"المال الرخيص" يورّط أمريكا في أزمة مالية غير مسبوقة.. احذروا "الزومبي"

هل سمعت يومًا عن الموتى الأحياء (الزومبي) في عالم الشركات؟.. تلك الشركات تتغذى على القروض منخفضة الفائدة لتستمر على قيد الحياة ودونها تموت، فهي لا تحقق أرباحًا حقيقية. 

شركات “الزومبي” استفادت من بيئة الفائدة المنخفضة لعقود، لكن مع توقف البنوك المركزية الكبرى، بقيادة البنك المركزي الأمريكي، منذ مارس 2022، عن سياسة “المال الرخيص” باتت غالبيتها على شفا الإفلاس المحقق. 

يتوقع خالد الشافعي، الخبير الاقتصادى ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، في تصريحات إلى “ تليجراف مصر”  أن يشهد العام 2024 ارتفاعًا ملحوظًا في حالات إفلاس الشركات داخل الولايات المتحدة، تحديدًا كون الحكومة نفسها مثقلة بديون ضخمة (33.04 تريليون دولار وفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية في سبتمبر 2023)، وفي وقت من الأوقات سمحت بنمو شركات الزومبي. 

المحاكم الأمريكية تلقت فعليًا طلبات للحماية من الإفلاس في السنة المالية المنتهية في يونيو الماضي بلغت نحو 15 ألفًا و724 طلبًا بزيادة 23% مقارنة بالعام المنتهي في يونيو 2022.

جيش من الزومبي 

واصل المركزي الأمريكي رفع الفائدة منذ مارس 2022 من معدلاتها الصفرية عند 0.25% و0.50% لتقفز إلى أعلى مستوياتها في 22 عامًا عند 5.5% وفق أحدث بيان صادر عن الفيدرالي في1نوفمبر 2023، وهذه المستويات المرتفعة جعلت تكلفة الديون أعلى، وكذلك إعادة هيكلتها، وهو ما شكل ضربة قاضية لشركات الزومبي وفق الشافعي قائلاً:"شركات الزومبي تمتلك جبلًا من الديون ولا تحقق أرباحًا، لذا فهي تستمر في السوق بفضل إعادة هيكلة الديون القديمة".

أوضح “الشافعي” أن ارتفاع الأسعار عالميًا أدى إلى ارتفاع تكاليف التشغيل لدى الشركات الأكثر عرضة للإفلاس (الزومبي) دون غيرها، ومن الطبيعي أن يكون الوضع أسوأ في العام الجديد مع تباطؤ معدلات النمو عالميًا واستمرار مستويات الفائدة المرتفعة.

وبحسب تقرير لوكالة “ستاندرد آند بورز” بتاريخ 3 أكتوبر 2023، فإن نحو 25% من الشركات المدرجة على مؤشر (راسل 3000)، الذي يعكس أداء 3 آلاف شركة أمريكية، لا تستطيع تغطية نفقات الفائدة شهريًا من إيراداتها الفعلية، ما يجعلها أقرب إلى جيش من الزومبي قد يخرج عن السيطرة في أي وقت. 

سقوط “وي وورك” الأمريكية

 أحدث مثال على شركات الزومبي هي شركة “وي وورك” الأمريكية التي كانت قيمتها في 2019 نحو 47 مليار دولار لتنخفض بعد عامين إلى 10 مليارات دولار، ومنها إلى تقديم طلب للحماية من الإفلاس في 6 نوفمبر 2023 لتضع نفسها تحت الفصل الـ11 من قانون الإفلاس الأمريكي بعد تراجع أسهمها بأكثر من 99%. 

هذا الإجراء يمنح الشركات (غير القادرة على سداد ديونها) فترة سماح أقصاها 18 شهرُا للوصول إلى خطة لإعادة هيكلة ديونها. وفي حال فشلت في الحصول على موافقة الدائنين سيكون مصيرها المحتوم هو التصفية (بيع الأصول لسداد الديون)، كون الشركات تلجأ لطلب الحماية من الإفلاس بعد أن تكون بالفعل استنفذت كافة الخيارات المتاحة لسداد الديون.

خطر في الأفق
 

وجود شركات مهددة بالإفلاس داخل أكبر اقتصاد في العالم وإن كان لا يزال أقل من مستويات العام 2019 البالغة 22 ألفًا و483 شركة تقدمت بطلبات حماية من الإفلاس، إلا أنه يشكل خطرًا على الاقتصاد العالمي، حال خروجها عن السيطرة، وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز في 3 نوفمبر 2023. 

يرى الدكتور خالد الشافعي أن خروج شركات الزومبي عن السيطرة في أمريكا أثره قد يمتد إلى غيرها من البلدان حال وجود فروع أو استثمارات لهذه الشركات في أسواق أخرى، غير أن احتمال تأثير الدومينو يظل قائمًا على غرار ما حدث أثناء أزمة بنك  سليكون فالي الأمريكي  في 10 مارس 2023 الذي وصف بأكبر إفلاس مصرفي منذ 2008، وتبعه إفلاس بنكين في أمريكا وصفقة إنقاذ حكومي لمنع انهيار ثاني أكبر بنك في سويسرا كريدي سويس في 19 مارس 2023.