فاشلون في قمة العبقرية!
توماس أديسون صاحب أحد أهم الاختراعات في تاريخ البشرية، الذي سجلت له أكثر من ألف براءة اختراع أبرزها على الإطلاق "المصباح الكهربائي"،
هذا الرجل الذي أنار حياتنا ليلاً بالمعنى الحرفي للكلمة، لم يلتحق بالمدارس سوى ثلاثة أشهر فقط، ووصفته مديرة مدرسته بأنه غبي وبليد، لكن كان لأمه موقف مختلف، إذ آمنت بابنها وواجهت منتقديه، ووفرت له الحماية النفسية من حكم المدرسة القاسي، حتى كتب اسمه بحروف من نور في التاريخ.
هناك مئات النماذج على غرار توماس أديسون، لم ينالوا حظاً وافراً من التعليم أو يثبتوا تفوقاً كبيراً في الدراسة لكنهم حققوا إنجازات مبهرة في مجالات يرتبط معظمها بالعلم، بفضل نشأتهم في بيئة صحية.
يخوض كثير من الآباء بكل أسف معاركهم من خلال أبنائهم، ويحاولون تعويض إخفاقاتهم الشخصية بإنجازات الأبناء، وهذا يحولهم إلى قوة قاهرة ضاغطة لها تأثير سلبي ومدمر في أغلب الأحيان!
عالم الكيمياء والفيزياء الانجليزي مايكل فاراداي، يعد من أكثر 28 شخصية أثرت في تاريخ البشرية حتى الآن، بما قدمه من قوانين علمية ونظريات، يصف نفسه بأنه كان طالب علم عادي وربما أقل من العادي، ولم يثبت تفوقاً يذكر خلال المراحل الدراسية المختلفة
وضاعف من حجم مشاكله، أنه كان ألثغ "يعاني مشكلة في النطق، فدأبت مدرسته على ضربه والتنمر عليه والسخرية منه معتقدة أن هذا قد يجعله يتحسن، وقبل أن تدمره تماماً، سحبته أمه من المدرسة لقناعتها بأن صحة ابنها النفسية أهم من التعليم!
الوضع معكوس لدينا بكل أسف، فتجد الممرض يكاد يموت قهراً لو فشل ابنه في الالتحاق بكلية الطب، ويعامل طفله منذ ولادته باعتباره طبيب المستقبل!
وقس على ذلك أمين الشرطة الذي يحلم بأن يصبح ابنه ضابط، والأسوأ الآن ما نراه من ضغوط رهيبة يضعها كثير من الآباء على أبنائهم إذا ظهرت لديهم بوادر تفوق في الرياضة وتحديداً كرة القدم، فتجد الأب يحلم ليل نهار بأن لديه محمد صلاح جديد في المنزل، ويلاحق ابنه خلال التمارين والمباريات ويصب عليه اللعنات لو أخطأ في تمريرة متوقعاً أنه سوف يخرج ناراً من فمه!!
ما نفعله في كثير من الأحيان مع أبنائنا ليس عدلاً على الإطلاق، إذ نخنقهم بأحلامنا وطموحاتنا، دون مراعاة لإمكاناتهم أو أفكارهم أو رغباتهم الشخصية!
والأسوأ من ذلك بكل المقاييس أن نضعهم في مقارنات مع أقرانهم من أبناء العمومة أو الأقارب أو حتى الأصدقاء، ويا له من سلوك مدمر للأب والابن، إذ يولد أحقاداً غير مبررة، ويزرع في الطفل صفات بغيضة مثل الكراهية والحسد!
تخيلوا أن بيل غيتس مؤسس مايكروسوفت ترك جامعة هارفارد العريقة رغم تميزه ونبوغه، لانه شعر أنها ليست الأفضل لطموحه، وها هو الآن يوظف لديه كل الذين تفوقوا عليه دراسياً..
الضغط النفسي على أبنائنا لا يولد سوى الضرر، وبقدر اعتقادنا أن هذا النمط من التربية أفضل لمستقبلهم، بقدر تسببه في خلق نوع من الجفاء وبرود المشاعر بمرور الوقت، وسينعكس في أقرب فرصة إلى قطيعة بين الابن وأبيه، إذا لم يتسبب في عواقب أكثر ضرراً وتدميراً
شاهدت الفيلم الوثائقي للاعب الكرة البرازيلي الشهير نيمار، واستوقفني علاقته بوالده، فالأخير تعامل مع ابنه كمشروع واعد منذ صغره، وبذل قصارى جهده لتأمين حياته ومستقبله، فيما كان الابن في أمس الحاجة لنوع من العطف والدفء والاستمتاع بحياته،
الأب محق في موقفه من وجهة نظره، والابن كذلك، لكن النتيجة أن كليهما يكره تصرفات الآخر، وبمرور الوقت اتسعت الهوة بينهما، وهذا ما يجب أن نحذر منه، حتى لا نشعر في نهاية الأمر أن أولادنا يقابلوا كفاحنا معهم بجزاء سنمّار!
ترجم الأديب الكبير إحسان عبدالقدوس هذه العلاقة المعقدة بين الآباء والأبناء في رائعته أمبراطورية ميم التي يعيد الفنان الرائع خالد النبوي تقديمها حالياً ضمن دراما رمضان، وبشكل عام يجب أن نتعلم كيف نربي أبناءنا دون تشدد أو تفريط فيما يتعلق بالحماية والطموح..
الأكثر قراءة
-
بالمستندات، نص التحقيقات مع نائب رئيس مجلس إدارة مدرسة ضحايا الاعتداء بالإسكندرية
-
14 وفاة في غزة خلال 24 ساعة جراء المنخفض الجوي
-
الذهب يشتعل عالميًا ويسجل أعلى مستوى في 7 أسابيع، ما أسباب الصعود؟
-
المستقلون يقلبون الطاولة في أسيوط، من الهاوية إلى صدارة المشهد الانتخابي
-
سعر صرف الدولار مقابل الجنيه اليوم السبت 13 ديسمبر 2025
-
سر الـ 100 أسطوانة، محمد فهيم يكشف كواليس فيلم "الوصية" عن حياة الشيخ محمد رفعت
-
السقوط الأول لـ توروب، إنبي يهزم الأهلي 1-0 بكأس عاصمة مصر
-
"كميات محدودة"، الحكومة تعلق على تسرب مياه الأمطار إلى بهو المتحف الكبير
مقالات ذات صلة
منظومة بلا محاسبة.. لماذا لم يعتذروا لنا؟
13 ديسمبر 2025 12:51 م
قضية "سيدز".. التجارة بالألم وعدالة "الحقيقة"
08 ديسمبر 2025 05:59 م
برلمان على حافة الفراغ!
30 نوفمبر 2025 07:10 م
رمضان المسكين.. هل يجب أن نتعاطف مع متهم لأنه نجم؟!
28 نوفمبر 2025 03:49 م
انتخابات كاشفة.. ومشاهد مؤلمة.. ووطن يحتاج الجميع
25 نوفمبر 2025 06:04 م
بيان الرئيس.. لحظة حاسمة لضبط النزاهة وحماية إرادة المصريين
17 نوفمبر 2025 01:27 م
ليسوا رجالاً.. وكلنا شركاء في الجريمة!!
14 نوفمبر 2025 04:46 م
من الورقة الدوارة إلى المرشح الفضائي.. هل ينتصر الناس لمن يستحقهم؟
09 نوفمبر 2025 02:11 م
أكثر الكلمات انتشاراً