قمة المناخ COP30 في البرازيل، مصر تشارك بوفد رفيع المستوى

مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ COP30

رسالة البرازيل : أحمد السنوسي

A . .A

تستعد مدينة بيليم الواقعة بولاية بارا شمال البرازيل، لاحتضان الحدث البيئي الأهم عالميًا، وهو مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ (COP30)، المقرر انعقاده خلال الفترة من 10 إلى 21 نوفمبر 2025، بمشاركة عدد كبير من رؤساء دول وحكومات ووزراء من أكثر من 150 دولة، إضافة إلى آلاف الخبراء والمنظمات الدولية المعنية بالعمل المناخي.

البرازيل تستعد لاستضافة “قمة الأمازون”

تسابق الحكومة البرازيلية الزمن للانتهاء من التحضيرات النهائية لاستضافة الحدث العالمي الذي يُطلق عليه إعلاميًا “قمة الأمازون”، نظرًا لانعقاده للمرة الأولى في قلب منطقة الأمازون التي تُعد من أكثر المناطق حساسية في العالم بيئيًا، وتشكل رئة الكوكب بما تحتويه من تنوع بيولوجي فريد ومساحات شاسعة من الغابات.

وأعلنت السلطات البرازيلية، أن الاستعدادات اللوجستية تسير على أعلى مستوى، حيث تم تحديث مطار بيليم الدولي وتوسيع مرافقه لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الوفود، إلى جانب تطوير شبكة الطرق ووسائل النقل العام، وتجهيز مراكز المؤتمرات والفنادق لاستقبال الضيوف.

كما خصصت الحكومة البرازيلية، استثمارات ضخمة قُدرت بأكثر من 4.5 مليار ريال برازيلي لتأهيل المدينة وجعلها مركزًا عالميًا للحدث.

وأكدت وزارة البيئة البرازيلية، أن القمة ستكون “منعطفًا مهمًا في تاريخ مؤتمرات المناخ”، نظرًا لموقعها في منطقة الأمازون التي تمثل رمزًا عالميًا للحفاظ على البيئة ومكافحة إزالة الغابات، مشيرة إلى أن انعقاد المؤتمر في هذه المنطقة يحمل رسالة قوية للعالم بضرورة حماية الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي.

مصر تواصل حضورها الفاعل في العمل المناخي الدولي

من جانبها، تستعد جمهورية مصر العربية للمشاركة في القمة بوفد رفيع المستوى برئاسة الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة والوفد المصاحب لها، التي من المقرر أن تمثل مصر في الجلسات الرسمية واللقاءات الوزارية على هامش المؤتمر، إلى جانب عرض تجربة مصر الرائدة في استضافة قمة المناخ COP27 بشرم الشيخ عام 2022، والتي كانت محطة بارزة في مسار العمل المناخي الدولي.

وتؤكد مصر من خلال مشاركتها في قمة البرازيل على التزامها بدعم الجهود الدولية للتصدي لتداعيات التغيرات المناخية، وتقديم نموذج تنموي متوازن يجمع بين حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، كما ستركز وزيرة البيئة في كلمتها خلال الجلسة الوزارية العامة على قضايا التمويل المناخي ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات في الدول النامية، إلى جانب التأكيد على ضرورة تنفيذ التعهدات التي أطلقتها الدول الكبرى في قمم المناخ السابقة.

وأشارت الوزيرة، في تصريحات سابقة، إلى أن مصر تسعى من خلال مشاركتها إلى تعزيز التعاون بين دول الجنوب، وإبراز الدور المصري في قيادة الجهود الإفريقية لحماية البيئة، مؤكدة أن مصر تمثل صوت القارة الإفريقية في المفاوضات المناخية، وتدافع عن حق شعوبها في الحصول على تمويل عادل ومنصف لتنفيذ برامج التكيف والتخفيف من آثار التغير المناخي.

ستشارك الوزيرة في عدد من الجلسات المتخصصة حول الطاقة المتجددة، وإدارة المياه، والتحول الأخضر، وستعرض النجاحات التي حققتها مصر في تنفيذ مشروعات الطاقة الشمسية والرياح، وتدوير المخلفات، ومبادرات “اتحضر للأخضر” و”الهواء النظيف” التي أطلقتها وزارة البيئة في السنوات الأخيرة.

دور السفارة المصرية في البرازيل

أكدت سفيرة مصر لدى البرازيل السفيرة مي طه خليل، أن السفارة تعمل بالتنسيق الكامل مع وفد مصر الرسمي لضمان تمثيل قوي يليق بمكانة مصر الإقليمية والدولية، مشيرة إلى أن المشاركة المصرية في القمة “تُعد امتدادًا طبيعيًا لدور مصر القيادي في ملف المناخ منذ استضافة مؤتمر شرم الشيخ”.

وأضافت السفيرة أن السفارة المصرية تنسق مع السلطات البرازيلية لاستقبال الوفد المصري وتوفير الترتيبات اللوجستية والإعلامية، مؤكدة أن مصر ستكون حاضرة بقوة من خلال جناح مخصص لعرض قصص النجاح المصرية في التحول الأخضر ومشروعات التنمية المستدامة.

قمة بأجندة ثقيلة وتحديات عالمية

وتحمل قمة المناخ في البرازيل أجندة مزدحمة بالملفات المعقدة، أهمها:

تمويل التكيف المناخي للدول النامية.

مراجعة تعهدات الدول الكبرى بخفض الانبعاثات الكربونية.

تعزيز مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في جهود المناخ.

وضع آليات تنفيذ اتفاق باريس للمناخ على أرض الواقع.

كما يُتوقع أن تشهد القمة نقاشات مكثفة حول حماية غابات الأمازون من التدهور البيئي، ومبادرات إعادة التشجير والحد من إزالة الغابات، وهي القضايا التي تكتسب رمزية خاصة مع انعقاد المؤتمر في هذه المنطقة الحساسة بيئيًا.

رسالة مصر للعالم

وتركز مصر خلال مشاركتها على العدالة المناخية وضرورة دعم الدول الإفريقية والعربية في مواجهة التغيرات المناخية المتزايدة، إضافة إلى الدعوة لتكثيف التمويل الأخضر ونقل التكنولوجيا، بما يساعد الدول النامية على تنفيذ مشروعاتها المناخية دون الإضرار بمعدلات التنمية الاقتصادية.

أكدت وزيرة البيئة أن مصر “لن تتحدث فقط باسمها، بل باسم القارة الإفريقية بأكملها”، في إطار دورها الرائد داخل مجموعة الدول الإفريقية للمناخ (AMCEN)، مضيفة أن المشاركة المصرية في COP30 “تستهدف البناء على ما تحقق في قمتي شرم الشيخ ودبي، والمضي نحو تنفيذ التعهدات الدولية بدل الاكتفاء بالوعود”.

وبينما تستعد البرازيل لاستقبال وفود العالم في أجواء استوائية فريدة من نوعها، تواصل مصر تعزيز حضورها الدولي كصوتٍ قوي للعالم النامي في مواجهة التحديات المناخية، مؤكدة أن العمل المناخي لم يعد خيارًا، بل ضرورة لحماية مستقبل البشرية.