الأحد، 21 ديسمبر 2025

02:53 م

طالبة فنون جميلة تحكي رحلتها مع "التيبس الفقاري" وتحويله إلى لوحة فنية

اللوحة الفنية لضحى

اللوحة الفنية لضحى

استطاعت طالبة بكلية الفنون الجميلة تحويل معاناتها مع مرض “التيبس الفقاري المزمن” إلى لوحة فنية، جسدت من خلالها علاقتها الوجودية بالفن الذي تتعامل معه على أنه أداة لفهم الذات والعالم وليس منتجا بصريا فقط.

طالبة تحول معاناتها مع التيبس الفقاري إلى لوحة

فكرت ضحى محمد، صاحبة الـ 21 عاما التي تهتم بالفن المعاصر والتجريب، في تحويل معاناتها مع مرض التيبس الفقاري المزمن (Ankylosing Spondylitis)، الذي تم تشخيصها به منذ أربع سنوات، إلى لوحة فنية بتكليف جامعي، حيث شعرت بأنها أمام متنفس لما عانته سنين طوال.

والتيس الفقاري هو مرض مناعي روماتيزمي يؤثر على العمود الفقري والمفاصل، ويصاحبه ألم مزمن وتيبّس قد يتطور إلى التحام الفقرات. 

رحلة العلاج أعادت تشكيل علاقتي بجسدي

وحكت ضحى أن رحلة التشخيص والعلاج، بما تحمله من انتظار وتحاليل وحقن بيولوجية، أعادت تشكيل علاقتها بجسدها وبالزمن وبالقدرة على الاحتمال، مشيرة إلى أن في هذا العمل، لا تتعامل مع الجسد كصورة مستقلة، بل ككيان محاصر داخل منظومة طبية، وفقًا لتصريحاتها لـ “تليجراف مصر”.

اللوحة الفنية لضحى

لوحة نسجت من تقارير وروشتات

وأضافت ضحى أن الأوراق المستخدمة في اللوحة الفنية عبارة عن: “تقارير، روشتات، أسعار علاج، وأسماء أدوية”، واصفاها إياها أنها ليست عناصر رمزية، بل مواد حقيقية مأخوذة من واقع يومي ضاغط.

ولفتت إلى أن وجود تلك الأوراق في العمل يعبّر عن تحوّل الجسد إلى ملف، وعن شعور دائم بأن الهوية تُختزل في تشخيص، قائلة: “الطبقات، الشفافية، والتشويه اللوني ليست حلولًا تشكيلية بقدر ما هي امتداد لحالة نفسية وجسدية غير مستقرة”.

لماذا استخدمت خامة “mixed media؟”

استخدمت ضحى خامة اللوحة “Mixed Media”، كونه نابع من رفض الإحساس الواحد أو التعبير المغلق، حيث إن المرض من وجهة نظرها ليس تجربة خطية، بل حالة متغيرة تجمع بين الخوف، والإنهاك، والمقاومة، والتكيّف، حسبما أفادت في تصريحاتها. 

وأشارت إلى أن تعدد الخامات سمح بترك آثار ملموسة من تمزيق، وخدش، وتراكُم، كأن العمل يحتفظ بذاكرة التجربة نفسها، لا بصورة عنها، ولأن المرض غير مرئي، يصبح شرحه بالكلمات محدودًا.

كيف أثرت اللوحة على شعورها بالألم؟

مع أول لمسة فرشاة، يتراجع إحساس ضحى بالمرض، ويتقدم الإحساس بالقدرة والوجود، ورغم أن الفن لا يلغي الألم، إلا أنه يمنحها مساحة تكون فيها أكثر من تشخيص، وفقًا لوصفها.

مشروع توعوي

ويعتبر مشروعها الفني مرتبط أيضًا بفكرة التوعية، حيث قالت: “التيبّس الفقاري غالبًا يبدأ بآلام أسفل الظهر وتيبّس صباحي، وقد لا يُلاحظ أو يُؤخذ بجدية في مراحله الأولى”، مضيفة: “رغم ما قد يسببه من مضاعفات جسدية ونفسية خطيرة إذا تأخر تشخيصه ويؤدي إلى عدم الحركه إلا أنني أؤمن أن المرض ليس نهاية المسار، بل جزء من تجربة إنسانية أوسع”.

