تراث ورمز للهوية.. أقدم شجرة في العالم "لبنانية"

أشجار الزيتون شائعة في شمال لبنان، لكن في قرية بشعلة بالتحديد توجد أشجار يتجاوز عمرها مئات السنين، تمثل لسكانها رمزا وتراثا ثقافيا بجانب كونها مصدر رزق وفير، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

أشجار نوح

تنمو أغصان الشجرة في كل اتجاه، ويخترق جذعها التجاويف والثقوب الكبيرة بما يكفي لاستراحة شخص عابر، ويعتقد الكثيرون أن عمر هذه الأشجار العملاقة يتجاوز ألف عام، وتعرف باسم "أشجار نوح".

شجرة عمرها 1100 عام

ووفقا لنيويورك تايمز، فقد حدد العلماء عمرًا أكثر تحديدًا للعديد من أشجار الزيتون في بشعلة ووجدوا أن أغلبها يتراوح عمرها بين 500 عام، لكن هناك شجرة واحدة يبلغ قطرها 14 قدمًا، عمرها أكثر من 1100 عام، وهي أقدم شجرة زيتون في العالم.

ولم يتم تأريخ العديد من أشجار الزيتون الكبيرة الأخرى بشكل موثوق، على الرغم من الأهمية الثقافية والروحية والاقتصادية لهذه الأشجار في أماكن مثل البحر الأبيض المتوسط.

وقال خوليو كاماريرو، عالم التأريخ الشجري في معهد البيرينيه للبيئة في سرقسطة بإسبانيا، والذي قاد دراسة أشجار بشعالة، إن تحديد أعمار أشجار الزيتون علميًا يمثل تحديًا، لأن هذه الأشجار غالبا ما تفتقر إلى حلقات نمو منتظمة.

وتشكل معظم أنواع الأشجار حلقات نمو سنوية، حيث يمكن للباحثين حساب عدد الحلقات في عينات الخشب المستخرج من العينات الحية وتحديد عمر الشجرة بدقة.

لكن أشجار الزيتون، التي أظهر العلماء سابقًا أنها يمكن أن تعيش مئات السنين غالبًا ما يكون لها حلقات نمو سنوية غير منتظمة أو حتى مفقودة، بجانب أن أشجار الزيتون القديمة تظهر جذوعًا متعددة وأجزاء داخلية مجوفة وتقلبات نمو أخرى تجعل من الصعب تحديد أعمارها، حتى علماء حلقات الأشجار المحترفين يواجهون مشكلة مع أشجار الزيتون.

ونظراً للصعوبات المرتبطة بعد حلقات أشجار الزيتون، حاول الباحثون استنتاج أعمار أشجار الزيتون بناءً على أقطارها، ومع ذلك، قد تكون تقديرات العمر هذه غير مؤكدة، نظرًا لأن خصوبة التربة والظروف المناخية وعوامل أخرى يمكن أن تؤثر على نمو الشجرة؛ حيث أن الحجم ليس مقياسا للعمر.

في عام 2018، توجه عدد من الباحثين إلى بشعلة، الواقعة على بعد حوالي 50 ميلاً شمال بيروت، وبإذن من وجهاء القرية، قام الباحثون بقطع عينات من الخشب من 11 شجرة زيتون، لم يكن الفريق يقوم بإحصاء حلقات الأشجار، لذلك لم يكن ضروريا الحصول على عينة مستمرة من الخشب من مركز كل شجرة إلى لحاءها، وبدلاً من ذلك، خطط الباحثون لاستخدام التأريخ بالكربون 14، لتقييم أقدم الأخشاب من كل شجرة.

واستخرج الباحثون الكربون من كل عينة يبلغ حجمها نصف بوصة تقريبًا.. ومن خلال مقارنة الوفرة النسبية لاثنين من نظيري الكربون - الكربون 12 والكربون 14 المشع - استنتج الفريق مقدار الوقت المنقضي منذ تشكل هذا الخشب.

حصل الفريق على تقديرات موثوقة لعمر أربع أشجار: من المحتمل أن يتراوح عمر ثلاث منها بين 500 و700 عام، وعمر إحداها حوالي 1100 عام.

وقال كونسيبسيون مونيوز دييز، عالم الزراعة في جامعة قرطبة في إسبانيا، والذي لم يشارك في البحث، إن هذه الأعمار منطقية.

مهما كان عمرها الحقيقي، تعتبر أشجار الزيتون بمثابة كنوز حية لأهالي بشعلة.

وقال رشيد جعجع، مالك إحدى الأشجار والقائم على رعايتها ورئيس بلدية بشعلة السابق؛ إنها تمثل التراث الثقافي لسكان القرية، وهي بمثابة مصدر فخر ورمز للهوية المحلية.

وأشار إلى أنه في كل خريف، يجتمع سكان القرية عند الأشجار لجني ثمار الموسم، ويعمل القرويون يدويًا أو بأجهزة تشبه المجارف، ويجمعون مئات الأرطال من الزيتون الأخضر والأرجواني، ويحفظ بعض تلك الفاكهة للأكل، وبعضها الآخر يعصر للحصول على الزيت.