الخميس، 05 يونيو 2025

09:09 م

يوم الطفل في كوريا الشمالية.. احتفال رسمي يخفي واقعا مريرا

زعيم كوريا الشمالية مع الأطفال

زعيم كوريا الشمالية مع الأطفال

تحتفي كوريا الشمالية باليوم العالمي للطفل، في الأول من يونيو، وكاستثناء يسمح للأطفال بالخروج عن نمط الحياة المتحفظ والمنغلق ليوم واحد، يحظون فيه ببعض الفعاليات المقامة في عدة مناطق على مستوى الجمهورية.

اليوم العالمي للطفل في كوريا الشمالية

 ويُعد هذا اليوم من المناسبات القليلة التي يُسمح فيها لأطفال كوريا الشمالية، بتذوق بعض أطياف طفولتهم، فيتحررون من النمطية المنغلقة، ويسمح لهم بالبهجة والمرح وسط فعاليات احتفالية في المدارس والساحات.

ويُسمح لهم بزيارة الحدائق الترفيهية والمشاركة في عروض فنية ورياضية جماعية، وفي العاصمة بيونغ يانغ، يقام مهرجان ضخم في ملعب "مانغيونغداي للأطفال"، ويشارك فيه أطفال من مختلف أنحاء البلاد، يرتدون زيًا موحدًا ويقدمون رقصات وأناشيد تُظهر "حبهم للزعيم"، في طقوس تعكس أكثر مما تُخفي.

الزعيم كيم جونج أون مع أطفال كوريا الشمالية

وفي حقيقة الأمر فلا تسير الإدارة الكورية على نهج العالم بالاحتفال بيوم الطفل، والذي يوافق 20 نوفمبر في جميع الدول، لتختار 1 يونيو للاحتفال بأطفالها، ولكن السبب يرجع لمأساة صادمة قد لا تخطر على بالك.

وفقًا لصحيفة NK News، فاختير هذا اليوم تحديدًا لتخليد ذكرى ضحايا مذبحة ليديتشي، واعتبر اليوم مناسبة رسمية منذ 1950 تقبع تحت قشرتها آلام سوداوية للقمع والتعذيب وسلسلة الاعتقالات القمعية.

القصة السوداوية

حدثت مذبحة ليديتشي أثناء الحرب العالمية الثانية في قرية لها ذات الاسم، تقع في منطقة تشيكوسلوفاكيا عام 1942، وآنذاك اقتحمت القوات النازية القرية لتجهز على سكانها، فأعدمت الرجال بوحشية، وجرت النساء إلى معسكرات الاعتقال، وخطفت الأطفال لتخضع فئة منهم للتجنيد الجبري والتجارب المعملية، أما عن الفئة المتبقية فتفننت في إزهاق أرواحهم بطرق مروعة، على مرأى ومسمع من الباقين.

ورغم الذكرى الأليمة، إلا أن الاتحاد النسائي الديمقراطي الدولي رأى فيها إلهامًا من نوع خاص، ما دعاه لتخليد المأساة ضمن إطار الاحتفال بيوم للطفل الكوري، وما كان من كوريا الشمالية، التي كانت آنذاك حليفًا شيوعيًا للاتحاد السوفيتي، إلا أن تبنّت الفكرة وأقرت بها كقرار رسمي في البلاد، ضمن إطار التعبير عن التضامن مع قضايا الشعوب.

الطفولة تحت القيود.. واقع الأطفال في المجتمع المغلق

ورغم الصورة التي قد تتبادر لذهنك عن اليوم الاحتفالي للطفل، فالواقع مغاير تمامًا لذلك، فواقع أطفال كوريا الشمالية بعيد عن كل ما يمس للبهجة بصلة، إذ يمر الأطفال هناك بتحديات كثيرة تحت إطار الفقر ونقص الغذاء، وتمتد إلى التعليم المؤدلج والعمل القسري.

ووفقًا لما نشرته شبكة BBC البريطانية، فتشير تقارير المنظمات الحقوقية إلى أن ملايين الأطفال في كوريا الشمالية يعتمدون في نظامهم الغذائي على نظام الحصص التموينية الحكومية، التي غالبًا ما تكون غير كافية، ما يؤدي بطبيعة الحال لانتشار عدة أمراض خاصة بالنمو كسوء التغذية والتقزم بين الأطفال في المناطق الريفية.

أما عن التعليم والذي يعتبر أداة للولاء السياسي، فيأتي الإذعان والولاء التام لزعيم الدولة كيم جونج أون، حتى قبل المقررات الدراسية، وتعلم المهارات المعرفية، بشكل مكثف عملًا بأيديولوجيا "جوتشي"، وهي فلسفة الاستقلال الذاتي التي وضعها مؤسس الدولة كيم إيل سونغ، وتتضمن جزءًا كبيرًا من اليوم الدراسي، يُخصص لتعليم الأطفال الولاء للزعيم، وترديد الشعارات السياسية، ورسم صور للزعيم أو كتابة رسائل “امتنان”، وإلزام النشأ بالانضمام إلى "اتحاد الأطفال الكوري"، وهو تنظيم شبه عسكري يُعدهم فكريًا وذهنيًا للانخراط لاحقًا في منظمات أكثر صرامة، مثل اتحاد الشبيبة الاشتراكي.

الطفولة المؤجلة في كوريا الشمالية

أما عن الأطفال الأقل حظًا والذين ينشأون في المناطق النائية والفقيرة، وبحسب ما ذكر في جريدة الجارديان العالمية، فيخضع هؤلاء الأطفال لأنظمة العمل القسري، في مجالات عدة كالزراعة والبناء، ضمن آليات خاصة وضعتها الدولة تحت إطار"المشاركة الوطنية"، ما  يحرمهم من حقهم الأساسي في التعليم واللعب والنمو.

search