أنا أحمد المنسي.. حيّ لا أموت
تامر إبراهيم
أنا اسمي أحمد صابر محمد علي منسي، عمري الآن 46 عامًا، عشت منهم 39 سنة بين الناس، و5 سنوات في عالم أفضل.. طولي يساوي امتداد القطر المصري، وعريض المنكبين كاتّساع حدوده، أشبهُ الكلّ ولا أشبه أحدا.
أنا أول الشهداء منذ فجر الوطن ولكن اسمي مختلف، خضتُ مع “سقنن رع” أولى المعارك لتحرير الوطن من الهكسوس، ثم خضت آلاف المعارك لردع الغاصبين.. أنا أول المقاتلين ولست آخرهم، ستجد اسمي مختلفًا وزمني متباعدًا، يموت جسدي ولا يموت إيماني، يورث من زمن إلى زمن.
في منيا القمح بالشرقية كتبت أول حروف كتابي، وفي سيناء كان آخرها، وبينهما كنت أحد خريجي الدفعة 92 حربيّة، وجهتُ بوصلتي صوب الصاعقة، وكنت مقاتلا في الكتيبة 999، بدأت خدمتي ملازمًا وأنهيتها عقيد أركان حرب.
كان أبي “طبيبًا للغلابة”، ورثت منه تركة الإيمان بقومي، عرفت “منار” زوجتي سابقًا وأرملتي حاليًا، تزوجتها في عام 2005 بعد فترة خطوبة عام وأربعة شهور.
تقدمت للحصول على فرقة “سيل” الأمريكية، وفي الاختبارات النهائية قبل موعد اختبار القفز بأربعة أيام كُسرت قدمي من قسوة التدريبات، كان الجبس سيمنعني من الاستكمال، ولكني ربطت قدمي بـ “رباط ضاغط” وفوقها أكثر من جراب ثقيل، واجتزت الاختبار وأنا أبكي مع كل قفزة متحملًا قسوة الألم، لكن هدفي كان اجتياز الفرقة.
في أمريكا واجهت عنصرية ضد العرب والمسلمين، من بين مشاهدها أن محاضرًا أساء للمسلمين ووصفهم بالإرهابيين وسبّ القرآن، ولم يردعه أحد، لكني غامرت بمصيري ومستقبلي واعترضت على تصرفاته، لكن يد الله أقوى من يد القادة. كنت محبوبًا ومشهورًا بشجاعتي، أنقذت حياة زملائي هناك، ومنهم من كاد يغرق حينما فقد وعيه في منطقة دوامات بالمحيط.
عدتُ من أمريكا عام 2007، خدمتُ بقواتنا المسلحة بمنطقة أنشاص، ثم في 2009 التحقتُ ببعثة الملحقين العسكريين كمساعد للملحق في باكستان، مكثتُ هناك عاما، ثم عدتُ لأستكمل خدمتي بين مدرسة الصاعقة والوحدة 999، ذهبتُ لسيناء بعد ثورة 30 يونيو، ثم توليتُ قيادة الكتيبة 103 صاعقة عام 2016.
في طفولتي، كنت ادّخرُ مصروفي لشراء مسدسات ودبابات ألعب بها، كنت أريد أن أصبح مثل خالي الذي كان لواءً شارك في حرب اليمن وله بطولات، وكبرتُ وصرتُ مثل خالي، لكن تلك المرة كابوسًا للجماعات الإرهابية.
كنتُ هدفًا للتكفيريين بعد أن شاركت زملائي في القضاء على مئات منهم، حتى أعدّوا العدة في 7 يوليو 2017، دفعوا بـ150 إرهابيا على 12 عربة دفع رباعي مدججة بالسلاح، بالإضافة إلى قذائف هاون وآر بي جي وجيرنوف، غير القنابل اليدوية، كان يريدون السيطرة على “كمين البرث” ورفع علمهم عليه، لكن رجال الكمين سطروا ملحمة.
استمرت معركتنا ضدهم ساعات، أسقطنا منهم عشرات، ودافعنا عن “برثنا”، حتى طالتني رصاصة قناص أردتني شهيدًا، فمت وأنا أحمل سلاحي وأحقق حلمي الكبير في الشهادة على أرض سيناء، كانت وصيتي أن أدفن بـ"الأفارول، وكان أملي الثأر لدماء إخوتي والذود عن وطني.
الآن أنا لستُ هنا، لكني أيضًا في خدمتي بالقوات المسلحة، أحمل اسمًا ووصفًا وجسمًا مختلفًا، فأنا لستُ أحمد المنسي، أنا المقاتل المصري الذي لا يحلم إلا بالشهادة لأجل وطنه.

الأكثر قراءة
-
وفاء في المطار وهبة قفلت الحساب".. منشور لـ أحمد مهران يشعل "السوشيال ميديا"
-
بعد مرور شهر.. حقيقة تفعيل قانون الإيجار القديم اليوم
-
بائعة الفسيخ والأردنية وفتاة قمرون.. جيوش الزومبي | خارج حدود الأدب
-
"اتعاملوا معاها كرقم في جدول العمليات".. رسالة مؤثرة من خالة نورزاد ضحية الإهمال الطبي
-
غاز CO2..ما السبب الحقيقي وراء انفجار حفل رمضان؟
-
نتيجة تنسيق المرحلة الأولى 2025.. الموعد والرابط الرسمي
-
بنت تنظيم الإخوان.. كابتن إيلا تحرض على الفلسطينيين نهارًا ووالدها يسب مصر ليلا
-
انفجار أسطوانة بوتاجاز بمطعم في سوهاج يوقع 10 مصابين.. و"الحماية المدنية" تتدخل

أخبار ذات صلة
بطون غزة جائعة وإسرائيل تستخدم خدعة "الهدن الإنسانية" لمواصلة القصف
02 أغسطس 2025 12:24 م
"كان عاملها حصّالة".. استخراج 6500 جنيه من بطن مريض بقصر العيني
02 أغسطس 2025 11:30 ص
صفقات الأسلحة الفاسدة.. "الناجي الوحيد" من 10 لاعبين في الزمالك
31 يوليو 2025 03:37 م
بين الظلام والظمأ.. كيف قضى سكان الجيزة 48 ساعة عصيبة؟
30 يوليو 2025 04:55 م
اعتراف بريطاني محتمل بفلسطين.. خطوة رمزية أم بداية تغيير؟
30 يوليو 2025 03:46 م
عسل والشربيني والشوربجي.. أبطال في الإسكواش وأزمات خلف الكواليس
29 يوليو 2025 10:39 ص
21 شهرًا من الدعم المصري.. القاهرة في قلب قضية غزة
28 يوليو 2025 04:32 م
ما هو معبد إيكوين؟ الذي زاره صلاح رفقة بعثة ليفربول
28 يوليو 2025 09:17 م
أكثر الكلمات انتشاراً