وتابعت: “طالما أمتلك القدرة على الإنتاج، سأستمر في العمل، والتجريب، واستخدام الفن كأثر حي ورسالة مفتوحة”.

ما الذي تريد ضحى إيصاله؟

تطرقت ضحى إلى رغبتها في أن يشعر الفرد عند رؤيته اللوحة الفنية بأن الجسد ليس مجرد شكل، لكنه أرشيف وجع وذاكرة، وأن يشعر بالتوتر، فالمرض هنا ليس لحظة ضعف، ولا يتطلب شفقة، لكنه يتطلب اعترافا بأن هناك آلاما غير مرئية، لكنها حقيقية، ومكلفة، ومرافقة للحياة.

ماذا تفعل ضحى وقت آلمها؟

فيما يخص آلالم ضحى قالت: “هناك أيام يغلبني الألم فيها بالفعل، حتى أنه في أحيانًا كثيرة لا أستطع الوقوف أمام اللوحة والعمل كما تعودت، حيث أشعر أن جسدي يشدني للوراء، حتى أنني أدخل في حالة انهيار من الوجع، مما أضطر إلى اللوجوء للمسكنات”.

وتابعت: “لكني أحب أن أصل إلى آخر الشيء، حتى أنني من الممكن أن أعمل جزء صغير، أو حتى الجلوس أمام العمل دون لمسه، فالفن بالنسبة لي ليس هروب من الألم فقط بل هو مساحة أتنفّس فيها، وأوقات كثير يظهر من الوجع نفسه”.

تأثير المرض على علاقاتها

أما بالنسبة إلى تأثير المرض على علاقتها، فليس بسبب تقصير من حولها، ولكن الألم المزمن غير طريقة وجودها مع الدائرة المحيطة، ففي أحيان كانت تشعر أنها بحاجة إلى اعتذار أو اختفاء لفترة ما، وهذا لم يتم تفهمه بسهولة، وفقًا لتعبيرها.

وأضافت أنه مع مرور الوقت، لم يبقَ معها سوى من رأى الإنسان داخلها وليس الحالة المرضية، إذ قربها المرض من البعض، كما أبعدها عن البعض الآخر، حتى أنه علمها: “إن العلاقات الحقيقية هي التي تستوعب الغياب والتعب دون لوم”.

والدي ووالدتي وزوجي كانوا طوق نجاة

وتحدثت عن دور والدها ووالدتها اللذين تابعا معها منذ بداية رحلتها، إذ ذهبا معها لـ 10 أطباء عظام ومخ وأعصاب، ورغم أن التشخيصات كانت مختلفة والأدوية كذلك، ولم تشعر بأي تحسن، إلا أنهما لم يملا حتى معرفة السبب الحقيقي.

كما ذكرت مساعدة زوجها الكبيرة بين ملازمته لها عند الأطباء والتحاليل وكذلك طرق توفير العلاج البيولوجي، فضلًا عن تحمل فترات تعبها.

كنت أحتاج دعمًا غير تقليدي

واختتمت: “هناك ناس كثيرة كان دعمهم غير تقليدي، فلم يعطوا نصائح ولا حلول، لكن وجودهم كان حقيقيًا مثل: ”السماع دون تعليق، الجلوس جانبي بصمت، التعامل مع التعب كجزء طبيعي مني وليس مشكلة لازم لها حل"، مضيفة: “ذلك الدعم جعلني أشعر أنني لست مطالبة بشرح نفسي طوال الوقت، وهو ما كان مريحًا ومُرمّمًا نفسيًا لي”.

اقرأ أيضًا:

الصورة اللي ورا السقا، أول تعليق من صاحب لوحة "أبو سويلم بالكمامة"؟

مقابل 3.9 مليون دولار، بيع اللوحة الأولى لـ"حرب النجوم" في مزاد

search