الإثنين، 27 أكتوبر 2025

06:34 م

أمير الموهوبين وليد صلاح الدين، من “هزار الاختبارات" في الأهلي لقميص الأسطورة

وليد صلاح الدين

وليد صلاح الدين

من فتى صغير ذهب إلى اختبارات الأهلي بدافع الفضول والهزار، إلى ارتداء قميص الأسطورة محمود الخطيب في مباراة اعتزاله حتى تألقه مع المارد الأحمر خلال التسعينات ومطلع الألفية الجديدة.

بدأ رحلته مع الأهلي كفتى صغير يحلم ويتمرن مع أصدقائه، قبل أن يتحول إلى “أمير الموهوبين” ورمز من رموز القلعة الحمراء، تاركًا بصمته في البطولات المحلية والقارية والعربية.

وفي مثل هذا اليوم من عام 1971، وُلد وليد صلاح الدين، نجم الكرة المصرية، الذي يحتفل اليوم ببلوغ عامه الـ54.

“رايحين نهزر"

في نهاية الثمانينيات، لم يكن وليد صلاح الدين سوى فتى صغير ذهب مع 13 من أصدقائه إلى اختبارات النادي الأهلي، في رحلة كان الهدف منها “الفرجة والهزار” لكن بعد خمس دقائق فقط من بدء الاختبارات، اختاره المفتي إبراهيم على الفور من بين كل اللاعبين.

وحين ذهب للنادي لتوقيع العقود، فوجئ بسفر المفتي إبراهيم إلى فرنسا، ليخضع لاختبار جديد تحت إشراف الكابتن محمود السايس، الذي أدرك سريعًا أنه أمام موهبة استثنائية.

انضم وليد صلاح الدين إلى قطاع الناشئين، ليكون أحد أبرز اللاعبين في النادي بأكمله، ففي أحد تدريبات الناشئين التي كانت تسبق تدريب الفريق الأول، لاحظه محمود الخطيب بنفسه، فتحدث إليه قائلًا: “أنا عايز أقدّمك في مباراة اعتزالي كخليفتي في الأهلي”. 

ومع ذلك، عبّر الخطيب عن قلقه من أن يلعب فتى في الخامسة عشرة ونصف أمام 100 ألف متفرج في استاد القاهرة، لكنّ الولد الصغير لم يخيب الظن.

وفي ديسمبر 1988، ارتدى وليد صلاح الدين القميص رقم 10 في مباراة اعتزال الخطيب، ومنذ تلك اللحظة بدأ مشواره الحقيقي مع الأهلي.

وظل محمود السايس أحد أهم الداعمين لمسيرة وليد، إذ منحه شارة القيادة في فريق الناشئين وصعده للفريق الأول، وهناك بدأ في كتابة فصل جديد من موهبة حقيقية.

“بحلم بالأهداف”

مع مرور السنوات، أصبح وليد صلاح الدين أحد أبرز نجوم الأهلي في التسعينيات، إلى جانب صديقه المقرب هادي خشبة، حيث كوّنا معًا ثنائيًا قياديًا داخل الفريق، يجمع بين المهارة والالتزام، وكان وليد تحديدًا يُلقب بـ“أمير الموهوبين”.

اشتهر بلمساته الساحرة، ومهارته في المراوغة، وقدرته على اللعب بكلتا القدمين، فلا يمكن لجماهير الأهلي أن تنسى هدفه الشهير في مرمى الرجاء المغربي، حين راوغ المدافعين وحارس المرمى بطريقة استعراضية، ليعلق الراحل محمود بكر “عاوز يجيب هدف تاريخي هاهاهاهاها وجاب هدف تاريخي”.

وقال وليد صلاح الدين إنه كان دائم الحلم بتسجيل هدف تاريخي يبقى في الذاكرة، مشيرًا إلى أن كل لاعب موهوب أو “حريف” يحلم بهدف معين، وليس أي هدف.

وأوضح أنه حلم بعدة أهداف، تحقق اثنان منها وبقي واحد لم يتحقق بعد، واستعاد تفاصيل الهدف الأول الذي سجله مع منتخب مصر للشباب تحت قيادة الراحل طه بصري.

وأضاف: “كنا نلعب أمام فريق أكبر منا بعامين، هم في العشرين ونحن في الثامنة عشرة. تلقينا هدفًا في الدقيقة الأخيرة تقريبًا، وكانت السنترة بعده مباشرة، جمال مساعد مرر لي الكرة من منتصف الملعب، فموهت أنني سألعبها عرضية، لكني انطلقت بها إلى الأمام".

وتابع: "توغلت وراوغت أكثر من لاعب حتى وصلت إلى منطقة الجزاء، ثم أكملت المراوغة ودخلت بالكرة داخل المرمى، كانت مراوغة من منتصف الملعب تقريبًا، هدف رائع جدًا”.

