الإثنين، 22 ديسمبر 2025

03:57 م

في يوم ميلاد محمود المليجي، كيف شكلت الحارة المصرية شخصية "شرير الشاشة"؟

محمود المليجي

محمود المليجي

من قلب حي الدالي حسين بالمغربلين، قبل أكثر من قرن، وتحديدا في 22 ديسمبر من عام 1910، أبصر الرضيع محمود النور، ولم يكن أحد يعلم أنه سيصبح أهم أيقونات الفن العربي.

لم يعلم أبواه حينها أن صرخته الأولى ستشكل فيما بعد وجها مألوفا للشر على شاشات السينما، وماركة مسجلة اسمها محمود المليجي.

محمود المليجي

كيف نشأ محمود المليجي في قلب الحارة المصرية؟

في أحضان الحارة المصرية الأصيلة، وتحديدا في حي الدالي حسين ترعرع محمود المليجي، حيث تشكل وجدانه بصفات أهلها الطيبة و"جدعنتهم" التي رسخت فيه قيم التواضع والتقدير.

ولطالما تحدث الفنان الراحل بامتنان عن هذه الفترة، مؤكدا أن تأثير الحي البلدي وأخلاقه الرفيعة لازمه طوال حياته الفنية والإنسانية.

ما سر "عزيزة الفحلة" سيدة المغربلين القوية؟

من بين الشخصيات التي تركت بصمة عميقة في طفولة محمود المليجي كانت "عزيزة الفحلة"، هذه المرأة التي عملت في العلافة واشتهرت بكونها "فتوة" المنطقة، لكنها لم تكن تستخدم قوتها إلا في الحق. 

وصفها الفنان بـ"روبن هود الغلابة"، التي كانت تنتصر للضعيف وتقدم العون للمحتاج، وكان المليجي يرافقها بحماس لمشاهدة معاركها، رغم ما كان يتبعه ذلك من عقاب أبيه، لكن شغفه بتلك الفتوة النبيلة ظل راسخا.
 

لماذا انتقل محمود المليجي إلى درب الجماميز؟

عند بلوغه الثانية عشرة، انتقل المليجي مع عائلته من المغربلين إلى حي الحلمية القديمة، لكنه لم يجد فيها ما يشبع روحه المتعطشة لأجواء الحارة، لذا سرعان ما اتجه إلى شارع درب الجماميز بمنطقة السيدة زينب، ليبدأ فصلا جديدا من حياته، ويواصل تعرفه على شخصيات شعبية فريدة.

من هم "الجدعان" في حياة المليجي بدرب الجماميز؟

في درب الجماميز، التقى شرير الشاشة بشخصيات لا تنسى جسدت أسمى معاني “الجدعنة”، كان منهم "عم عزو" الجزار، الذي لم يهتم بتحصيل الأموال من الزبائن بقدر اهتمامه بإطعامهم، و"فلفل" الفراش الشهم، الذي كان يخفض سعر الشادر في العزاء مراعاة لأهل الفقيد، على عكس أجره في الأفراح، مجاملة منه وتقديرا للظرف.

محمود المليجي في فيلم الأرض

ما قصة "عم علي عبده" وتضحيته من أجل المليجي؟

لم تكن "الجدعنة" مجرد حكايات يرويها الفنان، بل تجربة عاشها بنفسه، فعندما واجه محمود المليجي أزمة مالية أدت إلى حكم قضائي بالحجز على منقولات شقته لعدم دفع الإيجار، كان "عم علي عبده" صاحب محل الطعمية هو المنقذ.

فعندما جاء موعد بيع المنقولات في المزاد العلني، سمع الحاج علي عبده جرس المزاد وسأل: "في بيت مين؟"، وعندما اكتشف أنه في بيت المليجي، استشاط غضبا وقال: "جرس في بيت محمود المليجي وإحنا هنا؟! ده إحنا نبقى عيال صغيرين".

وعلى الفور، ذهب إلى منزله ليجلب كل ما يمتلكه من مال بالإضافة إلى ذهب زوجته لتسديد الدين المتعلق بالمليجي، وهذا ما فعله أيضا “عزو” الجزار وعدد كبير من أهل المنطقة.

كيف كانت نهاية "عم علي عبده" الأسطورية؟

"ما رضيش يموت إلا لما أروح له".. هكذا تحدث شرير الشاشة عن صداقته مع "عم علي عبده"، الذي روى كيف كان يملأ سلطانية الفول لطفل بقرش صاغ واحد فقط، ويزيده خبزا وطعمية وسجائر، ويعيد للطفل القرش ليشتري لنفسه حلوى، وعندما سأله المليجي عن سبب ما فعله أجابه بعفوية: "ده راجل غلبان عنده 6 عيال ولو هيفطروا بالميت هيبقى بعشرة ساغ، خليهم يفطروا الرزق كتير".

وعندما اشتد المرض على عم علي وهو في انتظار عودة الفنان من سفر خارج مصر، قال لمن حوله: "أنا مش هموت إلا لما يجي محمود".

وبعد عودة محمود المليجي وزيارته، قال له عم علي: "تعبتني وأنا عايز أمشي من مدة ومستنيك، إنت فين؟"، وعندما علم بسفره، رد بابتسامة: "الحمد لله إنك وصلت، سلاموا عليكم"، وكانت تلك آخر كلماته.

كيف اختتم المليجي حياته بلقطة سينمائية مؤثرة؟

توفي محمود المليجي في يوم 6 يونيو 1983، وكانت لحظة وفاته عندما كان يستعد لتصوير آخر لقطات دوره في الفيلم التليفزيوني “أيوب” في الاستوديو، لتمثيل مشهد الموت، جلس وتحدث مع الفنان عمر الشريف عن غرابة الحياة، ثم أمال رأسه كأنها في نوم عميق، فاعتقد الجميع أنه يؤدي مشهدا تمثيليا، ولم يدركوا أنها اللحظة الأخيرة في حياة شرير الشاشة المصرية.
 



اقرأ أيضا:
محمود المليجي.. 114 عاما على ميلاد "أنتوني كوين" الشرق
هاني لاشين يكشف اللحظات الأخيرة في حياة محمود المليجي
محمود المليجي.. الشرير المتواضع

search