الأحد، 28 ديسمبر 2025

05:12 م

الأطفال وصناعة المحتوى، متعة أم تهديد لصحتهم النفسية؟

تعبيرية

تعبيرية

تتزايد ظاهرة خروج الأطفال كصناع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أصبح الطفل في سن صغيرة يفكر في كيفية تقديم محتوى عبر الصفحة التي ينشئها له والداه لجني المشاهدات، سواء كان المحتوى متعلقًا بالطبخ أو الأعمال الخيرية أو غيرها، بغرض كسب التعاطف.

هوس الظهور المبكر

وفي وقت سابق، أشار أحد مستخدمي مجموعة مغلقة على فيسبوك إلى مشاهدة طفل يُجبره والدته على تقديم محتوى مرئي، واصفًا ذلك بأنه جانب مظلم من الظواهر التي نراها على المنصات، مقارنة بآخرين لديهم هوس حقيقي بالظهور ويقدمون عشرات المقاطع أسبوعيًا على فيسبوك أو تيك توك.

وتواصلت "تليجراف مصر" مع استشاري العلاقات الأسرية الدكتور أحمد علام، والدكتورة إيمان عبدالله، استشاري الطب النفسي، لطرح تساؤلات حول التوازن بين حق الأهل في مشاركة حياتهم وحق الطفل في الخصوصية والحماية من الاستغلال العاطفي والمعنوي.

هوس الظهور لدى الأطفال

وقال الدكتور أحمد علام إن هوس الظهور غالبًا ما يبدأ من التقليد، عندما يشاهد الطفل أقرانه يقدمون محتوى على مواقع التواصل، فيحاول محاكاتهم، خاصة مع وجود تشجيع من الأهل أو الأصدقاء أو الإخوة.

استشاري العلاقات الأسرية الدكتور أحمد علام

وأضاف أن هذا الظهور قد يكون له جوانب إيجابية إذا تم توجيهه بشكل سليم، مثل تنمية الثقة بالنفس، القدرة على التعامل مع الآخرين، إبراز الموهبة، والتغلب على رهبة الظهور، لكنه قد يحمل آثارًا سلبية حال تعرض الطفل للسخرية أو التنمر، مما يؤدي إلى مشكلات نفسية وشعور بالتمرد.

التركيز على الموهبة الحقيقية

وأكد علام أن دور الأسرة أساسي في الرقابة والتوجيه، مشددًا على ضرورة ألا يكون الظهور متكررًا أو بلا حدود، وأن يقتصر على فترات متباعدة مع التركيز على الموهبة الحقيقية للطفل، وليس تحويل حياته بالكامل إلى محتوى رقمي.

وأوضح أن الضغط النفسي الناتج عن إجبار الطفل على تصوير عدد كبير من الفيديوهات قد يظهر له علامات خطيرة مثل الانعزال، رفض اللعب مع الأصدقاء، الغرور، وعدم تقبل الآخرين، وهي آثار قد تمتد على المدى الطويل.

وأشار إلى أن خصوصية الطفل قد لا تكون محمية في هذه الحالات، حيث يُفرض عليه الظهور دون القدرة على التعبير عن رفضه أو الحفاظ على خصوصيته. لذا من الضروري الصبر على الأطفال حتى تتضح مواهبهم بشكل طبيعي دون ضغوط.

رأي استشاري الصحة النفسية

وقالت استشاري الصحة النفسية الدكتورة إيمان عبدالله إن إجبار الأم طفلها على التصوير رغم رفضه يُعد انتهاكًا واضحًا للحدود النفسية والخصوصية وشخصية الطفل، ويعتبر شكلًا من أشكال الإساءة النفسية، إذ يتم التعامل مع الطفل كوسيلة لتحقيق المال أو الشهرة، وليس كإنسان له مشاعر واحتياجات.

استشاري الصحة النفسية الدكتورة إيمان عبدالله

وأكدت الدكتورة إيمان أن هذا السلوك يلغي ذات الطفل وشخصيته، ويؤدي إلى خلل في الجانب العاطفي والشعور بالقيمة، ويخلق شعورًا دائمًا بالخوف من الفشل وغضبًا مكبوتًا قد يظهر لاحقًا في صورة سلوك عدواني أو اندفاعي.

تعزيز ثقة الطفل بالنفس

وأشارت إلى أن تقدير الطفل لذاته يصبح معتمدًا على رضا الآخرين، ما يترك أثرًا نفسيًا عميقًا مثل الخجل، والألم المزمن، وصعوبة قول "لا"، وزيادة احتمالية التعرض للاستغلال مستقبلًا.

تعزيز ثقة بالذات 

وأكدت الدكتورة إيمان أن العلاج النفسي يركز على إعادة الاعتبار للصوت الداخلي للطفل، وتعليمه أن من حقه الرفض وأنه غير مخطئ، مع تعزيز قيمته كإنسان وليس كصانع محتوى، مشددة على أن إجباره على الظهور يجعله يشعر وكأنه سلعة، وهو أخطر ما يمكن أن يتعرض له الطفل، لأن الجسد والمشاعر هما أساس الأمان النفسي.

كما حذرت من أن هذا النوع من القهر قد يؤدي إلى صدمات نفسية صامتة، اضطرابات قلق، اكتئاب، وعلاقة معكوسة داخل الأسرة يصبح فيها الطفل مسؤولًا بدلًا من أن يكون محميًا.

اقرأ أيضا:

يوسف وليد.. حكاية أصغر بلوجر تحدى صناع المحتوى الهابط بأعمال الخير

"تعالوا اشتروا من عند جدو".. صغير يعيد الروح لمحل نظارات عمره 60 عاما

search