وواصل: “هذا الهدف ترك صدى واسعًا في ألمانيا، إذ كان بعض المنظمين الألمان يتابعون اللقاء، وسألوا بعد المباراة عن صاحب القميص رقم 10، وأرسلوا لي لاحقًا هدايا تذكارية من بينها قميص موقع من نجم التنس العالمي بوريس بيكر”.

وأردف: “الهدف كان بالنسبة لي الحلم الأول الذي تمنيته طويلًا، هدف أراوغ فيه الجميع من منتصف الملعب حتى الشباك، أما الحلم الثاني فكان هدفي الشهير في مرمى الرجاء المغربي، أحد أجمل أهدافه في مسيرته”.

واسترسل: “أما الهدف الثالث الذي ظل حلمًا لم يتحقق، فكان مشهدًا تخيلته كثيرًا، هدف على طريقة محمد أبو تريكة في الزمالك، حين راوغ الحارس ووضع الكرة بهدوء”.

أبو تريكة وعبد المنصف

وتابع: “كنت أتخيل أن تكون كرة انفراد، أراوغ بها الحارس بطريقة معينة، أن أقفز والكرة خارجة عني، فينزلق الحارس، ثم ألمّها وأضعها، مشهد رسمته في دماغي كتجسيد لهدف مثالي، لكن لم تتح لي الفرصة لتنفيذه".

وأكمل: “اللاعب الموهوب عادة ما يرسم الهدف في خياله قبل أن يحققه، كما فعل حازم إمام في أحد أهدافه الشهيرة حين توقف بالكرة أمام المرمى الخالي ووضعها بطريقة استعراضية”.

وأتم: “(اللعيبة الحريفة) لا تحب تسجيل الأهداف العادية، دائمًا يسعون إلى هدف له شكل، له فكرة وبصمة خاصة".

ورقة جوزيه الرابحة

اعتبر وليد صلاح الدين أن مباراة ريال مدريد كانت تاريخية بكل المقاييس، وكان يتمنى المشاركة فيها، إلا أن مانويل جوزيه لم يرَ الأمر من الزاوية نفسها، فشعر حينها بحزن شديد، قبل أن يتدخل هادي خشبة لتهدئته، مؤكدًا له أن الفرصة ستتعوض لاحقًا.

الأهلي وريال مدريد 1-0

في أواخر مسيرته مع الأهلي، كان مانويل جوزيه يعتمد عليه كورقة رابحة في آخر الدقائق، ليقلب موازين أي مباراة بلمسة أو تمريرة ساحرة.

وفاز الأهلي في ذلك الموسم مع المدرب البرتغالي، ببطولة دوري أبطال إفريقيا وكأس السوبر الإفريقي.

وبعد مشوار طويل داخل القلعة الحمراء، رحل وليد صلاح الدين قبل انطلاق موسم 2003، لينتقل إلى الاتحاد السكندري، وهناك كتب سطرًا جديدًا في تاريخه حين صنع هدفًا خرافيًا بالكعب لحسن مصطفى في مباراة انتهت بفوز الاتحاد على الأهلي 3-2، في واحدة من أكثر المباريات إثارة في ذلك الموسم.

"أمير الموهوبين"

على الصعيد الدولي، لم يكن الحظ إلى جانب وليد صلاح الدين لتحقيق أي لقب مع المنتخب الوطني رغم مشواره المميز، إذ شارك في عدة بطولات دولية أبرزها كأس القارات بالمكسيك عام 1996، إذ كان أحد عناصر المنتخب التي قدمت أداءً جيدًا.

ترك "أمير الموهوبين" بصمته داخل جدران القلعة الحمراء، محققًا ما يقارب 20 بطولة محلية وقارية وعربية، من بينها 7 ألقاب للدوري المصري و6 لكأس مصر، إلى جانب تتويجه بدوري أبطال إفريقيا وكأس الكؤوس الإفريقية وكأس السوبر الإفريقي، إضافة إلى 4 بطولات عربية متنوّعة.

وليد صلاح الدين

وبعد مسيرة طويلة مع الأهلي، اتخذ وليد صلاح الدين خطوة جديدة عام 2003 بالانتقال إلى الاتحاد السكندري، إذ خاض معه موسمين ناجحين قبل أن يعلن اعتزاله كرة القدم عام 2005، ليختتم رحلته الرياضية بعد مشوار حافل بالعطاء والمهارة.

وفي عام 2007، أقام وليد مباراة اعتزال استثنائية تحولت إلى احتفالية كروية كبيرة، شارك فيها عدد من أبرز نجوم الوطن العربي والعالم، من بينهم الفرنسي تييري هنري والسعوديون سامي الجابر وحسين عبد الغني وسعيد العويران وخالد قهوجي، في ليلة وداع تليق بمسيرة أحد أكثر لاعبي جيله موهبة وتأثيرًا.

اقرأ أيضا:

الفراعنة الأوائل، كيف أصبحت مصر أول بطل في تاريخ أمم أفريقيا؟

صلاح يقترب من إنجاز تاريخي مع ليفربول بعد هز شباك برينتفورد

search