الأربعاء، 05 نوفمبر 2025

02:27 م

ظاهرة اللحية تغزو أمريكا، هل تحمل دلالات عميقة؟

زهران ممداني

زهران ممداني

أصبحت اللحية، التي كانت محل جدل وأحكام وتهم في المنطقة العربية في عهد قريب، ورقة سياسية في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ انتقل السجال الفقهي والحركي والفكري بخلفيات مشابهة ومتضادة إلى الغرب.

وعلى الرغم من أن نمو شعر الوجه الحديث يُعد رمزًا للهوية الفردية والرجولة، ويعكس تحولات ثقافية واجتماعية وسياسية، إلا أن الانتشار الواسع قد يقلل من تفرد هذه الظاهرة وتميزها الذكوري.

ظاهرة انتشار اللحية في أمريكا

كانت النظرات البغيضة تحاصر العرب والمسلمين فقط بعد 11 سبتمبر 2001، ولكن الآن أصبح آخرون محل جدل وغمز وأحكام مسبقة في أمريكا، من بينهم نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، ونجم زهران ممداني في نيويورك، الذي نافسه على ذلك البريق اليساري النقيض.

حضور اللحى في البيت الأبيض

ما الدلالات التي تحملها اللحية؟

هذه اللحية لم تكن لها علاقة بأسلوب شخصي أو موضة عابرة، بل تحمل داخلها دلالات ثقافية وفلسفية واجتماعية عميقة، إذ ارتبطت منذ العصور القديمة بصفات عدة تتمثل في: "الرجولة، القوة، الاستقلالية، الحمق، والسذاجة"، وفي كثير من الأحيان، بالموقف الفكري والسياسي للفرد.

عصر اللحى وزهران ممداني

اهتمت صحيفة "نيويورك تايمز" بالتحول الجديد في ثقافة اللحى، وذكرت في تقريرها عن المرشح الأبرز لعمدة نيويورك، زهران ممداني، قائلة إنهم على علم بوجودهم في "عصر اللحى" عند رؤية ممداني وهو يمتلك لحية وشاربًا.

وضعت الصحيفة ذلك في سياق تاريخي متسق بالنسبة إلى المجتمع الأمريكي والغربي، إذ شهد التاريخ أربع حركات رئيسية في مجال اللحى: القرن الثاني، العصور الوسطى، عصر النهضة، وأواخر القرن الـ 19 (لحية جيفارا)، أما الآن فهم يشهدون الحركة الخامسة.

اللحى وتغير ميزان القوى الثقافية

ووفقًا للصحيفة، تعكس اللحى اليوم تغير ميزان القوى الثقافي والاجتماعي، وليس مجرد صيحة تجميلية. ففي الستينيات والسبعينيات كانت رمزًا للتمرد، ولكن لاحقًا ارتبطت في بيئات العمل بالريبة. ثم ظهرت مجددًا كأداة للتعبير عن الهوية والقوة، سواء سياسيًا أو مهنيًا.

ويظهر ذلك في حركات الشركات مثل "ديزني" و**"نيويورك يانكيز"**، التي عدلت سياساتها لتسمح بشعر الوجه المهندم، مؤكدة العلاقة بين المظهر والمكانة الاجتماعية.

اللحى من المعنى الفلسفي

أشارت مجلة "فيلسوفي ناو" في مقالتها إلى اهتمام الفلاسفة القدماء مثل سقراط، أفلاطون، وأرسطو بقصات شعرهم ولحاهم، بما يعكس فلسفتهم وأفكارهم. لافتة إلى أن بعض المصادر ذكرت عدم نمو شعر الوجه لسقراط، فيما رأى أفلاطون أن الشعر القصير واللحية هما انعكاس لصورة الملوك الفلاسفة والجمال المثالي المجرد.

من جانبه، ربط أرسطو بين الشعر والواقع العملي، بينما عبر القديس أوغسطينوس عن تحوله الديني من خلال قص شعره طبقًا لتعاليم الكنيسة، معتبرًا أن هذا الأسلوب أنقى وأكثر تدينًا.

الفيلسوف سقراط

اللحية في العصر الحديث

ووفقًا للمجلة، أصبح الشعر واللحية في العصر الحديث المبكر وسيلة للتعبير عن توجهات الفلاسفة الفكرية، فقد اعتنى ديكارت وسبينوزا ولايبنيز بتصفيف لحاهم بطريقة هندسية تعكس العقلانية واليقين، فيما اختار التجريبيون مثل جون لوك أسلوبًا طبيعيًا متجذرًا في الواقع، تعبيرًا عن مبدأ "تابولا راسا" أو اللوحة البيضاء للعقل البشري.

كما أكد هيوم ونيتشه مواقفهم الفلسفية أو الجمالية من خلال شعر الوجه، في حين احتفظ ماركس بلحيته الطويلة تضامنًا مع البروليتاريا، لتصبح لاحقًا رمزًا ماديًا للهوية الطبقية والثورية.

اللحى في المجتمعات الإسلامية

في المجتمعات الإسلامية التقليدية، يُنظر إلى اللحى على أنها رمز للوقار والالتزام الديني والاجتماعي، ولكن ظاهرة الإرهاب في العقود الأربعة الماضية غيرت تلك النظرة أحيانًا إلى النقيض.

اللحى إحدى علامات الحمق

اعتُبرت اللحية علامة من علامات الحمق عند بعض الحكماء وأصحاب الفراسة، كما وصف ابن الجوزي في كتابه الشهير "أخبار الحمقى والمغفلين"، حيث رُوي أنه مكتوب في التوراة: "إن اللحية مخرجها من الدماغ، فمن أفرط عليه طولها قل دماغه، ومن قل دماغه قل عقله، ومن قل عقله كان أحمق".

أما أصحاب الفراسة فكانوا يحكمون بالحمق على من جمع بين طول القامة واللحية خصوصًا إذا صغرت هامته، حسبما نقل ابن الجوزي، فعن ابن سيرين أنه قال: "إذا رأيت الرجل طويل اللحية فاعلم ذلك في عقله"، فيما روي عن ابن إدريس عندما سأله سعد بن منصور عن سلام بن أبي حفصة، فقال: "رأيته طويل اللحية وكان أحمق".

اقرأ أيضًا:

"لحية وشعر منكوش".. 6 مشاهد مؤثرة بمحاكمة أحمد فتوح (فيديو وصور)

بصق على لحيته.. استقالة مدرب تثير غضبًا عارمًا بالجزائر “ما التفاصيل؟”

search