الجمعة، 24 أكتوبر 2025

02:11 ص

لم يعد سرًا.. فاستقيموا!

مصر لم تعد دولة أسرار، فالناس يعلمون أدقها وأخطرها، وكذلك أكثرها سطحية وتفاهة ويتداولونه في جلساتهم اليومية!

ولم يعد سرًا على سبيل المثال، آلية اختيار المرشحين عن الأحزاب الكبرى في الانتخابات، وبالطبع لا يخفى على أحد ما يُثار حول تسعيرة كرسي البرلمان، وأولويات الاختيار وأسبابه، خاصة في ظل حالة الاستقالات الحزبية لقيادات رفضوا الاستمرار في تلك الكيانات بسبب ما اعتبروه ممارسات فردية وانحرافًا عن المبادئ، وتغليب المصالح والمال السياسي!

هذا تحوُّل غريب، وتسطيح للدولة العميقة، فالناس ليسوا على دراية بالممارسات فقط، لكنهم يعرفون المسؤولين عنها بالأسماء، وهذا أمر خطير لأنه أقرب إلى المجاهرة بالمعصية!

أنا لا أدعو بالتأكيد إلى إخفاء الممارسات الخاطئة والانحرافات التي شوهت الحياة السياسية، لكني في حيرة بالغة من أمر القائمين عليها، هل وصلت بهم الدرجة إلى عدم المبالاة بفضح ما يفترض أن يكون سرًا، أم أنهم يتعمدون ذلك لتحويل الباطل إلى واقع يفترض أن يتعايش الناس معه؟!

مصر وطن عظيم وغالٍ على قلوبنا، ونحن من خلال هذه المنصة نحرص دائمًا على دعم ومساندة هذا الوطن وقيادته بكل جوارحنا وإمكاناتنا، ولا نملك حاليًا سوى تقديم النصح. 

الانتخابات لا يمكن أن تستمر في صورتها الحالية، ولا يمكن أن تأتي بخير، إذ تهمش القطاع العريض من الشعب، وتجعل المجلس حكرًا على أصحاب المال والنفوذ وهم لا يمثلون الأغلبية ولا حتى الأقلية في بلادنا، لذا لا يجد الناس من يعبّر عنهم، وهذا أمر خطير.

بالله عليكم انتبهوا لذلك، فمن الممكن أن تهمّش تيارًا معارضًا أو تعزله، لكن من المستحيل أن تهمش شعبًا بأكمله مهما طال الأمر!

بالله عليكم، انصتوا لمَنْ ليس له مصلحة في هذا أو ذاك، ويمكنكم بكل بساطة تخصيص دقائق من أوقاتكم الثمينة لقراءة تعليقات المشاهدين أو القراء على ما يُنشر أو يُبث بشأن العملية الانتخابية.

ولا أدعوكم لقراءة أو مشاهدة ذلك على المنصات المعارضة أو التي لديها خصومة معكم، بل تابعوها على البرامج الأكثر موالاة، وسوف تدركون إلى أي مرحلة من الغضب وصل الناس!

لقد شاهدنا عينة من النواب المختارين أثناء حلف اليمين في مجلس الشيوخ الجديد، وكانوا مادة للتندر والسخرية من الشعب المصري، خصوصًا أنه يُفترض بهم تمثيل المصريين في مجلس النخبة "الشيوخ" لكن عجزوا حتى عن حلف اليمين بصورة صحيحة!

لقد تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي مرارًا عن الفاتورة الباهظة لثورة يناير 2011، وهذا كفيل بأن يجعل المسؤولين عن إدارة الحياة السياسية في مصر يراجعون أنفسهم، ويعيدون دراسة الأسباب التي قادت إلى تلك الثورة، وأذكركم بأن جانبًا منها تعلّق باحتكار الحزب الوطني لغالبية مقاعد البرلمان في انتخابات 2010!

بالله عليكم، لا يمكن أن يرتكب الإنسان الخطأ ذاته، ويتوقع نتيجة مختلفة، ونحن في أمس الحاجة للحفاظ على الاستقرار والأمن النفسي والاجتماعي لهذا الشعب الذي صبر كثيرًا على حد تأكيدات الرئيس نفسه!

مصر كلها تعرف أن البرلمان كان مجرد صدى صوت للسلطة خلال الدورتين الأخيرتين، وربما كانت هناك حاجة لذلك في ظل أوضاع لم تكن مستقرة أو مطمئنة، وتهديدات هنا، ومخاطر هناك، لكن لا مبرر على الإطلاق لاستمرار هذه الحالة، فهذه الغرفة البرلمانية تسمى بـ"مجلس الشعب"، لذا يفترض أن يتواجد بها ممثلون حقيقيون للشعب، حتى يشعر الناس بأن صوتهم مسموع!

مجلس النواب، لا يفترض أن يكون تجمعًا ديكوريًا لأصحاب ياقات بيضاء لم يعانوا من قبل، أو ينتموا إلى هذا الشعب من قريب أو بعيد، كما أنه ليس نوعًا من الرفاهية السياسية التي تزين واجهة الدولة، وتضمها “شكلًا" إلى لوحة شرف البلدان الديمقراطية، لكنه كيان بالغ الأهمية يحتاجه المصريون بشدة، خصوصًا في وقت يشعر كثيرون أن الشرايين مسدودة!

نريد نوابًا عن الشعب لديهم رؤية وبصيرة وقدرة على مقارعة الحكومة، ومحاسبتها، وإخضاعها لإرادة الناس، نريد نوابًا قادرين على سؤال رئيس الوزراء عن سبب ارتفاع أسعار المحروقات رغم تأكيداته السابقة بأنها لن ترتفع طالما لم يتجاوز سعر الخام العالمي 73 دولارًا، ولماذا يتحدث بما لا يدرك دقته، أو يتعهد بما لا يستطيع الوفاء به!

بالله عليكم، ما هو المتوقع من نائب اشترى مقعده في مجلس النواب بأمواله، وليس بمحبة الناس وخدمتهم، ألا يستحق المصريون أن يمثلهم من ينتمي إليهم؟!

أنا ناصح أولًا وأخيرًا، ولست من الطامعين في منصب أو كرسي، وجل ما في الأمر أنني أؤمن بأن بلادنا تستحق ما هو أفضل من ذلك.

ويمكنكم أيها السادة المحترمين القائمين على الحياة السياسية في مصر الموازنة ولو قليلًا، فاحتفظوا بالأغلبية، وخصصوا حصة صغيرة للشعب، من نواب حقيقيين يمثلونه، ويتحدثون بلسانه، ويناقشون احتياجاته ومطالبه، ويعبّرون عن همومه.. الكثيرة!

search