التي يعقدها الاتحاد العربي للحديد والصلب في العاصمة العمانية مسقط.

تحديات متصاعدة

وقال محيي الدين إن قطاع الحديد والصلب، الذي يعد العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والنمو الصناعي، يواجه تحديات اقتصادية وجيوسياسية متصاعدة، تتسم بـ"تفتت الأسواق العالمية وتراجع حرية التجارة"، لصالح سياسات وطنية صناعية وتجارية أكثر تشددًا وانغلاقًا، وهو ما يقيّد قدرة الدول النامية على النفاذ إلى الأسواق العالمية.

وأضاف أن الثورة الرقمية والتحول الأخضر فرضا تحديات إضافية على القطاع، موضحًا أن الصناعة عالميًا تشهد إعادة صياغة لطرق الإنتاج من خلال المصانع الذكية وتقنيات التعدين المتطورة، فيما يواجه القطاع ضغوطًا متزايدة للتحول نحو الحياد الكربوني. 

حدود الكربون

وأشار إلى أن ذلك دفع العديد من الدول والتكتلات الاقتصادية، مثل الاتحاد الأوروبي، إلى فرض آليات مقيدة لحرية التجارة، أبرزها آلية تعديل حدود الكربون (CBAM)، التي سيبدأ تطبيقها مطلع عام 2026، رغم كونها إجراءً أحاديًا يتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية والاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ.

وفي سياق متصل، أشار محيي الدين إلى تقرير حديث صادر عن صندوق النقد الدولي، أفاد بأن آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية ستفرض أعباء إنتاج ضخمة على قطاع الحديد والصلب في الدول العربية، تعادل تعريفة قدرها 27% على صادرات مصر، و25% على تونس، و59% على ليبيا، و95% على الجزائر. 

وقال مبعوث الأمم المتحدة، إن هذه الآلية، رغم تأثيرها السلبي على الصادرات والتنافسية، قد تمثل فرصة لتشجيع الاستثمار في التقنيات الأنظف وتنويع الشركاء التجاريين.

ولفت إلى أن التقرير أوصى الدول المصدّرة للاتحاد الأوروبي بضرورة وضع استراتيجيات وطنية لتسعير الكربون، وتعزيز أنظمة الرصد والإبلاغ والتحقق من الانبعاثات، بما يضمن استمرار نفاذ صادراتها إلى الأسواق الأوروبية، داعيا إلى تنسيق المواقف العربية والإفريقية لتبني رؤية موحدة تجاه الاتحاد الأوروبي بشأن عدالة آلية تعديل حدود الكربون.

توحيد المعايير العربية

ودعا محيي الدين، الاتحاد العربي للحديد والصلب إلى العمل على تعزيز التكامل الإقليمي والتعاون الصناعي العربي من خلال إنشاء إطار للسوق العربية للصلب، بما يقلل من الاعتماد على الأسواق الخارجية، ويسهم في توحيد المعايير واللوائح الفنية لتسهيل التجارة البينية والمشروعات المشتركة. 

كما طالب بإنشاء نظام إنذار مبكر للنزاعات التجارية وحالات الإغراق والسياسات الخارجية، فضلًا عن تعزيز قدرات الإنتاج منخفض الانبعاثات وتطوير مشروعات مشتركة في مجالات الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة.

وأكد أن تعزيز القدرة التنافسية والابتكار في قطاع الحديد والصلب العربي يتطلب الاستثمار المشترك في البحث والتطوير بمجالات تكنولوجيا الصلب الأخضر والرقمنة وكفاءة الطاقة، وإنشاء مراكز إقليمية للتميز لتدريب الكفاءات ومشاركة أفضل الممارسات، إلى جانب تشجيع المشروعات المشتركة بين شركات الصلب العربية لتحقيق وفورات الإنتاج وتعزيز المنافسة العالمية.

تأمين المواد الخام والطاقة

كما شدد على أهمية تأمين المواد الخام ومصادر الطاقة من خلال تنسيق استراتيجيات الوصول المستدام إلى خام الحديد والطاقة، وإطلاق مبادرات إقليمية مشتركة لضمان استقرار الإمدادات، مؤكدًا ضرورة صياغة موقف عربي موحد في المفاوضات التجارية العالمية الخاصة بالصلب، وتعزيز الشراكات مع اتحادات الصلب الإقليمية والدولية.

وأشار محيي الدين إلى أهمية تسريع جهود الاستدامة والمواءمة المناخية من خلال وضع خارطة طريق إقليمية للصلب الأخضر تتماشى مع التوجهات العالمية لخفض الكربون، والاستفادة من إمكانات المنطقة العربية في الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، داعيًا إلى إنشاء منصات تمويل بالتعاون مع البنوك التنموية والصناديق السيادية لدعم التحول نحو الإنتاج المستدام.

وأكد ضرورة إيجاد مسارات عملية لتحويل الرؤية العربية 2045 إلى واقع ملموس، مشيرًا إلى أن مصر تستعد لإطلاق برنامج إصلاح اقتصادي وطني يبدأ مع نهاية برنامجها الحالي مع صندوق النقد الدولي، بما يضمن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وشاملة ترتكز على الإنتاج، والتكامل الإقليمي، والاستثمار في المستقبل الأخضر.

search